يحيي العالم اليوم الثلاثاء الذكرى الثلاثين، لاطلاق سراح الزعيم الافريقي نيلسون مانديلا (1918-2013) التي شكلت نقطة مفصلية في وضع حد لنظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا وحولت السجين السياسي الى أيقونة عصره لرفع الظلم وإزالة الاضطهاد في عالمنا المعاصر. ويعتبر نيلسون مانديلا، من مواليد 18 يوليو 1918 في منطقة ترانسكاي (جنوب شرق) في قبيلة ملكية وأطلق عليه والده اسم "روليهلاهلا" أي "المشاكس"، حيث بدى منذ سنه المبكرة فتى متمردا وأقصي من جامعة فورت هار للسود بسبب خلاف حول انتخاب ممثلي الطلاب. وفي جوهانسبرغ ، التحق مانديلا المحامي الصاعد بحزب المؤتمر الوطني الإفريقي وأسس رابطة الشباب في الحزب، ليتولى في 1948 رئاسة الحزب ويصبح بذلك الخصم الأول للسلطة التي تطبق نظام الفصل العنصري. واعتقل الزعيم الإفريقي المعروف باسم "ماديبا" (العظيم المبجل) نسبة إلى اسم قبيلته مرارا، وصدر أول حكم ضده بتهمة "الخيانة" قبل تبرئته في 1956. وبعد عام ، قاد مانديلا النضال المسلح واعتقل وحوكم في إطار محاكمة ريفونيا (1963 1964). وصدر عليه حكم بالسجن المؤبد، يومها أعلن مانديلا مبدأه بالقول "إن مثلي الأعلى كان مجتمعا حرا وديمقراطيا يعيش فيه الجميع مع فرص متساوية (...) إني مستعد لان أضحي بحياتي في سبيل ذلك". وأمضى مانديلا، الذي قاد نضال السود ضد النظام العنصري الأبيض في جنوب إفريقيا، 27 عاما في السجن من 1964 إلى 1990. ألهم رفاقه في سجن روبن ايلاند قبالة سواحل الكاب (جنوب غرب) وفي السجون الأخرى. وفي 11 فبراير 1990، كان "المعتقل الذي يحمل رقم 46664"، أي نيلسون مانديلا، رجلا حرا إلى جانب زوجته الثانية ويني. وعلى الفور تواصلت المفاوضات، وبفضل نجاح المفاوضات مع آخر رئيس لنظام الفصل العنصري فريديريك دو كليرك، حاز الرجلان على جائزة نوبل للسلام في 1993. وفي 27 أبريل 1994، انتخب مانديلا في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية كأول رئيس اسود لجنوب افريقيا، وأعلن عزمه على بناء "امة تعيش بسلام في الداخل ومع العالم" واستمر في الحكم الى غاية 1999. وأضحى نيلسون مانديلا رمزا عالميا للحرية ثم للمصالحة منذ أن خرج من سجون نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ولخص الأسقف الانجليكاني ديسموند توتو إرث مانديلا بالقول إنه "نجح في أن يحول جنوب إفريقيا دون حقد، ديمقراطية مستقرة متعددة الأعراق" ووصفه قائلا: "إنه أضحى رمزا عالميا للمصالحة". ونجح نيلسن مانديلا في أن يكسب مودة البيض لأنه لم يظهر مرارة لكل السنوات التي أمضاها خلف القضبان، في 1999 استقال من الرئاسة واعتزل السياسة. ولأنه بقي مخلصا للمؤتمر الوطني الإفريقي، رفض اتخاذ مواقف سياسية باستثناء ما يتعلق بمكافحة الايدز. و واصل مانديلا نشاطاته، الى غاية اصابته بالتهاب في الرئتين ادى الى وفاته في 2013 عن عمر يناهز 95 سنة. و يأتي احياء الذكرى ال30 للإطلاق سراح مانديلا، في ظرف تواجه فيه العديد من بلدان القارة نزاعات مسلحة داخلية تضاف الى المشاكل المرتبطة بالتنمية. و في كلمة ألقاها الأحد الماضي باديس ابابا (اثيوبيا) بمناسبة الدورة العادية ال33 لقمة رؤساء دول و حكومات الاتحاد الافريقي، أعرب رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون عن يقينه بأن عمل الاتحاد الافريقي سيعرف دفعا جديدا، تحت رئاسة جنوب افريقيا، " لصالح تحقيق الاندماج الاقليمي وتعزيز التضامن والوحدة والتلاحم بين الشعوب الافريقية، وفقا للمبادئ والمثل النبيلة التي استرشد بها الآباء المؤسسون لمنظمتنا القارية من أجل الرقي بمكانة إفريقيا وتفعيل دور الاتحاد الافريقي على الساحة الدولية. و في مداخلته، استشهد السيد تبون بالمقولة الشهيرة لنلسون مانديلا التي قال فيها: "سنعمل معا من أجل زرع الشجاعة أينما كان الخوف، وتشجيع الحوار أينما كان النزاع، وإعطاء الأمل حيث كان اليأس". و على غرار عواصم أخرى عبر العالم، تنظم الجزائر حفلا برئاسة وزير الشؤون الخارجية صبري بوقدوم بمناسبة بمناسبة الذكرى ال30 لإطلاق سراح نلسون مانديلا.