إشكالية وسائل الإعلام الالكترونية و احتضان مواقع الانترنت في الجزائر. إن النقاش المتكرر حول ضرورة ايواء مواقع الانترنت في الجزائريعتبر مثالا واضحا عن التباين بين الواقع المعلوماتي و رهانات تكنولوجيات الإعلامو الاتصال في بلادنا. يطرح ايواء المواقع ذات المتابعة الواسعة مشكلا بسبب هذا التباين و إنكانت الإرادة في الاستجابة لاحتياجات الاطلاع الآني و هدف الإعلام حول المضامينالتي ليس لها صفة السرية و إنما موجهة للبث, قد وجدت إجابات مؤقتة عبر الإيواءلدى شركات أجنبية تتحكم في تلك الصعوبات و في استعمال الشبكات الاجتماعية المتكفلةبايواء و هو ما يفسر الاختيارات التكتيكية لوكالة الأنباء الجزائرية (واج). و بالعودة إلى تعريف تكنولوجيات الإعلام و الاتصال فهناك تلك المرتبطةبالتقنيين ثم بمهنيي المضمون و في الأخير تلك المحددة للعالم الرقمي الجديد. و بالفعل فإن التحولات التي عرفتها المهن و المعارف و الرهانات وبالتالي في الإشكاليات المغيرة للقواعد و المفاهيم جعلت الخبرات و المخططات الهيكليةو القرارات بالية. و لم تعد النتائج سواء على مستوى مهن الإعلام و الاتصال و التحاليلو من ثمة مسارات وضع القوانين مستقلة عن المعرفة و التحكم الفعلي في تلكالتحولات و تحديد فاعلين قطاعيين أكثر قوة من الدول الكلاسيكية. فمنذ القمة الأولى لمجتمع المعرفة بجنيف في سنة 2003 و الثانية في تونسسنة 2005 سجل عظماء الرقمية ظهورهم مثل "غافام"(غوغل-آبل-فايس بوك-أمازون-مايكروسوفت)و "ناتو" (ناتفليكس-إير بي.أن.بي-تالسا-أوبر) و هي في الإجمال اكبر عشر شركات أمريكيةفي الاقتصاد الرقمي. إن هذه القوى الرقمية التي تمثل الفاعلين الجدد الذين عجلوابشكل لارجعة فيه مسار العولمة قد فرضت وجودها و تفرض قواعدها العولمية مهددة بذلكسيادات الدول. وقد أدى هذا الواقع إلى ظهور ردود أفعال الدول التي شعرت بالتهديدو اقتناعها بأن الرهانات يجب أن تكون في صلب جميع الأعمال التنموية. في هذا الصدد أعطت المنظمات الدولية و الأممالمتحدة و مجموعة ال7 (التينظمت ملتقى حاول فيه الفاعلون الجدد تحديد الرهانات و كذا تحكم الدول في التطوراتسواء كانت اقتصادية أو أمنية) الأولوية عبر تصوراتها و برامجها التنموية لهذا الواقعالجديد. لقد أدى حجم التهديد الاقتصادي إلى وعي أكبر على ضوء قضية سنودن و مفهومأوبر السائد على الاقتصاد بحيث جسدت الشبكات الاجتماعية في قلب الاضطرابات السياسيةأخطار تدمير الدول، سيما البلدان الناممية و"إخضاع" الاقتصاديات و الأمم. و أمام هذا الوضع بادرت البعض بإنشاء وكالات تفكير و البعض وفر الظروفللسماح ببروز فاعلين في هذا القطاع في حين يسهر أخرين على أن لا تكونالقرارات و القوانين رهينة الابتكارات ما يجعل عملية تطبيقها أمرا صعبا مثل المجلسالوطني الرقمي في فرنسا، بحيث يتم استشارة هذا المجلس حول جميع مشاريع النصوص القانونيةو التنظيمية و حول عمل السلطات العمومية في قطاعات مجتمع المعلومات، مما سمح بتعزيزتطبيق القرارات السيادية. و الأمر هكذا فإنه لا يمكن تحديد التفكير حول السيادة الرقمية في الجزائرفقط من جانبي الضبط أو الإنتاج المرجعي للأمن الالكتروني، إذ يجب إعادة طرحالسؤال حول ما نريد/ما يجب/ما يمكن التحكم فيه من حيث مكونات سلسلة قيم السيادةالرقمية. و يمكن ممارسة هذه الأخيرة على عدة مستويات مترابطة يمكن تلخيصهافي 7 مستويات من السيادة الرقمية (على غرار 7 مستويات نموذج ترابط الأنظمة المفتوحة(OSI). السيليسيوم (لا صناعة) الهياكل المادية (لا صناعة على الأقل التركيبية) الشبكة (صناعة الاستيراد فقط) أنظمة الاستغلال (الملكيات الفكرية...) السحابة السيادية (غير موجودة...مرتبطة بغياب المستويات السابقة) الأمن الالكتروني (مرتبط بالبرمجيات المنتجة في الخارج...) الضبط (عدم احترام التشريعات بسبب عدم ملاءمة القوانين جراء الرقمية...) و هذا يقودنا إلى التوجيهات الحكومية الأخيرة التي تضعنا لأول مرة في مواجهةشركات العالمية المهيمنة"GAFAM" و حقيقة قوتنا الرقمية و هو ما لا يترك أيمكانة للمصالح السيادية و إلا الزوال من المشهد الرقمي. و بالفعل فإن غوغل يعتبر من بين اكبر الموزعين للمضامين...). إرادة الحكومة في سن قوانين حول شراء الفضاءات الالكترونية (غوغل، فايسبوك، الخ...) الإرادة في سن القوانين حول الصحافة الالكترونية بحيث أن هذه الرغبة التيتستحق الثناء لا يمكن أن تتحقق إلا بتواجد الفاعلين في القطاع أو دعمهم. و فيما يتعلق بقطاع ايواء المواقع أو التطبيقات فإننا نعاني منهشاشة مرتبطة بغياب صناعة رقمية، و انعدام مدارس أو تكوينات في المهن الجديدةللرقمنة و بشكل خاص للخلط مع المعلوماتية الكلاسيكية. و الأمر يتعلق بمجموع : المعدات المعلوماتية، البرمجيات، عرض النطاقالترددي، و المهن المحددة و الهيآت التكنولوجية إذ أن قوة أي دولة تقاس بمدىقوة بنوك المعطيات و عدد التطبيقات السيادية. كما أن الأمر مرتبط بالتوصل إلى توافق بين متعاملي الاتصالات المرتبطينبدورهم بممونين خارجيين و إنشاء تجهيزات ووسطاء تقنيين كمستضيفينعلاوة على مواقع إعلامية و اقتصاد متكامل مرتبط بذلك. غير أنه ليس من الضروري و من غير الممكن التحكم في جميع تلك المستوياتلضمان تلك السيادة. إن الفوز بالسيادة الرقمية يقتضي اختيار المستويات التي يجبالتركيز عليها بالضرورة و تلك التي لا يجب التركيز عليها. "و هو ما يحملنه علىالتمييز بين منطق السيادة الدفاعية التي غالبا ما تكون مرتبطة بالسيادة الوطنيةو استقلال بلد، و منطق سيادة دفاعية مرتبطة بسلطة اقتصادية". و في غياب سيادة هياكل التي يجب وضعها أو تعزيزها (ما يفرض وجود وزارةللصناعة الرقمية) بعيدا عن المختصين في المعلوماتية الكلاسيكية الذين أصبحواعمال رقمنة بلا فائدة يتحتم علينا ما يلي: - التوصل إلى تحكم في المضامين و توزيعها عبر الدعائم التي تقترحهاالشركات الرقمية العالمية"GAFAM" (نكون أفضل مستعملين في انتظار ذلك...) - استغلال احسن لمناطق التوسع الاقتصادي من خلال العمل عن بعد و المهن الرقمية. - إنشاء وكالة للرقمية (للمساعدة على القرار الحكومي) - إنشاء وكالة وطنية لايواء المواقع الخاصة بالوزارات ووسائل إعلام أو غيرها من المؤسسات و الجماعات المحلية...