عادت الأنظار لتتجه مجددا نحو الوضع في جمهورية مالي، بعد تأخر استكمال تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر في 2015، حيث ذكرت الأممالمتحدة بالطابع الاستعجالي لتطبيق الاتفاق، لاسيما و انه المخرج الوحيد لتحقيق الاستقرار الدائم في البلاد. وفي هذا السياق، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس، عن "قلقه العميق" إزاء الوضع في مالي على الرغم من التقدم المشجع الذي تم تحقيقه ميدانيا، حيث قال على وجه الخصوص: "لا زلت قلقا بشأن تطور الوضع والتوجهات السلبية في مالي". وأبرز الأمين العام -في تقريره الذي أعد استنتاجاته الأمين العام المساعد المكلف بعمليات حفظ السلام للأمم المتحدة، جون بيير لاكروا- أنه "على الرغم من مرور سنتين ونصف على توقيع اتفاق السلام والمصالحة في مالي، إلا أن عددا من بنوده وبعض المسارات المهمة المتعلقة بالإصلاح المؤسساتي لم تطبق إلا جزئيا"، بينما وصف توقيع وثيقة الالتزامات- شهر سبتمبر الماضي- التي تنص على وقف الاقتتال بين الجماعات المسلحة وإعادة بعث الحوار بين الأطراف المالية ب"التقدم المشجع". وأكد السيد غوتيريس أن وضع نظام عقابي لمالي بموجب اللائحة 2374 (2017) سيساهم في تحديد كل من يبحث عن عرقلة مسار السلم بما فيها الأطراف الموقعة، مذكرا بضرورة "التعجيل" في تطبيق الاتفاق لأنه الحل الوحيد لتحقيق الاستقرار الدائم في البلاد. كما أفاد ذات المسؤول، أن بعثة الأممالمتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) قد شرعت في إعداد مخططها الانتقالي الرامي إلى تسهيل إعادة هيكلة تدريجية لتواجد الأممالمتحدة في مالي، موضحا أن هذا المخطط سينفتح في انتظار إكمال الدراسة الإستراتيجية من طرف مينوسما في مارس 2018 والتي ستعطي توجيهات إضافية حول التوجه المقبل لهذه البعثة الأممية قبل تجديد عهدتها في يونيو 2018. وكان الرئيس المالي، ابراهيم أبوبكر كيتا، قد دعا في هذا الإطار إلى تنظيم انتخابات "شفافة وذات مصداقية"، مشددا على أن البلاد بحاجة إلى "الحوار" في الوقت الحالي. وعرف المشهد السياسي في مالي، سلسلة من التحولات طيلة العام الماضي، استعدادا للانتخابات التشريعية المقررة شهر أبريل، والرئاسية في شهر يوليو 2018، من بينها استقالات وتحالفات بين عدة أحزاب. وعمدت السلطات المالية إلى تأجيل مواعيد الانتخابات في كل مرة لأسباب أمنية، حيث أكدت حرصها على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في جو من الهدوء و الاستقرار. وتحسبا لهذا الغرض، تم تعيين حكومة جديدة - و هي خامس حكومة في عهد الرئيس أبوبكر كيتا منذ انتخابه عام 2013 -، مهمتها الأساسية تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، كما أعلنت -حتى الآن- خمس شخصيات ترشحها للانتخابات الرئاسية في مالي، بينما لم يعلن الرئيس الحالي بعد عن نية ترشحه للاستحقاق القادم.