أضفت سنوات الجفاف التي تضرب المغرب وأدت الى تراجع موارد المملكة المائية بشكل كبير, مزيدا من المعاناة للسكان, خاصة أصحاب الانشطة الفلاحية وبالتحديد في شمال البلاد الذي يعرف أصلا التهميش والاقصاء. وتعد ازمة العطش التي يعاني منها سكان المملكة مصدر قلق كبير على غرار أزمات ارتفاع اسعار المحروقات والمواد الاساسية, في ظل انعدام اي مؤشرات لتدخل الحكومة من اجل اتخاذ اجراءات للتخفيف من وطأتها. وسبق ان حذرت الجامعة المغربية للقطاع الفلاحي (نقابة القطاع) من ضعف الحصيلة الفلاحية لهذا الموسم, و من ندرة المياه و العطش في الريف, مطالبة الحكومة بوضع حد لغلاء المعيشة. ودفع الاحتياج الى الماء الذي تعانيه القرى والعديد من المدن المغربية, الأهالي إلى الخروج للاحتجاج, مطالبين بحقهم في هذه المادة الاساسية, بينما حذر ناشطون بيئيون من تداعيات غياب استراتيجية لتعبئة الموارد المائية والاستثمار في المياه, الى جانب استنزافها في زراعة القنب الهندي شمال المملكة, الامر الذي لم يثن الحكومة عن تقنينها والسماح لسكان المنطقة بمزاولتها بغرض اسكاتهم عن مآسي العزلة والتهميش وضعف الخدمات الاساسية للحياة الكريمة. ورغم "مبادرة" السلطات, إلا أن العديد من الأسر المغربية في الشمال تصر على مغادرة بيوتها, حيث سجلت المملكة في الآونة الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في الهجرة القروية, على الخصوص بسبب توالي سنوات الجفاف, حسب الصحافة المحلية. وتشمل هذه الهجرة غير المسبوقة, التي تتزامن مع موجة جفاف حادة لم تشهدها البلاد منذ أكثر من 20 سنة, على نحو خاص, أرياف وقرى إقليمي وزان وشفشاون, حيث تساهم العزلة التي تعيشها هذه الأرياف المغربية, بسبب ضعف أو انعدام شبكة الطرق والمسالك وضعف الخدمات الصحية وغياب مؤسسات جامعية, في تكريس هذه الظاهرة. وبتزايد تأثير الجفاف على المناطق الجبلية بالنظر إلى اعتماد هذه الأخيرة على الفلاحة المعيشية وزارعة القنب الهندي, مع استنزاف عدد من الفرشات المائية وصعوبة استفادة بعض المناطق من مياه السدود, تتضخم أكثر دائرة الخطر. ولخص الحقوقي نور الدين عثمان أسباب هذه الهجرات المتتالية في "الإقصاء والتهميش والفقر الذي ينخر هذه المناطق الجبلية, نتيجة فشل السياسات العمومية منذ فجر الاستقلال". كما وقف رئيس المكتب المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في وزان عند "توالي سنوات الجفاف وما ترتب عن ذلك من شح كبير في المياه الصالحة للشرب, كما أن فشل مشروع تزويد ساكنة إقليمي وزان وشفشاون بالماء الصالح للشرب أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية بشكل كبير, ومعه وجدت الساكنة صعوبات جمة في توفير أبسط ضروريات الحياة". ورغم التحذيرات من مخاطر زراعة القنب الهندي على الانسان والبيئة, يسارع المغرب الخطى لاستكمال كل الجوانب التقنية والمؤسساتية لتقنينها فيما يتجاهل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تنخر جسد المواطنين, وبخاصة وضعية سكان مناطق الشمال التي يعتمد نظام المخزن تجاهها سياسة النعامة والتجاهل, مما جعلها "قنبلة مجتمعية موقوتة". وكانت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات قد أفادت شهر مارس الفارط بأن المغرب يعتبر أكبر منتج للحشيش في العالم, ولا يزال البلد المصدر الرئيسي لراتنج القنب الذي يدخل الاتحاد الأوروبي. كما ان التقرير العالمي حول المخدرات لعام 2022 الذي نشره مكتب الاممالمتحدة المعني بالمخدرات و الجريمة (UNODC) في يونيو الفارط, أكد أن المغرب يحتل صدارة الدول الرئيسية لمنشأ و مغادرة القنب الهندي, ما يجعل هذا البلد أكبر منتج و مصدر لهذا النوع من المخدرات. ويشير التقرير إلى المغرب باعتباره أول بلد افريقي من حيث أهمية زراعة القنب الهندي خلال العقد 2010-2020. كما حذر من مخاطر هذه الزراعة, حيث جاء في نصه أنه "في منطقة الريف (شمال), أين يزرع معظم القنب الهندي في البلاد وأصبحت الزراعة غير القانونية كثيفة بشكل متزايد وغالبا ما تكون زراعة أحادية, فإن ذلك أدى في العقود الأخيرة إلى زيادة الضغط البيئي على نظام بيئي هش أصلا, وتمثل ذلك في شكل إزالة الغابات وندرة المياه وفقدان التنوع البيولوجي", مشيرا إلى أن الزراعة المكثفة لهذا النوع من المخدرات قد "حولت المنطقة إلى أكبر مستخدم للأسمدة ومبيدات الحشرات في القطاع الزراعي".