فتحت جمعية الجاحظية (فرع باتنة) النقاش حول المفكر والفيلسوف الجزائري المغمور حمودة بن ساعي الذي كان أستاذ وصديق ورفيق المفكر الجزائري مالك بن نبي و ذلك من خلال ملتقى دولي تناول بالدراسة والتحليل حياة و فكر هذا الرجل. وفي هذا السياق اعتبر رئيس جمعية الجاحظية محمد تين في حديث ل/وأج على هامش الجلسة الافتتاحية لهذه التظاهرة أمس الثلاثاء أن الحديث وتسليط الضوء على شخصية حمودة بن ساعي و أمثاله من المفكرين يأتي في سياق البحث عن التراث والهوية من أجل أن تسترجع الأمة ثقتها في ذاتها لمواجهة الآخرين. من جهته أفاد رئيس الفرع المحلي لهذه الجمعية صابر بوزيد بأن هذا الملتقى الذي يدوم 3 أيام جاء للتعريف أكثر بالمفكر حمودة بن ساعي الذي "عانى التهميش في حياته ولم يحظ بالاهتمام أو رد الاعتبار بعد وفاته." وافتتح النقاش حول هذا المفكر الذي ولد بمدينة باتنة سنة 1902 بتقديم شهادتين للمفكر مالك بن نبي وردت الأولى في كتابه "مذكرات شاهد للقرن" جاء فيها "أدين لحمودة بن ساعي باتجاهي ككاتب متخصص في شؤون العالم الإسلامي" والثانية كإهداء في أكتوبر 1946 بمناسبة تأليفه لكتاب "الظاهرة القرآنية" حيث كتب "إلى صديقي وأستاذي حمودة بن ساعي الذي عانى كثيرا من تحالف القوى الاستعمارية الشرسة التي جعلته مهمشا في الساحة مثل آخرين.'' وقد أجمع المتدخلون الذين قدموا شهادات متفرقة على أن حمودة بن ساعي "تعرض للظلم والتهميش بعد الاستقلال خاصة لأنه كان يكتب بالفرنسية حيث اعتبره الإصلاحيون منهم و الحدثيون اعتبروه أيضا منهم فيما رأى آخرون أنه ينتمي إلى التيار الفرونكفوني الذي يخالف المدرسة الوطنية". وحسب شهادات مختلفة فإن حمودة بن ساعي ينحدر من عائلة محافظة بمدينة باتنة وتعلم القرآن في الكتاتيب قبل أن يلتحق بدروس الشيخ عبد الحميد بن باديس بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بقسنطينة و تعد هذه المرحلة نقطة تحول في حياته حيث أظهر ميولا كبيرة نحو الإصلاح. وانتقل حمودة بن ساعي بعد ذلك إلى العاصمة الفرنسية باريس في بداية عشرينيات القرن الماضي حسبما ورد في الشهادات ليسجل في قسم الفلسفة و أبان عن فكر موسوعي يجمع بين الثقافة العربية الإسلامية والفكر الغربي لكن مساعيه للم شمل طلبة المغرب العربي وتوعيتهم تسبب له في متاعب مع الأمن الفرنسي. وكان ذلك عائقا آخرا أضيف للأسباب التي حالت دون أن يناقش هذا المفكر أطروحته بعد الضغوطات التي تعرض لها خاصة من طرف المستشرق لويس ماسينيون وفقا لذات الشهادات. وتساءل الحضور عن حقيقة علاقة هذا المفكر بالفرنسيين الفيلسوف والكاتب جان بول سارتر والكاتب أندري جيد ودعوا إلى ضرورة البحث في أفكار ومؤلفات حمودة بن ساعي الذي عرفه الكثير من سكان باتنة عاملا متواضعا ككاتب عمومي بإحدى مقاهي المدينة قبل أن يتوفى في ربيع 1998 إثر مرض عضال ألزمه الفراش. وأكد مدير الثقافة لباتنة عمر كبور ل/وأج بأن جهودا ستبذل محليا بالتنسيق مع الجامعة ومثقفي الولاية من أجل التوثيق لهذا المفكر والبحث لدى عائلته وبعض معارفه من أجل التعريف بما خلفه من كتب ومخطوطات وإعادة الاعتبار له.