شكل الحرفي النساج العربي عبد الرفيق من تلمسان والمختص في (المنسوج) وهو القماش الذي يستخدم في تفصيل الشدة التلمسانية التقليدية بدون منازع الأكثر استقطاب خلال أسبوع الصناعة التقليدية الذي إفتتحت أبوابه يوم أمس الخميس بقسنطينة. وقد نظم هذا الصالون بقصر الثقافة "محمد العيد آل خليفة" في إطار تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015" ليستقطب العديد من القسنطينيات الباحثات عن أفكار جديدة من أجل ديمومة أناقتهن. وقد عكست النسوة اللواتي أقبلن بكثرة كما عبرن عن اهتمام كبير بهذه التظاهرة على مشاهدة والإطلاع عن قرب على مختلف عينات القماش المنسوج معبرات عن إعجابهن بما أبدعته أنامل هذا الحرفي النساج من استعمال للخيوط الذهبية والفضية ولأنواع الأقمشة الحريرية. وبين الزبونتين المحتملتين كان العربي يحضر قماشه من أجل تقديم "على المباشر" في تفصيلته الجديدة وسط إعجاب الزوار وخصوصا "الزائرات" المعجبين باكتشاف صناعة تقليدية طالما شكلت هوية عاصمة الزيانيين تلمسان. الموهبة بين الخيوط وبفضل حركات واثقة ومنسجمة يقوم الحرفي المتمكن من شغله في تحريك الخيوط الحريرية بفضل دواستين ليقوم بعدها برفع وإنزال خيوط الشبكة أمام مجموعة من النساء المحبات للقماش الجميل. "لقد مرت 27 سنة منذ بدأت أمارس هذه المهنة" كما يوضح هذا الأربعيني ل"وأج" مؤكدا بأنه تعلم هذه المهنة بين دروب المدينة القديمة (أغادير) بتلمسان . وفيما كان العربي يتحدث بحنين عن مساره في فن الحرير كان يواصل مد الخيوط ذات اليمين وذات الشمال بفضل أداة خشبية تستعمل في هذه المهنة الأزلية. "لدينا 3840 خيط أبيض من الحرير في هذه المهنة النسيجية وبعد عدة أيام سيكون بالإمكان تفصيل قطعة قماشية جاهزة ب3 أمتار ونصف" يفيد بفخر هذا النساج مواصلا عمله من خلال حركات ثابتة ومتقنة . ويشير العربي الذي يعد من أقدم ممارسي هذه المهنة بجوهرة المغرب العربي تلمسان إلى "أهمية التموين الجيد بالمادة الأولية" فنوعية الخيط "تكتسي أهمية بارزة لأن هذا الخيط هو الذي يتحكم في نتيجة عملية النسيج كما يمنكم رؤية ذلك" . وفي مزج محكم بين الحركة والكلمة كان الحرفي يعرض بفخر منتوجه وهو قطعة قماش يبدو أن لونها يتغير مع إنعكاس الإنارة المسلطة عليه . "إن هذا القماش مطلوب بكثرة في تلمسان" يواصل العربي متوجها بالكلام لمجموعة النساء اللواتي كن يتابعن بعيون معجبة عمل هذا الحرفي الفنان. الشدة التلمسانية لباس أميري تحلم به القسنطينيات ولدى تطرقه لهذه المهنة "التي أصبحت على مر السنين متعة حقيقية" بالنسبة للعربي أكد هذا الحرفي عن تخوفه من رؤية هذا الفن يندثر ويضيع "بسبب نقص الخلف من المهتمين بهذه المهنة وكذلك الحال نتيجة الضربات التي تلقتها هذه المهنة من طرف النسيج الصناعي". ويرى العربي الذي يحتل مقرا بمركز الصناعة التقليدية بحي باب الزير بتلمسان أن "المنسوج مهنة وفن وتراث ولذلك أنا متيقن من أن تثمين هذا العمل سيسمح بضمان ديمومة واستمرار هذه الصناعة التقليدية الجميلة" . وبدون منازع فإن حضور المنسوج "الحقيقي" لتلمسان على حد تعبير إحدى زائرات الصالون يعد الأكثر استقطابا لهذا الصالون المندرج ضمن أسبوع الصناعة التقليدية أو على الأقل الأكثر استقطابا للزائرين منذ انطلاقة التظاهرة. سواء كن فرادى أو مجموعات فقد كانت الزائرات يبدين اهتمام واسع بكل ما تم عرضه إلى جانب مشاهدة الأسعار والألوان وآخر صيحات التفصيل في مجال منسوج القطاع الوهراني. وبين أولئك اللواتي كن يطلبن قطع قماش أو يشترين بعين المكان أو أولئك اللواتي يطلبن عنوانا لخياطات ماهرات مختصات في الفساتين الوهرانية يبدو بأن هذا كان سعيدا بما حققه من نتائج وربح كونه باع قطعة قماش ذات 3 أمتار ونصف من المنسوج بمبالغ تتراوح بين 25 ألف د.ج و45 ألف د.ج حسب الألوان والأنواع من المنتجات المعروضة. أما "الشدة"... هذا اللباس الجزائري الأصيل الذي لطالما تباهت وتغنت به أميرات الزيانيين فقد تراوح سعرها بين 80 ألف د.ج و150 ألف د.ج . ويبدو هذا المبلغ مبررا بالنظر للنوعية العالية للقماش المستعمل وللحلي التي يتعين لبسها مع هذا اللباس الفاخر الذي صنف من طرف منظمة الثقافة والعلوم للأمم المتحدة كجزء من التراث الثقافي العالمي. إن مثل هذه الصالونات تشكل فرصة جيدة من أجل إماطة اللثام عن مهارة تقليدية "تليدة" يوضح العربي الذي يعود بسرعة لممارسة مهنة النسيج. وبفضل حركات منظمة وإيقاعية يواصل النساج عمله محدثا بعض الحركة التي تشبه أداء وسيلة موسيقية.