ستكون قطر عاصمة للكرة الصغيرة العالمية، باحتضانها لأول مرة في تاريخها بطولة العالم لكرة اليد (رجال) في طبعتها ال24 المقررة من 15 يناير إلى الفاتح فبراير المقبل، بمشاركة 24 منتخبا، من بينهم الجزائر التي تحضر هذا العرس العالمي للمرة الرابعة عشرة. ووزعت المنتخبات المشاركة على أربع مجموعات تضم كل واحدة منها ستة فرق تتنافس فيما بينها في الدور الأول على أن يتأهل أصحاب المراكز الأربعة الأولى عن كل مجموعة للدور ثمن النهائي. ويتطلع العالم أجمعه إلى متابعة مونديال قطر الذي وعد منظموه بتنظيم دورة تاريخية ستبهر الجميع، سيما وأنهم أعدوا العدة جيدا لتحقيق هذا المسعى، حيث رصدوا ميزانية تقارب 200 مليون أورو، الى جانب اهدائهم للإتحادية الدولية لكرة اليد كأسا عالمية جديدة من الذهب الخالص. كما قررت قطر دعوة الآلاف من المشجعين لحضور الدورة التي تعتبر فرصة سانحة للتعريف بهذا البلد للسياح الأجانب، قبل احتضانه مونديال 2022 لكرة القدم. وستقام بطولة العالم لأول مرة في مدينة واحدة وهي الدوحة حيث ستنظم منافساتها في ثلاث قاعات عصرية شيدت خصيصا لاحتضان هذا الموعد. وينتظر محبو كرة اليد بشغف متابعة أطوار البطولة العالمية التي يتوقع أن يحتدم فيها التنافس بين المنتخبات التي دأبت على لعب الأدوار الأولى في السنوات الأخيرة، في مقدمتها فرنسا العائدة بقوة الى الواجهة الأوروبية و الطامحة للقب عالمي خامس و الدانمارك التي لم تذق أبدا حلاوة طعم التتويج رغم تنشيطها لنهائي الدورتين الماضيتين. من جهته، اختار منتخب البلد المنظم، قطر، اللعب في المجموعة الأولى إلى جانب حامل اللقب العالمي، إسبانيا الذي يعتبر من أبرز المرشحين للتتويج كذلك. ووضعت قطر أهدافا كبيرة لمنتخبها، حتى لا تكتفي بخوض المونديال على أراضيها، من أجل المشاركة فقط، ولذلك قامت بتطبيق سياسة التجنيس لتدعيم صفوف منتخبها، سيما وأن هذا البلد لا يملك سوى ما يزهو 600 منخرط في كرة اليد، بحسب الأرقام التي تداولتها وسائل الإعلام. وعليه فقد تمت الاستفادة من خدمات العديد من الأجانب المجنسين، على غرار الفرنسي بارتران روتني، اللاعب السابق لشامبيري و لاعب مونتنيغرو زاركو ماركوفيتش و البوسني دانيجال ساريش. ولعل أهم ما ميز مونديال قطر، قبل انطلاقه، هو الجدل الذي أثير قبل أسبوعين من سحب القرعة حول إقصاء منتخب أستراليا، بسبب عدم الاعتراف بكنفدرالية أوقيانوسيا، واستخلافه بمنتخب ألمانيا، وهي القضية التي أسالت الكثير من الحبر. -فرنسا، الدانمارك و اسبانيا أكبر المرشحين للتتويج - ينتظر أن يشهد مونديال قطر تنافسا حامي الوطيس بين العديد من المنتخبات التي ستسعى إلى افتكاك اللقب العالمي، من أهمها اسبانيا التي ستعمل بقوة على الدفاع على تاجها العالمي الذي أحرزته في المونديال الذي أقيم على أراضيها عام 2013 وكرواتيا التي دأبت على لعب الأدوار الأولى في كل دورة وكذا فرنسا و الدانمارك المرشحتان بقوة لاعتلاء الريادة العالمية. فالمنتخب الفرنسي الذي تسيد كرة اليد العالمية من 2008 إلى 2011، و حصد خلالها كل الألقاب العالمية و الأولمبية، وبطل أوروبا 2014، سيحاول استرجاع المجد الضائع في مونديال قطر،سيما وأنه المرشح الأكبر في المجموعة الثالثة التي وقع فيها. فالقرعة كانت رحيمة بمنتخب "الخبراء"، كما يحلو للفرنسيين تسميته، حيث جنبته الوقوع في مجموعة واحدة مع إسبانيا أو منتخب الدانمارك القوي، نائب بطل العالم و أوروبا أو كرواتيا صاحبة الميدالية البرونزية في المونديال السابق. وفي الدوحة، ستكون فرنسا التي يعود آخر تتويج لها باللقب العالمي إلى عام 2011، في رحلة البحث عن لقب خامس عالمي ومن ثم تحطيم الرقم القياسي في عدد التتويجات باللقب العالمي، الذي هو حاليا بحوزتها رفقة رومانيا و السويد (4 ألقاب عالمية). ولتحقيق هذا المسعى، يعول المدرب الفرنسي كلود اونيستا في موعد قطر، على المزاجة بين عنصري الشباب و الخبرة، حيث سيعتمد على موهبة وحيوية الشبان على غرار، بورت، الجناح الايمن، اللاعب المحوري إيغور انيك و الحارس سيريل دومولان و النجم لوكا كراباتيش، وكذا على تجربة اللاعبين المخضرمين، من أمثال تييري أوميير و جيروم فرنانداز و دانيال نارسيس الذين يلعبون للمنتخب الفرنسي منذ 2001. غير أن الحلم الفرنسي قد يتبخر في الدور الثاني، باعتبار أن احتمال اصطدام رفقاء نارسيس، بمنتخب من العيار الثقيل قائم، حيث سيواجهون أحد منتخبات مجموعة الموت قد يكون ألمانيا أو ..الدانمارك. فالمجموعة الرابعة التي وصفت بمجموعة الموت، تضم أحسن المنتخبات العالمية وهي الدانمارك و بولونيا وروسيا و ألمانيا التي تم انقاذها في آخر لحظة، إلى جانب الأرجنتين والعربية السعودية . وتبرز الدانمارك تحت قيادة مدربها الجديد الأيسلندي غودموندور غودموندسون أيضا كمرشح قوي للتتويج باللقب العالمي، معولة في ذلك على قوة لاعبيها الذين يقودهم ميكال هانسن، أحسن لاعب في العالم عام 2011 وأحسن هداف في رابطة الأبطال 2011-2012. كما ستسعى لاستدراك اخفاقها في التتويج بلقب بطولة أوروبا في عقر دارها أمام المنتخب الفرنسي و تجاوز صدمة انهزامها أمام اسبانيا في نهائي مونديال 2013، بنتيجة وصفت بأثقل الهزائم في تاريخ المباريات النهائية (19-36). أما إسبانيا، حاملة اللقب العالمي، فستكون في رواق جيد في الدور الأول باعتبار أنها وقعت في مجموعة تبدو في متناولها حيث ستواجه سلوفينيا و قطر و روسيا البيضاء و البرازيل و الشيلي. ويرشح الملاحظون منتخب كرواتيا الحائز على الميدالية البرونزية في مونديال إسبانيا 2013، للعب الأدوار الأولى، رغم أنه سيلعب المونديال محروما من خدمات حارسه، فينيو لوسار، بسبب إصابته على مستوى الذراع الأيسر و هو الذي كان يعول عليه الكرواتيون كثيرا للبروز في قطر. ومن بين الفرق القادرة على خلط الاوراق يوجد السويد و روسيا و المجر و حتى المانيا للعب الأدوار الأولى في دورة تتميز بالاثارة و التنافس الشديد. --المنتخبات الإفريقية في مأمورية صعبة-- ستكون المنتخبات الإفريقية الثلاثة الحاضرة في البطولة العالمية ال 24 وهي الجزائر، بصفتها بطلة لإفريقيا 2014 و تونس، الوصيفة، و مصر، صاحبة المركز الثالث، في مهمة صعبة في الدوحة. وشاء القدر أن يقع منتخبان إفريقيان في مجموعة واحدة ويتعلق الأمر بالجزائر و مصر،اللذين سيلتقيان في مبارة "داربي"ساخنة المنهزم فيها سيفقد ورقة التأهل مبكرا. الجزائر التي تعتبر أكثر البلدان الإفريقية مشاركة في العرس العالمي (14مرة)، ستخوض غمار منافسات مونديال قطر، تحت قيادة المدرب رضا زغيلي، بهدف التأهل إلى الدور الثاني، رغم صعوبة المأمورية التي تنتظرها في المجموعة الثالثة التي تضم منتخبات قوية للغاية وهي فرنسا و السويد إلى جانب جمهورية التشيك و مصر وإيسلندا التي عوضت الإمارات العربية المتحدة التي أعلنت فيما سبق عن انسحابها من هذه المنافسة. ويعتبر المنتخب الإيسلندي، نائب بطل أولمبياد بكين 2008 وصاحب المركز الخامس في أولمبياد لندن 2012 ، أكثر قوة وخبرة من المنتخب الإماراتي. و بولوجه المجموعة الثالثة، أصبحت مهمة المنتخبين الجزائري و المصري في غاية الصعوية لبلوغ الدور الثاني، بعدما كان الأمر يبدو في متناول اليد بتواجد الإمارات العربية المتحدة. ولمقارعة الكبار في موعد الدوحة، فضل الطاقم الفني الوطني تجديد الثقة في التشكيلة نفسها التي توجت باللقب الإفريقي على حساب تونس، في يناير 2014 بالجزائر، حيث يعول كثيرا على قوة الحارس عبد المالك سلاحجي الذي تعرض مؤخرا إلى إصابة، لكنه شفي منها تماما وعلى موهبة مسعود بركوس و على تجربة محمد مقراني. أما منتخب تونس، نائب بطل إفريقيا لدورة 2014، فسيخوض الدور التمهيدي لنهائيات مونديال قطر، ضمن المجموعة الثانية إلى جانب إيران والنمسا ومقدونيا والبوسنة والهرسك وكرواتيا. وتحسبا للمونديال، أجرى أشبال المدرب سعد حسن افنديتش العديد من المواعيدالتحضيرية، حيث واجهوا وديا بولونيا وروسيا، إلى جانب سويسرا و روسيا البيضاء وسلوفاكيا،في دورة سويسرا الدولية التي فازوا بلقبها. ولتدعيم حظوظه، استنجد المنتخب التونسي بخدمات الثنائي المخضرم وسام حمام، لاعب سان رفائيل الفرنسي وهيكل مقنم، لاعب الجيش القطري، بعد اعتزالهما اللعب الدولي، بعد أولمبياد لندن 2012. ولئن كان مستوى المنتخب التونسي بعيد عن مستوى جيل 2005 الذي احتل المركز الرابع في مونديال تونس، إلا أن تشكيلة "نسور قرطاج" عرفت ميلاد جيل جديد يتمتع بموهبة كبيرة على غرار وائل جلوز، الظهير الأيسر لبرشلونة و عصام تاج، صاحب الخبرة الكبيرة و المتوج لمرات عديدة كأحسن لاعب محوري في البطولة الفرنسية لكرةاليد. بالنسبة لمصر واستعدادا لمونديال قطر، خاض أشبال المدرب مروان رجب العديد من المباريات الودية أمام منتخبات الجزائر و البرازيل و الأرجنتين و إيطاليا و النرويج و المجر و إيران و السعودية و سلوفينيا. ويطمح منتخب "الفراعنة" بعناصره الشابة الى بلوغ الدور الثاني رغم اعتراف رئيس الإتحادية المصرية لكرة اليد، خالد حمودة بصعوبة المهمة في الأراضي القطرية.