يفصل وهران قرابة 16 شهراً عن الحدث الرياضي الذي ينتظره الجميع وهو الألعاب المتوسطية لعام 2021 التي تريد هذه المدينة من خلالها أن ترسخ في الأذهان هذه الطبعة بالنظر إلى الإمكانيات الكبيرة التي تم تعبئتها من أجل نجاح هذا الحدث. ومن خلال الكشف عن الشعار والتميمة للطبعة ال19 يوم الأربعاء الماضي، مر منظمو الحدث إلى السرعة القصوى في الإعداد له. كما أن الجميع تنفس الصعداء بعد الانتهاء من هذه العملية التي عرف إنجازها تأخرا كبيرا أثار حتى استياء لجنة التنسيق والمتابعة التابعة للجنة الدولية للألعاب خلال زيارتها إلى وهران في يوليو المنصرم. وكان التعبير عن هذا الاستياء بمثابة أول "بطاقة صفراء" في وجه لجنة التنظيم المحلية للنسخة ال19 من الموعد المتوسطي الذي تحتضنه الجزائر لثاني مرة في تاريخها بعدما استضافت الجزائر العاصمة نفس الألعاب في سنة 1975. وفي غضون ذلك، تم إجراء تغييرات كبيرة على تركيبة اللجنة المنظمة المحلية، مست بشكل خاص المسؤول الأول عنها، حيث تم إنهاء مهام المدير العام محمد المورو الذي تم استبداله بنجم السباحة الجزائرية السابق، سليم إيلاس. وسمح هذه التغيير بمنح ديناميكية جديدة للاستعدادات للموعد المتوسطي، وفق ما لاحظه رئيس اللجنة الدولية للألعاب المتوسطية، الجزائري عمار عدادي، الذي عبر عن ارتياحه الكبير للقفزة التي عرفتها عملية التحضير لألعاب وهران في الفترة الأخيرة. وقال هذا المسؤول على هامش حضوره حفل تقديم الهوية البصرية الجديدة للألعاب الأربعاء المنصرم بوهران : "وقفت في هذه الزيارة إلى وهران على ديناميكية جديدة في التحضير للألعاب المتوسطية، لتظهر بذلك أولى نتائج الدماء الجديدة التي تم ضخها على مستوى لجنة التحضير من خلال إسناد قيادتها إلى سليم إيلاس". ''التلميذ" يستفيد من دعم ''الأستاذ'' وكان حضور عمار عدادي في الحفل أيضًا إجابة منه على الأصوات التي نقلت مؤخرًا معلومات لا أساس لها من الصحة زعمت من خلالها بأن اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط تعتزم سحب تنظيم الطبعة المقبلة من وهران. وهرع هذا المسؤول أيضًا إلى تكذيب هذه الشائعات من خلال وصف التصريحات التي نسبت إليه من طرف بعض وسائل الاعلام مؤخرا ب"الافتراء"، مؤكدا أن فكرة سحب تنظيم الألعاب من عاصمة الغرب الجزائري لم تطرح إطلاقا على مكتب اللجنة الدولية للألعاب المتوسطية. والأفضل من ذلك، فقد انتهز عمار عدادي، وهو شخصية معروفة في السباحة الجزائرية، الفرصة لطمأنة "تلميذه" سليم إيلاس بأنه مستعد لتقديم المساعدة اللازمة له لإنجاح مهمته، في ضوء التجربة الصغيرة لخليفة محمد المورو في هذا النوع من المهام. وتزيد هذه التطمينات من ثقة المدير العام الجديد للألعاب الذي صرح في افتتاح الحفل بأن المسؤولية الملقاة على عاتقه ثقيلة جدا وذلك بعد 44 عاما من احتضان الجزائر لأول مرة لمثل هذا الموعد المتوسطي والذي تمكنت من خلاله من أن تضيء سماء البحر الأبيض المتوسط. ومع ذلك، وعلى الرغم من الشعور بالرضا الذي أبدته اللجنة الدولية فيما يتعلق بالتقدم المحرز في الأعمال التحضيرية لألعاب البحر الأبيض المتوسط، يظل الجميع مقتنعا بحقيقة أن الطريق لا يزال طويلاً. هذا ما أكده رئيس اللجنة الدولية نفسه، على الرغم من أنه كان واثقًا من استكمال المرفقين الرئيسيين الخاصين بالحدث، وهما المركب الأولمبي والقرية المتوسطية، في الوقت المحدد، أي قبل عام من انطلاق المسابقة، على النحو الذي التزمت به المصالح المعنية. وفي هذا الصدد، فإن ثناء وزير الشباب والرياضة، رؤوف سليم برناوي، فيما يتعلق بجودة المركب الأولمبي الجاري إنجازه حاليًا، يعد عاملا محفزا آخر للإسراع في تسليم هذا المشروع الذي تأخرت أشغاله كثيرًا، مع العلم أنها انطلقت في عام 2008. رهان استرجاع بريق الألعاب يسير في الطريق الصحيح وفضلا عن ذلك، فإن وزير الشباب والرياضة، الذي يعد بطلا إفريقيا سابقا في المبارزة، قال إن هذا الإنجاز الجديد للرياضة الجزائرية يسمح للبلاد بالترشح في المستقبل القريب لتنظيم، على سبيل المثال، بطولة عالمية لألعاب القوى، حيث أن هذه البنية التحتية لديها ملعب مخصص لهذه الرياضة على وجه التحديد بسعة 4200 متفرج، دون نسيان أن ملعب كرة القدم الأولمبي الذي تصل طاقة استيعابه إلى 40.000 مقعد، يحتوي هو الآخر على مضمار لألعاب القوى. وفي انتظار ذلك، فإن الوقت حاليا هو لرفع تحدي تنظيم الألعاب المتوسطية في أفضل الظروف، سيما وأن الجزائر تريد بالمناسبة رد الاعتبار لهذا الحدث الرياضي الجهوي الذي فقد كثيرا من بريقه في الطبعات السابقة، بحسب وزير الشباب والرياضة نفسه. وتنعكس رغبة السلطات العمومية في الفوز بهذا الرهان من خلال الغلاف المالي الضخم الذي تم حشده من أجل انجاز بنية تحتية رياضية جديدة وتنظيم راقي للألعاب، والذي قدره السيد برناوي ب 600 مليون دولار. وبدأ هذا الاستثمار الكبير يؤتي ثماره بالفعل، وفقًا لتصريحات رئيس لجنة التنسيق والمتابعة باللجنة الدولية للألعاب المتوسطية، الفرنسي برنارد أمسلام، على هامش زيارته الأخيرة إلى وهران، والثالثة له هذا العام. وقال هذا المسؤول في نفس السياق : "ما رأيناه حتى الآن أعجبنا كثيرا. الهوية البصرية للألعاب جميلة. إنها ديناميكية حديثة وشابة. الألوان المختارة جميلة. نشعر أن الأمور تتطور بطريقة إيجابية مقارنة بزيارتي السابقة إلى وهران في يوليو الفارط. فيما يتعلق بملف المرافق الرياضية، وحتى إذا لم تنته بعد، فإن ذلك لا يقلقنا كثيرًا، لأننا على يقين من أنه سيتم تسليمها في الصيف المقبل، أي قبل عام من التظاهرة الرياضية، وهو أكثر من كاف لإجراء الاختبارات المعمول بها عليها". وتعد هذه الشهادة بمثابة مكافأة أولية بالنسبة لمختلف الأطراف المتدخلة في عملية تنظيم الألعاب المتوسطية وتؤكد أنها في الطريق الصحيح لتمكين مدينة وهران من كسب رهان استرجاع بريق هذه التظاهرة.