لازال الاستياء ينتاب "قوى الحرية والتغيير" في السودان مع استمرار المجلس العسكري الحاكم في التمسك بالسلطة دون تسليمها للمدنيين كما تطالب المعارضة مما دفع بعشرات الآلاف من السودانيين إلى الخروج مجددا إلى شوارع الخرطوم للمطالبة بالإسراع في الاستجابة إلى مطالب الحراك الذي سبق وأن دفع ضريبة دم في مظاهرات سابقة راح ضحيتها أكثر من مائة شخص وفقا للمعارضة. وخرجت احتجاجات واسعة في مختلف المدن السودانية، اليوم الأحد، استجابة لدعوة من قوى إعلان الحرية والتغيير للمطالبة "بالقصاص وتسليم السلطة فورا للمدنيين دون شرط أو تسويف". ودعت "قوى إعلان الحرية والتغيير" إلى تنظيم "المواكب المليونية" اليوم تخليدا لذكرى ضحايا فض الاعتصام الذي كان قائما أمام مقر القيادة العامة للجيش بالخرطوم. وذكرت تقارير إعلامية أن آلاف السودانيين توجهوا اليوم الأحد إلى وزارة الدفاع في الخرطوم لمطالبة الجيش بتسليم السلطة للمدنيين بينما أطلقت قوات الأمن النار في الهواء. وكان تجمع المهنيين السودانيين قد نشر قبل ساعات تغريدة عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر، دعا من خلالها الشباب السوداني إلى التوجه نحو القصر الجمهوري في العاصمة الخرطوم. سقوط أول قتيل في "مليونية 30 يونيو" وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، عبر موقع تويتر عن وفاة شاب عشريني بمدينة عطبرة، إثر إصابته برصاصة في الصدر. وفي أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ مداهمة قوات الأمن لمخيم اعتصام سلمي قبل ثلاثة أسابيع، خرج اليوم الأحد عشرات الآلاف في شوارع الخرطوم لمطالبة المجلس العسكري الحاكم بتسليم السلطة للمدنيين. وقالت التقارير أن المحتجين لوحوا بعلم السودان وهتفوا "مدنية.. مدنية" و"الدم قصاد الدم" في أنحاء عدة من العاصمة. وأطلقت الشرطة السودانية قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه متظاهرين في مدينة الخرطوم بحري، المجاورة للعاصمة الخرطوم، وذكرت وكالة "سبوتنيك" أن "شرطة مكافحة الشغب تطلق الغاز المسيل للدموع تجاه متظاهرين بمنطقة المحطة الوسطى، بمدينه الخرطوم بحري". وكان المجلس العسكري السوداني قد حمل، أمس السبت، قوى إعلان الحرية والتغيير المعارضة للمجلس، المسؤولية عما يترتب على الصعيد الأمني جراء مسيرات قوى الاحتجاج اليوم. وفي بيان، نقلته وكالة الأنباء السودانية، قال المجلس، "لقد أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير عن مسيرة اليوم في وقت يترقب فيه المواطنون الإعلان عن توافق نهائي بعد أشهر من الفراغ الدستوري الذي لا يحتمل الوطن استمراره أكثر من ذلك". وتابع البيان، "نحمل قوى الحرية والتغيير المسؤولية الكاملة عن أية روح تزهق في هذه المسيرة، أو أي خراب أو ضرر يلحق بالمواطنين أو مؤسسات الدولة جراء تعطيل المرور وإغلاق الطرق ومس المصالح العامة ومعاش الناس". ويشهد السودان، حاليا، مرحلة انتقالية بعد الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير، إثر حراك شعبي. وتولى مجلس عسكري انتقالي مقاليد الحكم لفترة انتقالية، برئاسة وزير الدفاع السابق عوض بن عوف، الذي لم يلق قبولا من مكونات الحراك الشعبي مما اضطره بعد ساعات لمغادرة موقعه مع نائب رئيس المجلس، رئيس الأركان السابق كمال عبد الرؤوف الماحي، ليتولى قيادة المجلس المفتش العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان. وانهارت المحادثات بين الجانبين وتوقفت الاحتجاجات قليلا بعدما داهمت قوات الأمن اعتصاما خارج وزارة الدفاع في الثالث من يونيو الجاري. لكن الأيام القليلة الماضية شهدت مظاهرات أصغر، ودعا تحالف قوى الحرية والتغيير المعارض إلى مشاركة الملايين في مظاهرات اليوم . وكان من المقرر أن تظهر قبل نهاية شهر يونيو الجاري نتائج القرارات الحاسمة لتحديد وجهة المسير والعلاقات بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير وفق لما أعلنه دونالد بوث المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان. كما أن الثلاثين من يونيو هو الموعد الذي حدده الاتحاد الإفريقي لتجميد عضوية السودان في الاتحاد، حال فشل الفرقاء السياسيين في البلاد في التوصل لاتفاق ينهي الأزمة الراهنة، حيث شهدت الأيام الماضية جهودا مكثفة للوساطة الإفريقية وزيارات لمبعوثي عدد من المنظمات والدول للسودان، في مقدمتهم الجامعة العربية والأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأخرى. وخشية من تكرار سيناريو المظاهرات التي نظمت في نفس الاطار ولنفس الغاية وراح ضحيتها ازيد من 100 شخص وفق مصادر المعارضة طالب مبعوث الاتحاد الإفريقي محمد الحسن ولد لبات ، المجلس العسكري الانتقالي بالسودان و"قوى الحرية والتغيير" التي تقود الاحتجاجات والفاعلين الوطنيين بضبط النفس والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يعكر سير المفاوضات. كما طالبت دول الترويكا، وهي بريطانيا والولايات المتحدة والنرويج في بيان مشترك ، السلطات السودانية باحترام حرية الشعب في التعبير والتظاهر السلمي. وشدد البيان، الصادر امس عن وزارة الخارجية البريطانية، على أن "الشعب السوداني له الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي"، مطالبا المجلس العسكري الانتقالي بأن "يحترم هذه الحقوق ويسمح بالمظاهرات السلمية، وأن يتجنب أي استخدام للعنف." وأعربت دول الترويكا عن دعمها لجهود الوساطة التي يقوم بها الاتحاد الإفريقي وإثيوبيا ، داعية المجلس العسكري الانتقالي "للانخراط بشكل بناء مع مقترحات الاتحاد الإفريقي وإثيوبيا من أجل تحقيق انتقال سلمي ديموقراطي عن طريق تشكيل حكومة يقودها مدنيون."