كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب في أحدث تقرير له عن معطيات مخيفة لمستوى الفقر والفوارق في المجتمع بالمملكة تنم عن "سياسة مخلخلة" تثير مخاوف عن مدى صمود التماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي في البلاد ووصفتها وسائل اعلام محلية وخبراء بأنها لا تعكس "نموذجا طيبا من أجل التنمية". فقد تحدث المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب في تقرير أصدره السبت عن مجالات عدة اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية بالمملكة وما تعانيه من جوانب سلبية حيث أبرز و بإسهاب تعثراتها ومعوقاتها وفي مقدمتها "الفساد" . وتضمن التقرير دعوات متكررة للحكومة المغربية بضرورة محاربة الفقر والفوارق بين طبقات المجتمع المغربي والتي دفعت أبناءه إلى الخروج في مظاهرات عارمة كما يجري في حراك الريف. واعتبر المجلس مكافحة الفقر والفوارق الاجتماعية ضرورة للحفاظ على التماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي اللازمين لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مشيرا هنا الى أن نسبة الأشخاص الذين يعانون الفقر متعدد الأبعاد والهشاشة لا تزال مرتفعة. --التقرير يكشف اختلالات وعجز الاقتصاد المغربي -- وأقر المجلس بأن الفقر والبطالة في صفوف الشباب والفوارق أصبحت "تتجاوز الحدود المقبولة" و هو ما ولد الاحتجاجات ذات المطالب الاجتماعية في العديد من المناطق بالبلاد. كما طالب تقرير المجلس الحكومة المغربية "العمل على تعزيز العدالة الاجتماعية والمساءلة والحكامة الجيدة ومحاربة الفساد ومعالجة الفوارق الاجتماعية التي تهدد استقرار البلاد"، وأكد أيضا ان وضعية النساء والاطفال والمعاقين بالمغرب لا تزال متردية مستدلا بالكثير من النقاط في هذا الشأن. ومن النقاط الأساسية التي توقف عندها التقرير الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تلك المتعلقة ب "حماية الطفولة وضمان ظروف عيش كريمة للأطفال"، والتي اعتبرها "عنصرا أساسيا لتحديد معالم مستقبلهم". وأشار التقرير، في هذا السياق، إلى ما وصفها ب "مظاهر هشاشة الأطفال، من قبيل ظاهرة تشغيل الأطفال، التي مازال يصعب اجتثاثها من المجتمع المغربي". ووفقا لأحدث تقرير للأمم المتحدة، فإن 60% من المغربيين يعيشون الفقر، وأن المغرب يعد من أكثر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقرا، في أرقام كانت بعيدة عما يصرح به المسؤولون في المغرب عن تحسن الأوضاع ومحاربة الفقر في البلاد. وكشف التقرير أن أكثر من 5 ملايين مغربي يعيشون بأقل من 550 درهما في الشهر، ومليوني مغربي يعيشون بأقل من 300 درهم في الشهر، وذلك على مستويين، الأول يعاني بشكل حاد والمستوى الثاني يعاني بشكل متوسط، مشيرا إلى أن 12.6% من المغربيين قريبون من عتبة الفقر متعدد الجوانب، مقابل 4.9% يعيشون فقرا حادا متعدد الأبعاد كغياب أدنى شروط العيش الكريم. وأفاد تقرير آخر صادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، بتأخر المغرب في محاربة الفقر والهشاشة، مؤكدا أن 44.3% من المغربيين لا زالوا محرومين من حقوقهم الأساسية من سكن وصحة وتعليم. ووضع التقرير المغرب في خانة الدول التي ترتفع فيها معدلات الفقر ضمن بلدان أخرى من القارة الأفريقية، وهو ما جعل المغرب يحتل المرتبة 126 في مؤشر التنمية البشرية. ورصد التقرير الأممي الإنمائي وضعية النساء في المغرب. وفي هذا المجال انتقد بشدة استمرار تفشي ظاهرة زواج القاصرات، إذ اعتبر أنها تصل إلى 16% داخل المجتمع المغربي مقارنة بدول افريقية أخرى مشيرا الى ان الظاهرة قد انخفضت بشكل كبير في بعض بلدان جنوب الصحراء مثل جيبوتي ورواندا وناميبيا. كما بين أن المجتمع المغربي يفرض تمييزا كبيرا على النساء المغربيات، خصوصا في حق الولوج إلى التعليم، وكذلك مشاركتهن الضعيفة في القرار السياسي أو المشاركة فيه، واحتلال نساء المغرب نسبة 4% في تدبيرهن للشركات، مقارنة مع دول أفريقية أخرى. كما أوضح التقرير أن 5 ملايين مغربي، يعيشون حياتهم اليومية بأقل من 10 دراهم في اليوم الواحد. وقد اهتمت الصحف اليومية المغربية الصادرة اليوم الاثنين بمضامين تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وما اشتمل عليه من معطيات وأرقام بشأن محدودية النموذج المغربي وعجزه عن تحقيق الطفرة التنموية اللازمة لتلبية تطلعات المواطنين كما ذكرت.