لا يكاد يختلف إثنان على أن شهر رمضان هو شهر العبادة والروحانيات, غير أن الكثيرين يلتقون أيضا عند كونه مناسبة تكون فيها المائدة سيدة المكان وهو التقليد الذي دفع بالكثير من ربات البيوت إلى البحث عن آخر المستجدات في عالم الطهي عبر أسهل الطرق ...صفحات و مواقع الأنترنت. وصفات حنان, ولاد الجاج, طاطا حبيبة, وصفات جزائرية و غيرها, عناوين لصفحات تزخر بها مواقع التواصل الاجتماعي على غرار الفايسبوك, متخصصة في تقديم مختلف الوصفات, التقليدية منها و العصرية, أصبحت خلال السنوات القليلة الأخيرة وجهة لآلاف المتابعات و حتى المتابعين من الذكور, من أجل "نسخ" الأفكار المبتكرة أو حتى من أجل متعة العين لا أكثر, خاصة في هذا الشهر الفضيل. فبعد أن كانت الجزائريات تستعن في وقت مضى بالصفحة الخاصة بالطهي التي تفردها كل اليوميات خلال شهر رمضان, من أجل تجديد و إثراء رصيدهن في هذا المجال, من خلال جمع القصاصات و الاحتفاظ بها, تحولت أغلبهن اليوم إلى الشبكة العنكبوتية التي تزخر بهذا النوع من المواقع المتخصصة, و بوجه أخص مواقع التواصل الاجتماعي كالفايسبوك. و يبدو أن مديري هذه الصفحات قد أدركوا تماما هذا التوجه المتصاعد, الأمر الذي دفعهم إلى تحديثها و الاستعانة بمتخصصين في الأنفوغرافيا بالإضافة إلى إدخال الفيديو من أجل تقديم شروحات مدعمة بالصوت و الصورة. و تحظى هذه الصفحات بمتابعة مئات و أحيانا آلاف المتصفحين من الجنسين وإن كان الجنس اللطيف هو الغالب, فبمجرد النقر على زر الإعجاب "لايك" تصبح و بصفة آلية متابعا للصفحة, و هو ما يتيح الإطلاع على آخر ما ينشره صاحب الصفحة المعنية. و يبدو أن مقولة "الأذن تعشق قبل العين أحيانا" تنطبق نوعا ما على متابعي هذه الصفحات لكن مع إضفاء تعديل بسيط لتصبح "العين تأكل قبل الفم أحيانا", فمن الصعب عدم التوقف عند هذه المنشورات, التي تحمل ألوانا زاهية و نوعية راقية تجعل المتصفح ينجذب إليها تلقائيا, حبا في الإطلاع و تلبية لنداء المعدة. الطريق إلى قلب أفراد العائلة المعدة ...شعار ربات البيوت في رمضان يعد شهر رمضان بالنسبة للكثيرات فرصة لاستعراض مهارتهن في إعداد مختلف الأطايب و تجربة أطباق جديدة على أمل أن تحوز على إعجاب و رضى أفراد الأسرة. فبين الأطباق التقليدية, التي لا تزال تحافظ في معظم الأحيان, على وصفاتها الأصلية و تلك التي تخضع للتجديد باستمرار, تعد هذه الصفحات منهلا سهلا في متناول الباحثات عن التميز أو قليلات التجربة في مجال الطبخ. و تعتبر منال أبركان نفسها محظوظة --رفقة فتيات هذا الجيل-- بوجود العالم الافتراضي الذي يعد "مدرسة مفتوحة" في أي مجال يخطر على البال, و هو ما ينطبق على مجال الطهي. و لم تتمالك منال نفسها عن الضحك و هي تقول "لا طالما حاولت والدتي جاهدة جري إلى المطبخ من أجل تعلم الطهي و أنا أمانع و حجتي في ذلك توفر كل الوصفات على شبكة الأنترنيت و فعلا أثبت الوقت صحة كلامي, فبعد أن كنت عاجزة عن طهي بيضة أصبحت أتفنن في إعداد مختلف الأطباق بعد زواجي". غير أن الحاجة زليخة صاحبة 68 سنة لها رأي مخالف, حيث يكون تعلم قواعد الطبخ في الصغر, ف"مهما تم الاعتماد على الأنترنيت في إعداد الوصفات إلا أن اكتساب البصمة المتميزة لا يتأتى إلا بالتجربة", فمن وجهة نظرها "الأطباق +الفايسبوكية+ صالحة فقط للفاشلات في تعلم الطبخ الأصيل". هواة في الطبخ يتحولون بفضل مواقع التواصل الاجتماعي إلى نجوم حقيقيين حبيبة بورماد أو "طاطا حبيبة" هو اسم أضحى معروفا لدى الكثيرات, فمنذ ما يقارب السنتين تحولت صفحتها لتبادل الوصفات في الفايسبوك إلى مزار لعدد متزايد من الزائرين الأوفياء الذين يستلهمون من وصفاتها المتنوعة و تدابيرها التي لا تبخل بها على متابعيها البالغ عددهم لحد الساعة زهاء 200 ألفا من الجزائريين و المغتربين و حتى الأجانب. و قد بدأت رحلتها في الفضاء الأزرق منذ نحو السنتين, بعد تلقيها تكوينا متخصصا في الحلويات التقليدية, لتأخذ شهرتها في التصاعد في أوساط المهتمات بالطبخ اللواتي تشارك الكثيرات منهن في المسابقات التي ما فتئت تنظمها و التي تقدم للفائزات فيها شهادات رمزية محفزة. و قد فتح هذا النجاح شهية هذه السيدة لولوج آفاق أخرى, لتنشأ بعد ذلك موقعا متخصصا على شبكة الأنترنيت يحصي حاليا أزيد من 500 ألف منخرط, فضلا عن قيامها خلال شهر رمضان بإدارة صفحة خاصة بالطهي في إحدى اليوميات الوطنية و تنشيط حصص تلفزيونية في فن الطبخ.