أكد الباحث فريد ايغيل احريز ان "مملكة نوميديا كانت، الى جانب قرطاج و روما، من اهم القوى السياسية و الاقتصادية و العسكرية في حوض البحر الابيض المتوسط على مدى اكثر من خمسة قرون" مذكرا بخصائص كل حقبة من تطور هذه المملكة و ما ساهمت به في حضارة جنوب حوض المتوسط. و تطرق المؤرخ و عالم الآثار في حوار خص به (وأج ) الى توحيد نوميديا و مختلف الحروب التي نشبت بين القوى الثلاث الآنفة الذكر و التي انتهت ب"آجليد ماسينيسا" على سدة حكم المملكة النوميدية التي تمثل اقليما موحدا لحضارة الحوض الجنوبي للبحر المتوسط من 238 ق. م الى 148 ق. م. و في معرض حديثه عن فترة حكم ماسينيسا و التي دامت اكثر من خمسين سنة، ذكر الباحث بانشاء و تطوير الموانئ التجارية و التجارة الدولية و شبكة الطرقات و تطوير الزراعة و استقرار السكان و صك العملة في وقت كانت المقايضة ممارسة سائدة في العديد من البلدان. كما عاد المدير الاسبق للمركز الوطني للبحث في علم الاثار الى مساهمة ميسيبسا ابن ماسينيسا الذي قام بتنظيم الاقاليم و التقسيم الاداري ليتحدث بعد ذلك عن مقاومة يوغرطة (160 ق.م - 104 ق.م) و التي دامت سبع سنوات قبل ان يخونه بوخوس و يسلمه للرومان. و استمرت المقاومة ضد الاحتلال الروماني في عهد يوبا الاول ( 85 ق.م-46 ق.م) و بعد هزيمته و وفاته (يوبا الاول)، فرض الرومان تقسيما جديدا على مملكة نوميديا. و أسدت روما حكم مملكة موريطانيا الجديدة التي تمتد من المحيط الاطلسي الى مدينة سطيف الحالية الى الملك يوبا الثاني ( 52 ق.م - 23 م) نجل يوبا الثاني و حفيد سلاسة ماسينيسا الذي ترعرع و نشأ على الثقافة الرومانية مع تاثير اغريقي. و اتخذ يوبا الثاني من "قيصرية موريطانيا"و هي مدينة شرشال حاليا عاصمة له حيث جعل منها مدينة كبيرة رفقة زوجته كليوباترا سيليني ابنة كليوباترا و مارك اونطوني و التي تلقت نفس التربية. و يرى الباحث فريد اغيل احريز ان هذه الفترة تميزت بتشجيع الفنون لاسيما المسرح و الاداب و العلوم وهو ما تلقاه يوبا الثاني من علوم في روما مشيرا الى ان يوبا الثاني الف العشرات من الكتب في مختلف الميادين مثل علم النباتات و الجغرافيا. و عرف عن يوبا الثاني تشييده للعديد من المسارح و الحمامات و المعابد و الحدائق العمومية و الضريح الملكي المبني بالاحجار على الطريقة البربرية. و اعتبر الكتاب القدامى يوبا الثاني رجل ادب و علوم فذ حيث شيدوا له تمثالا احتفاء به في اثينا.