أثمرت مفاوضات ماراطونية بين ايران و القوى الكبرى الست بانتزاع اتفاق "تاريخي و شامل" بشأن الملف النووي لطهران من شأنه أي ينهي أزمة بين الطرفين استمرت عقدا من الزمن خضعت طيلتها ايران لعقوبات اقتصادية قاسية بسبب برنامجها النووي. وأعلن رسميا يوم الثلاثاء فى فيينا عن توصل الطرفين الايراني و القوى الست أو ما أطلق عليه مجموعة (5+1) و هي الدول الاعضاء الدائمة العضوية فى مجلس الامن زائد المانيا الى "اتفاق شامل" بشأن مستقبل البرنامج النووي لطهران عقب آخر جولات المفاوضات التي عقدت في العاصمة النمساوية طيلة 17 يوما و بعد انقضاء رابع مهلة محددة للمفاوضات والتي كانت مقررة الليلة الماضية. وعقب عرض الاتفاقية الإطارية في لوزان بسويسرا في الثاني من ابريل الماضي كانت الأطراف تعتزم في الأصل التوصل إلى اتفاق نهائي يضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني يوم 30 يونيو الماضي الا ان بقاء بعض القضايا الصعبة قائمة دفع بالمفاوضين الى تمديد المفاوضات أولا لغاية 7 يوليو ثم إلى 10 يوليو وأخيرا الى 13 منه أي حتى يوم أمس الاثنين. مفاوضات الحسم تتوج باتفاق نووي شامل و تاريخي وبعد دخول المفاوضات خلال الاسبوعين الماضيين المرحلة "الأكثر صعوبة وحساسية" افادت مصادر دبلوماسية ايرانية و غربية صباح اليوم بأن ايران والقوى الكبرى الست توصلت الى "اتفاق نووي تاريخي" سيخفف العقوبات على طهران مقابل كبح برنامجها النووي. وصرح مصدر دبلوماسي ايراني لوكالة انباء /رويترز/ بأن "كل العمل الشاق أثمر وتوصلنا الى اتفاق". و من جهته أكد مصدر غربى مطلع على المفاوضات اليوم توصل ايران والقوى العالمية الست -(الولاياتالمتحدة وروسيا و الصين و فرنسا و بريطانيا) اضافة الى المانيا - الى اتفاق نووى "يخفف العقوبات على طهران" و قال المصدر الذى طلب عدم نشر اسمه "نعم هناك اتفاق". وبموجب الاتفاق تقبل ايران السماح للمفتشين الدوليين بالوصول إلى مواقعها العسكرية في إطار مهام للتفتيش النووي من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وذلك مقابل رفع للعقوبات المفروضة عليها. و حسب وكالة أنباء (فارس) الايرانية شبه الرسمية فان اجتماع شاملا بين ايران والقوى الست يعقد حاليا فى مقر الاممالمتحدة فى فيينا " لمناقشة آخر النقاط المتعلقة بالاتفاق النووى النهائى". تذليل العقبات أمام القضايا العالقة ويأتي الاتفاق اليوم بعد مفاوضات شاقة بدأت قبل 21 شهرا بين ايران - التى دائما ما أصرت على أن برنامجها النووي مخصص لاغراض سلمية بحتة- و الدول الغربية التى كثيرا ما أبدت تخوفها من أن تستغل طهران هذا البرنامج لتطوير سلاح نووي. وخلال محادثات مكثفة طيلة 21 شهرا قامت الأطراف المعنية بحل العديد من القضايا الصعبة في المحادثات وهو ما كان يبدو بمثابة "مهمة مستحيلة" ومن بين تلك القضايا تحديد قدرات ايران النووية وشفافية خطة طهران الذرية. و تخلل هذه المفاوضات كثيرا من العقبات بسبب القضايا محل خلاف و من بينها "إمكانيات الرقابة على مواقع عسكرية ايرانية " الى جانب الجدل حول التسلسل الزمني لرفع العقوبات الاقتصادية عن إيران في حال وفاء الأخيرة بالتزاماتها. و في الثامن من 8 يوليو الجاري أعلن المفاوض الايراني عباس عراقجي أن إيران والقوى الست الكبرى "توصلوا إلى توافق حول ازاله العقوبات الاقتصادية" مشيرا الى أن إيران طلبت ان يتم رفع العقوبات مع توقيع الاتفاق. و قال عراقجي "لقد توصلنا الى توافق لازالة العقوبات المالية والاقتصادية في اليوم الذي يتم فيه تنفيذ الاتفاق". ومن جهته أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو أن الوكالة وقعت "خارطة طريق" مع ايران اليوم الثلاثاء بهدف حل كل القضايا العالقة بحلول نهاية العام" 2015 مشيرا الى امكانية دخول موقع (بارشين) العسكرى الايرانى وهو الامر الذى طالبت به الوكالة مرارا. وفى اطار حسم القضايا العالقة توصلت ايران ومجموعة (5+1) أمس بفيينا الى اتفاق يقضى برفع حظر الاسلحة عن طهران بشكل جزئى مما يسمح لايران بتوريد الاسلحة الدفاعية. وتسعى الدول الغربية لمنع ايران من تصنيع قنبلة نووية باتفاقية نووية شاملة في حين تريد طهران رفع العقوبات الغربية المفروضة عليها التي أضرت بالاقتصاد الايراني بشدة. ايران المستفيد الكبير من الاتفاق و فى تعقيبه على الاتفاق بشأن البرنامج النووي لبلاده كتب الرئيس الايراني حسن روحاني فى حسابه على تويتر " الحمد لله لقد التزمت بوعودي الانتخابية بتسوية المسألة النووية" مضيفا أن "الاتفاق الايرانى يوضح جدوى التواصل البناء . مع حل هذه الازمة التى لا ضرورة لها ظهرت افاق جديدة بالتركيز على تحديات مشتركة". وكان روحاني وعد قبل انتخابه رئيسا في يونيو 2013 بالتوصل إلى اتفاق مع القوى الكبرى لحل الخلاف حول الملف النووي الايراني. من جهته صرح رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي أنه جرت مراعاة كافة الخطوط الحمراء خلال الاتفاق النووي بين بلاده والدول الكبري بشأن حل كافة القضايا محل الخلاف موضحا أنه تمت تهيئة الأرضية من خلال المفاوضات لنقل تجارب الآخرين إلينا خاصة في المجالات التجارية للصناعة النووية. وأضاف أننا ننوي بيع بعض المنتجات الاستراتيجية كاليورانيوم المخصب والماء الثقيل مؤكدا ان إيران "ستدخل نادي الدول" التي تستفيد من التكنولوجيا النووية تجاريا. كما أفادت وكالة الانباء الايرانية اليوم انه سيجرى انهاء تجميد مليارات الدولارات من أرصدة ايران بموجب الاتفاق النووى. وحسب الوكالة نقلا عن ما وصفته ب"ملخص للاتفاق" فان " العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة من الاتحاد الاوروبى والولاياتالمتحدة سترفع عندما يبدأ تطبيق الاتفاق". و قالت الوكالة ان " الحظر والقيود المفروضة على التعاون الاقتصادى مع ايران سترفع فى جميع المجالات بما فى ذلك الاستثمار فى النفط والغاز. وسيجرى الافراج عن مليارات الدولارات من أرصدة ايران المجمدة و رفع الحظر المفروض على الطيران الايرانى بعد ثلاثة عقود و الحظر المفروض على البنك المركزى الايرانى و شركة النفط الوطنية الايرانية وخطوط الملاحة الايرانية وايران للطيران والكثير من المؤسسات الاخرى والاشخاص سيجرى رفعه". (بقلم: شريفة شرايطية)