لا يزال المعلم التاريخي المسمى بمغارة "الكسكاس" المتواجد ببلدية بني شعيب (45 كلم عن تيسمسيلت) شاهدا على جرائم الاستعمار الفرنسي بمنطقة الونشريس التابعة للولاية الرابعة التاريخية. وقد ارتكب الجيش الفرنسي في سنة 1960 مجزرة خلال محاصرته لهذا الموقع باستخدام الغازات السامة وقنابل النابالم حيث راح ضحيتها 12 مجاهدا من جيش التحرير الوطني و34 مدنيا أعزلا. وحسب شهادة المجاهد أحمد كاشر الذي يعد أحد الناجين من مذبحة المغارة والتي أدلى بها لملحقة المتحف الوطني للمجاهد لتيسمسيلت فإن ما حدث في مغارة "الكسكاس" يمكن تصنيفه ضمن جرائم الحرب ضد الإنسانية المرتكبة من قبل الجيش الاستعماري الفرنسي. ويتذكر نفس المتحدث ما حدث يوم الرابع من أبريل 1960 ببقعة "الكناندة" ببلدية بني شعيب بجبال الونشريس حيث كان يتواجد مركز لجيش التحرير الوطني. فقد شرعت القوات الاستعمارية عملية تمشيط واسعة تحت غطاء كثيف من الطائرات الاستكشافية مما استدعى الأمر بالنسبة للمجاهدين إعداد خطة للخروج من الحصار والتوجه نحو المكان المعروف بالمنطقة بمغارة "الكسكاس". وتقع هذه المغارة في مكان استراتيجي حيث تسمح بمراقبة تحركات جيش الاستعمار الفرنسي وفق المجاهد كاشر الذي أبرز بأن هذه المغارة سمحت أيضا لعدد كبير من المواطنين العزل القاطنين بالمنطقة بالاختباء بداخلها رفقة مجاهدي جيش التحرير الوطني الذين كان يتراوح عددهم 13 جنديا بحوزتهم مجموعة من الأسلحة الخفيفة المتمثلة في بنادق ومسدسات وعدد من القنابل اليدوية. وتم محاصرة المغارة كلية من جميع الجوانب من قبل جنود المستعمر الفرنسي وشرعوا في إطلاق النار باستخدام الأسلحة الثقيلة غير أن ذلك لم يجد نفعا نتيجة لتمركز المجاهدين بمكان مرتفع بالمغارة ليستمر القصف إلى غاية غروب الشمس. وأشار المجاهد كاشر إلى أنه في اليوم الموالي صممت قوات الجيش الفرنسي على اقتحام المغارة ليتصدى لها جنود جيش التحرير الوطني الذين أرغموها على التراجع مما اضطر الى مباشرة عملية الحفر بآليات خاصة وتفجير الديناميت ونصب الألغام ليستمر الوضع على حاله إلى غاية يوم 7 أبريل 1960 من خلال قيام جنود الاحتلال بعملية الاقتحام الثانية دون جدوى بعد إصرار المجاهدين على عدم الاستسلام. وبغية الحفاظ على سلامة المواطنين العزل قام المجاهدون بتحرير رسالة باللغة الفرنسية تدعو القوات الاستعمارية إلى الكف عن تعذيب المعتقلين من المواطنين الأبرياء بخارج المغارة استنادا إلى شهادة ذات المجاهد الذي أبرز أن الرسالة حملها أحد المواطنين وسلمها لقوات الاحتلال هذه الأخيرة التي لم ترأف بالمواطنين العزل حيث قامت بقتل عدد كبير من سكان المنطقة وظل الحال على وضعه باستمرار الحصار. وواصل عناصر الجيش الفرنسي خلال اليوم الموالي عملية الحفر وتفجير الألغام دون أن ينجح في اقتحام المغارة ليلجأ إلى خطة نفسية باستعمال الأضواء الكاشفة في مدخلها ووضع مكبرات الصوت لمخاطبة المجاهدين. اللجوء الى النابالم لقمع مدنيين عزل وذكر المجاهد كاشر إلى أن تذمر قوات الجيش الاستعماري أدى بها إلى استخدام الغازات السامة وقنابل النابالم لاقتحام المغارة مرتدين الأقنعة ولكن بالرغم من ذلك واجه جنود جيش التحرير الوطني قوات الاحتلال وقتلوا الكثير منهم وصمدوا الى غاية يوم 12 أبريل 1960 حيث أصبحت الحياة مستحيلة داخل المغارة مما دفع ببعض المجاهدين إلى الخروج في حالة فقدان للوعي فانهال عليهم الجنود الفرنسيون بالتعذيب ثم القتل ولم ينجو إلا شيخ طاعن في السن يدعى قويدر شهات والمجاهد أحمد كاشر. وقد دخلت قوات المستعمر الفرنسي المغارة بتاريخ 14 أبريل 1960 حيث لم تجد بداخلها على أي شخص حي ما عدا أحمد كاشر وقويدر شهات حيث استشهد في هذه المذبحة 12 مجاهدا و34 مدنيا. وبغية تثمين معلم مغارة "الكسكاس" تسعى ملحقة المتحف الوطني للمجاهد بالتعاون مع مديرية المجاهدين والمكتب الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين لتيسمسيلت إلى تنظيم زيارات بيداغوجية لفائدة تلاميذ المؤسسات التربوية وطلبة المركز الجامعي الى هذا الموقع التاريخي بهدف إطلاع جيل اليوم على الجرائم البشعة التي ارتكبها الجيش الفرنسي إبان الثورة التحريرية المجيدة حسب مدير الملحقة المذكورة محمد عاجد.