تتزامن التحولات الحاصلة في الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي مع تغير في اللهجة الرسمية وتليين في المواقف سواء من داخل سوريا أو من قبل من كانوا لفترات سابقة، كالولاياتالمتحدةوفرنسا، يرون في نظام الرئيس بشار الأسد حجرة عثرة أمام أي تسوية للازمة. الأزمة السورية التي توقعت واشنطن أن تدخل الأزمة السورية، رغم التناقض في الآراء حول مخرجات مسار التسوية، في مرحلة جديدة الأيام القادمة من خلال الانطلاق في مرحلة انتقالية باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى. و برأي المحللين، فإن تسوية سياسية سريعة للأزمة ستسمح بتركيز الجهود السورية والدولية على مكافحة الارهاب و ضرب معاقل تنظيم داعش الإرهابي الذي خرب و هدم البنى التحتية في سوريا و أسقط آلاف الضحايا و مس المرافق الحيوية و محى أجزاء هامة من الموروث الحضاري لسوريا. - الأسابيع القليلة القادمة قد تكشف عن وضع سياسي جديد بسوريا ففي الوقت التي تعالت الأصوات الداعية إلى جمع الفر قاء السوريين "الحكومة والمعارضة السورية" في حوار جديد مع التشديد على أن هؤلاء وحدهم من يجب أن يقرر مصير البلاد من دون تدخل خارجي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، من باريس أن سوريا قد تبدأ مرحلة انتقال سياسي كبير خلال أسابيع بين النظام والمعارضة وذلك على إثر التسوية الدولية التي تم التوصل إليها في ختام محادثات فيينا. "نحن على مسافة أسابيع نظريا من احتمال انتقال كبير في سوريا، وسنواصل الضغط في هذه العملية"، كما جاء على لسان كيري، مضيفا "نحن لا نتحدث عن أشهر وإنما أسابيع كما نأمل". "كل ما نحتاج إليه هو بداية عملية سياسية، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار.. إنها خطوة جبارة"، يقول كيري ملمحا بذلك إلى تسوية تنص على عقد اجتماع بين النظام السوري وأعضاء من المعارضة السورية قبل الأول من يناير المقبل. وتنص تسوية فيينا التي وقعها السبت الماضي عشرون من البلدان الكبرى من بينها روسياوالولاياتالمتحدةوإيران والبلدان العربية والأوروبية- على وقف لإطلاق النار وإجراء انتخابات خلال 18 شهرا، وصياغة دستور جديد. يشار إلى أن رئيس الدبلوماسية الأمريكية كان تحدث مع رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، خالد خوجة، بشأن أهمية الخطوات التالية في سوريا، ومنها اجتماع واسع وشامل للمعارضة السورية وبدء مفاوضات جادة بين المعارضة والنظام، وخطوات من أجل وقف جاد لإطلاق النار. إلى ذلك شدد الرئيسان الفرنسي، فرانسوا هولاند، و الايراني، حسن روحاني، في اتصال هاتفي امس على أهمية المفاوضات بين القوى العظمى بهدف تسوية النزاع السوري ومكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي. وكان نائب وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان، قد أكد أن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يكون طرفا في الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا. روسيا، من جهتها أبدت أملا في تحقيق اتفاق عن قريب بين السلطات والمعارضة على تشكيل حكومة وطنية في غضون 6 أشهر تحل القضايا الملحة وشددت على لسان وزيرها للخارجية على ضرورة تقرير الشعب السوري لوحده لمصير سوريا بما في ذلك مستقبل الرئيس بشار الأسد. و تجدر الإشارة هنا إلى ما توصل ايه دراسات المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة حيث تم التأكيد على انه "بدا أن نجاح نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الحفاظ على تماسك الدولة السورية والتصدي للتنظيمات الإرهابية، يتلاقى مع المصالح الأوروبية، في ظل غياب أي بديل لنظام الأسد قادر على ملء الفراغ الذي سوف يتركه بعد رحيله في ظل الصراعات المتصاعدة بين القوى السياسية المختلفة، وعدم امتلاك المعارضة المسلحة سلطة فعلية على الأرض أو برنامج عمل قابل للتنفيذ". -الأسد يبدي استعداده للتعاون الاستخباراتي مع باريس بشرط "الإرهاب هو ساحة واحدة في العالم وأن التنظيمات الإرهابية لا تعترف بحدود" وفق ما جاء في تصريحات صحفية ادلى بها الرئيس السوري وأعرب فيها عن استعداد بلاده لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع فرنسا إذا غيرت باريس سياستها في سوريا. فرنسا التي كانت من أكثر الدول الأوروبية تشددا تجاه نظام الأسد، فكانت تعتبره "مصدر الفوضى" وتصر على تخليه أو تنحيه عن الحكم. ونقل تلفزيون (الميادين) الذي يبث من لبنان أمس الثلاثاء عن الرئيس الأسد قوله في مقابلة أجراها مع مجلة فرنسية: "نحن مستعدون لتبادل المعلومات الإستخباراتية مع فرنسا إذا غيرت باريس سياستها في سوريا ونحن نادينا تكرارا ومرارا بضرورة تشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب ". يشار إلى أن الرئيس السوري بشار الاسد أدان السبت الماضي الهجمات الإرهابية في باريس ملقيا باللوم على "السياسة الخارجية الفرنسية" التي "ساهمت في التوسع الإرهابي حتى وصل إلى أوروبا"، و ذلك خلال استقباله وفدا يضم عددا من البرلمانيين والمثقفين والإعلاميين برئاسة عضو الجمعية الوطنية الفرنسية النائب، تييري مارياني . وقال الأسد إن "الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت باريس الجمعة الماضية لا يمكن فصلها عما وقع في بيروت أخيرا وما يحدث في سوريا منذ خمس سنوات وفي مناطق أخرى ". ويذكر أن العاصمة الفرنسية تعرضت الجمعة الماضي لسلسلة من الهجمات الإرهابية المتزامنة طالت سبعة مواقع وخلفت 129 قتيلا وأزيد من 350 جريح حسب حصيلة مرشحة للارتفاع. يشار إلى ان الرئيس بشار الأسد تلقى امس رسالة من عضو مجلس الشيوخ الأمريكي،ريتشارد بلاك، يرحب من خلالها بالتدخل الروسي ضد شبكات الإرهاب التي تغزو سوريا والانتصارات التي حققها الجيش السوري ضد الإرهابيين. مع العلم أن الجيش السوري تمكن الاسبوع الماضى من فك الحصار عن مطار "كويرس" العسكري الذي حاصره تنظيم "داعش" لأكثر من سنتين. و عبر السيد ريتشارد بلاك في رسالته إلى الأسد عن "خيبة أمله لكون الولاياتالمتحدة قد واجهت المساعدة الروسية لسوريا بتحويل شحنات من صواريخ تاو المضادة للدبابات إلى الإرهابيين وهذا سيطيل فقط سفك الدماء في سوريا"، مبرزا أن الاعتقاد الأمريكي ب"تزويد «الإرهابيين الجيدين» بالأسلحة ومنعها عن «الإرهابيين السيئين» لعبة غبية وأن «النشر الطائش» لصواريخ تاو يهدد الطيران المدني في العالم أجمع.