ينظم المجلس الدستوري يومي الثلاثاء و الأربعاء، ملتقى دولي حول مبدأ الدفع بعدم دستورية القوانين الذي يعد أحد أهم النصوص القانونية التي جاء بها التعديل الدستوري لسنة 2016 والذي سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من مارس المقبل. وجاء مبدأ الدفع بعد دستورية القوانين بموجب المادة 188 من الدستور التي تفتح الباب أمام إخطار المجلس الدستوري، بطلب الدفع بعدم الدستورية، بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، عندما، يدعي،أحد الأطراف في، المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي،الذي يتوقف عليه مآل النزاع،ينتهك الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور. ومن أهم مميزات القانون العضوي رقم 22-16 المحدد لشروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية، تضمنه للعديد من الأحكام المعززة للحقوق والحريات و على رأسها منح المتقاضين، ولأول مرة في تاريخ الجزائر، حق الولوج غير المباشر للقضاء الدستوري للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم المضمونة في الدستور، مما يشكل نقلة نوعية في مجال تعزيز حقوق الإنسان والرقابة على دستورية القوانين في الجزائر. وتجدر الإشارة إلى أن التعديل الدستوري وسّع قائمة الجهات التي يمكنها إخطار المجلس الدستوري إلى كل من الوزير الأول و 50 نائبا من المجلس الشعبي الوطني و30 عضوا من مجلس الأمة، بالإضافة إلى رئيس الجمهورية، غير أن هذا الإخطار لا يمتد إلى الدفع بعدم الدستورية الذي يبقى من صلاحيات المتقاضي طبقا للمادة 188 من الدستور التي تعطي للمتقاضي الحق في الدفع، على أن تتم إحالة هذا الدفع على المجلس الدستوري من قبل المحكمة العليا أو مجلس الدولة. ومن المقرر أن يدخل النص المذكور المتضمن ل 28 مادة حيز التنفيذ في السابع من مارس 2019 و ذلك بعد انقضاء المرحلة الانتقالية لدستور 2016 المحددة بثلاث سنوات، وبالتالي سيجمع المجلس الدستوري بين صلاحيته في النظر في الإخطارات وفي مطابقة القوانين و صلاحية الدفع بعدم الدستورية كمحكمة دستورية. وتحسبا لذلك، تقرر إدراج مادة الدفع بعدم الدستورية في التكوين القاعدي للقضاة على مستوى المدرسة العليا للقضاء، فضلا عن برمجة عدة دورات للتكوين المستمر للقضاة و كذا عدة لقاءات وورشات عمل في الموضوع بالتنسيق مع المجلس الدستوري يشارك فيها جميع المعنيين بتطبيق الدفع بعدم الدستورية. و كان رئيس الجمهورية قد ثمن هذا النص خلال مجلس الوزراء الذي خصص للمصادقة عليه، حيث وصفه ب "الإنجاز الجديد في مجال إصلاح العدالة وعصرنة القانون (...) الذي ترتبت عنه الكثير من الآثار لصالح المتقاضين والذي يجعل بلدنا من بين الدول الأكثر تطورا في هذا المجال". و في ذات السياق، كان وزير العدل، حافظ الأختام الطيب لوح قد أكد أن الدفع بعدم دستورية القوانين يأتي ضمن مواصلة تعزيز المنظومة القانونية للحقوق والحريات، حيث جاء ل"يتوج إصلاحات الرئيس في مجال ترقية حقوق الإنسان وتعزيز إطارها القانوني وتوسيع الضمانات الممنوحة للأشخاص طبقا لأحكام الدستور وتماشيا مع المستجدات التي تعرفها الأنظمة القانونية التي تعرفها العديد من الدول"، كما أنه يندرج في إطار إعداد النصوص القانونية المنبثقة عن التعديل الدستوري لسنة 2016 تطبيقا لتعليمات الرئيس بوتفليقة التي أسداها للحكومة بعد صدور الدستور مباشرة. يذكر أن القانون العضوي المحدد لشروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية كان قد صدر بالجريدة الرسمية رقم ع 54 في 5 سبتمبر 2018 .