عادت حالة التوتر و التصعيد الامني الى عدد من المحافظات في شمال سوريا و التي كانت هادئة نسبيا طيلة الاشهر القليلة الماضية باعتبارها تقع ضمن منطقة منزوعة السلاح, وهو الوضع الذي أدانته دمشق مؤكدة أن الجماعات الارهابية استخدمت الغازات السامة في محاولة لتقويض عملية "تطبيع الحياة" في هذه المدن, ووسط استمرار الجهود الرامية الى تحقيق تقدم في المسار السياسي لحل الازمة. و ذكر الاعلام السوري أمس الاحد أن الجماعات الارهابية قصفت "بقذائف تحتوي غازات سامة" أحياء سكنية في مدينة حلب بشمال البلاد ما أدى الى اصابة 107 أشخاص في المدينة الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية و التي شهدت هدوءا نسبيا منذ إعلان الاتفاق الروسي - التركي في 17 سبتمبر الماضي على إنشاء منطقة منزوعة السلاح تشمل جزءاً من محافظة إدلب مع ريف حلب الغربي وريف حماه الشمالي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي. وردا على الهجوم استهدف الجيش السوري مواقع المسلحين في ريف حلبي فأصاب المناطق التي بدأ الهجوم منها بحسب وكالة الانباء السورية (سانا) التي أشارت إلى أن رد الجيش تسبب في خسائر فادحة على "الإرهابيين". و وصف حسين ديابي محافظ حلبي الهجوم بأنه "إرهابي" مشيرا إلى أنه "يثبت أن المتمردين يمتلكون غازًا سامًا" ,كما دعا دياب المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه المدنيين الذين عانوا من هجمات المسلحين. من جهته , صرح الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف انه "وفقاً للمعلومات الأولية التي تم تأكيدها خصوصاً من أعراض التسمم البادية على الضحاياي كانت القذائف التي أطلقت على مناطق سكانية في حلب تحتوي على الكلور" موضحا ان الطيران الروسي رد على استخدام المسلحين للمواد الكيميائية في حلب "بشن غارات على مواقع الإرهابيين الذين قصفوا منها حلب بالذخائر المحشوة بالمواد الكيميائيةي مما أسفر عن تدمير كل الأهداف المحددة". و على جبهة أخرى, دارت معارك طاحنة في شرق نهر الفرات بين تنظيم ما يسمى "الدولة الإسلامية" (داعش) الارهابي و ما يسمى "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة. و أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل 47 على الأقلّ من عناصر "قسد" الجمعة والسبت في ثلاثة هجمات شنّها "داعش" الارهابي في شرق سوريا , مشيراً إلى انها استهدفت قريتي البحرة وغرانيج الى منطقة قريبة من حقل التنك النفطي الذي تستخدمه "قسد" موقعاً عسكريا لقواتها و لمستشارين من التحالف الدوليً. وتشن "قسد" منذ سبتمبر هجوماً على آخر جيب ل"داعش" في شرق سورياي لكن تقدمها بطيء , حسب المراقبين. -- دمشق تطالب مجلس الامن باجراءات ردعية بحق الدول الممولة للارهاب -- أكدت وزارة الخارجية السورية - في رسالتين وجهتهما أمس الأحد إلى الامين العام للامم المتحدة ورئيس مجلس الأمن والمدير العام لمنظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية - أن اعتداء التنظيمات الإرهابية على الأحياء السكنية في مدينة حلب "جاء نتيجة تسهيل بعض الدول وصول المواد الكيميائية للإرهابيين" مطالبة باتخاذ "إجراءات رادعة وعقابية بحق الدول والأنظمة الداعمة والممولة للإرهاب". ونقلت وكالة الانباء السورية انه جاء في الرسالتين إن "المجموعات الارهابية المسلحة قامت (السبت) بالاعتداء بالغازات السامة على الأحياء السكنية الآمنة في بعشرات قذائف الهاون المحشوة بمادة الكلور ما أدى إلى إصابة 107 من المدنيين بحالات اختناق وتسمم شديدة الخطورة معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ فضلا عن الأضرار التي ألحقتها بالممتلكات العامة والخاصة في المناطق المستهدفة". و أرجعت الخارجية السورية بأن "هذا العمل الإرهابي يأتي نتيجة لقيام بعض الدول بتسهيل وصول المواد الكيميائية إلى المجموعات الإرهابية المسلحة بغية استخدامها ضد الشعب السوري واتهام الحكومة السورية بذلك عبر مسرحيات وتمثيليات تم إعداد سيناريوهاتها مسبقا في الغرف السوداء لمخابرات بعض الدول الراعية للإرهاب وبتنفيذ من قبل إرهابيي الخوذ البيضاء المتورطين أيضا في هذا العمل الإرهابي حيث تم إطلاق القذائف من مناطق ينشطون فيها وتحديدا من المنطقة الجنوبية الشرقية لقرية البريكيات في ريف حلب". وطالبت دمشق مجلس الأمن الدولي ب"الإدانة الفورية والشديدة لهذه الجرائم الإرهابية وبالاضطلاع بمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين عبر اتخاذ إجراءات رادعة وفورية وعقابية بحق الدول والأنظمة الداعمة والممولة للإرهاب ومنعها من الاستمرار والتمادي في دعم الإرهاب والعبث بالأمن والسلم الدوليين". -- تأكيد على ضورة حل الازمة السورية على أساس القانون الدولي -- و يأتي تصعيد الوضع الامني في سوريا قبل انطلاق جولة جديدة من محادثات التسوية السياسية للازمة السورية بأستانا عاصمة كازاخستان مقررة يومي 28 و29 نوفمبر الجاري بمشاركة الدول الضامنة للعملية و هي روسيا و تركيا و ايران. وبخصوص القضايا التي سيتم ملامستها في مباحثات أستانا المقبلة , أكد وزير خارجية كازاخستان أن من بين المواضيع التي سيتم بحثها في جولة أستانا المقبلة الوضع في إدلب وعودة اللاجئين وإعادة إعمار سوريا. من جانبه, صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "الأزمة السورية يمكن حلها على أساس القانون الدولي" معتبرا أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي ينص على ضرورة إيجاد حل للصراع من خلال حوار سوري داخلي وتوافق بين الحكومة والمعارضة "يشكل قاعدة متينة للتسوية". وأكد الوزير الروسي أن العمل على تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري الجديد, التي أطلقتها الدول الضامنة لمسار "أستانا" حول التسوية السورية, " أوشك على النهاية", موضحا أن لقاء أستانا المقبل سيركز على جهود تشكيل اللجنة , معبرا في الوقت ذاته عن رفضه لفرض أطر زمنية "اصطناعية وغير واقعية" لتشيل اللجنة الدستورية, ومشيرا إلى أن "مدى فعالية اللجنة أهم من وضع مهل زمنية لتشكيلها". وشدد لافروف على أن الأطراف التي تصر على ضرورة أن يحدد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا سيتفان دي ميستورا مواعيد معينة لتشكيل اللجنة "تسعى إلى تقويض عملية أستانا الرامية إلى التسوية السورية والعودة إلى منطق تغيير النظام". وصرح دي ميستورا من جهته أول امس السبت أنه "لم يبق من قرار مجلس الأمن 2254 سوى الجزء المتعلق بالدستور", لافتا الى أن جهود تشكيل اللجنة الدستورية السورية "لا تزال تواجه عقبات, وأنه لتلافي حالة الجمود يتعين الإسراع بإطلاق عملية التسوية السياسية في البلاد".