لازالت الأوضاع الامنية في ليبيا "غير مستقرة" بالرغم من التوقيع على إتفاق سياسي بين الفرقاء الليبيين في 11 يوليو الماضي والذي وإن حقق إنجازات معتبرة في الشق السياسي غير أن العنف والإغتيالات وعمليات الإختطاف تبقى توصم يوميات الليبيين منذ الاطاحة بالنظام السابق في 2011. وكانت الأطراف الليبية قد توصلت بفضل وساطة أممية وبعد عديد المسارات والمحادثات على مدار سنة كاملة في عدد من دول الجوار إلى إتفاق يوم 11 يوليو الماضي يشكل وثيقة تفاهم على استكمال المسار الانتقالي لحل الازمة الليبية, حيث تتطرق لبناء مؤسسات البلاد و لحكومة الوحدة الوطنية و كذا للترتيبات الأمنية. غير أن التوقيع على الاتفاق لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد قيام أطراف الحوارالسياسي الليبي بإقراره واعتماده كاملا وتوقيعه رسميا, علما أنه تغيب على مراسيم التوقيع حكومة المؤتمر الوطني الموجود مقره في طرابلس برئاسة خليفة الغويل, مما طرح تساؤلات حول مستقبل هذا الاتفاق وفرص نجاحه. ومن المنتظر ان تعقد المزيد من جولات الحوار حسب ما كان مقررا بعد عيد الفطر لمناقشة النقاط الخلافية و الملاحق المرتبطة بهذا الإتفاق. وتضمنت المسودة الأممية ثلاث نقاط هي "تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية واعتبار برلمان طبرق الهيئة التشريعية وتأسيس مجلس أعلى للدولة ومجلس أعلى للإدارة المحلية وهيئة لإعادة الإعمار وأخرى لصياغة الدستور ومجلس الدفاع والأمن". أعمال العنف وحالات الإختتطاف لازالت تصنع الأجواء العامة في ليبيا تبقى أعمال العنف وحالات الإختطاف تسود الشوارع اليبية ففي مدينة درنة تجددت الإشتباكات بشكل متقطع يوم أمس الأحد بين مسلحي المجلس والجماعات التي تنسب نفسها لتنظيم (داعش) الإرهابي حيث يشهد المحور الغربي من مدينة درنة "هدوءا حذرا" مع إستمرار تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في المنطقة سيما مع إستمرار إنقطاع الكهرباء عن المدينة لساعات طويلة بسبب الاوضاع الامنية ومعاناة المواطنين في الحصول على الوقود لمركباتهم. وشهدت من جهتها مدينة الكفرة (أقصى جنوب شرق ليبيا) يوم امس إشتباكات بين أفراد من قبيلتي "التبو" و"الزوية" تسببت في مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أكثر من 17 جريحا بينما كان قد قتل الاسبوعين الماضيين 10 اشخاص سقطوا في نفس الاشتباكات علما أن المواجهات بين الطرفينم لاتزال مستمرة في مواقع عدة من المدينة. من جهتها عرفت بوابات مداخل ومخارج مدينة مصراتة في ليبيا يوم أمس إستنفارا أمنيا كبيرا وتشديدا لعمليات التفتيش على السيارات المارة تخوفا من عمليات إنتحارية بعد تهديدات أطلقها تنظيم داعش الارهابي حيث نقوم الكتائب العسكرية المنضوية تحت المجلس العسكري بمصراتة بحراسة و تأمين المنطقة من زليتن غربا حتى أبوقرين شرقا, من خلال دوريات عسكرية برية وبحرية. كما نجا عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي أحمد أبوبكر محجوب من محاولة اغتيال في مدينة /سبها/ حيث دائرته الانتخابية بمنطقة القرضة. غير أنه لم يكن الحال بالنسبة للمستشار بمحكمة إستئناف "مدينة الخمس" سالم محمد النملي الذي اختطف من قبل مجموعة مسلحة تابعة لتنظيم "داعش" في مدينة سرت أثناء مروره على بوابة هراوة الغربية. وفرض تنظيم (داعش) سيطرته بالكامل على مدينة سرت مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي بعد أن تمكن من طرد قوات تابعة ل (فجر ليبيا) المسيطرة على العاصمة طرابلس. واستغل التنظيم المتشدد الذي يسيطر على مساحات من أراضي العراق وسوريا الفراغ الأمني في ليبيا . وتعددت في ليبيا خلال الشهور الأخيرة حوادث الاختطاف والاغتيال التي تستهدف في مجملها شخصيات عامة ورجال قضاء واعلاميين ورجال الجيش والشرطة. الإستقرار الأمني... أهم تحديات الأممالمتحدة والسلطات الليبية أقر المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون بعد أيام من التوقيع على الإتفاق لحل الازمة الليبية أن هذا الأخير حقق إنجازا جيدا على المستوى السياسي ولكن التحدي الكبير الذي تسهر الاممالمتحدة والمجتمع الدولي لتحقيقه هو الإستقرار الأمني. ومنذ البداية كانت الأممالمتحدة تسعى لأن يسير الاطار السياسي والأمني بشكل متوازن غير أن هذا الامر قوبل بالعديد من "العقبات" بحيث توافقت الأطراف الليبية على الجانب السياسي دون ان يرقى هذا التوافق إلى بلوغ الاستقرار والاستتباب الامني. وتسهر الاممالمتحدة في إطار جهودهما للظفر بدعم من الجماعات المسلحة التي تنشط في الواقع كشرط لوقف الأعمال العدائية حيث قال المبعوث الاممي في هذا الشأن "حصلنا على دعم جماعات مهمة في ليبيا ليس جميعها فالتحدي هو الحصول إلى دعم كل الجهات التي لديها أسلحة في الميدان". وأضاف لا أريد ان أعطي نظرة "متشائمة او قاتمة" عن الوضع لقد تمكنا بالكثير من الجهود الى الإتصال بهذه الاطراف المسلحة", مضيفا أن هناك دعم كبير للإتفاق السياسي ولدينا الامل في إننا سنتوصل الى بناء أمن أقوى في ليبيا". ولعل ما زاد من الفوضى في ليبيا منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011, هو ظهور برلمانان وحكومتان, إحداهما بطرابلس والثانية بطبرق وتدور يوميا بالعديد من المدن والبلدات مواجهات خلفت مئات القتلى منذ يوليو 2014. ويرى المتتبعون أنه بدأ يظهر نوع من الوعي السياسي لدى الأطراف الليبية الرافضة للتوقيع على الإتفاق بينما تتواصل الجهود الوطنية بالداخل من أجل اتمام المصالحة والعمل على أن يقوم وفد المؤتمر الوطني بالمشاركة في جولة المفاوضات المقبلة. غير أن الحكومة الغير معترف بها دوليا في ليبيا, والتي تتخذ من العاصمة طرابلس مقرا لها, دعت مؤخرا إلى إطلاق مفاوضات سياسية لحل النزاع في البلاد شريطة ان تعقد داخل الاراضي الليبية ومن دون وساطة دولية. كما سجل الاسبوع المنصرم حادثا أمنيا مميزا بعد التوصل الى التوقيع على إتفاق تهدئة ومصالحة بعد جهود قبلية لإيقاف القتال بين قبيلتي الطوارق والتبو الذي اندلع في مدينة سبها (جنوب) خلال الأيام الماضية. وتشهد المدينة (750 كم جنوب غرب العاصمة طرابلس) اشتباكات مسلحة منذ الجمعة قبل الماضي بين أقليتي الطوارق والتبو خلفت أكثر من 40 قتيلا وأكثر من 100 جريح, بحسب إحصائية مركز سبها الطبي, وفي يناير 2014 قتل 119 شخصا وجرح 243 آخرون في اشتباكات دامت نحو أسبوعين بين قبيلة أولاد سليمان العربية وقبائل التبو غير العربية في سبها. ( بقلم: قارة نوال )