استنفرت المستويات القياسية التي وصل اليها الفساد في المغرب, المنظمات الحقوقية, التي عبرت عن قلقها البالغ من تفشي هذه الافة في ظل غياب الارادة السياسية لمكافحتها, و الإفلات من العقاب. وفي هذا الاطار, نددت الجمعية المغربية لحماية المال العام, في بيان لها, "باستمرار واقع الفساد في المغرب, وغياب الإرادة الحقيقية لمواجهة هذا الوضع", مشيرة الى أن المغرب يحتل مراتب متأخرة في مكافحة الفساد, ما يعكس, وفقها "تنامي هذه الافة والرشوة في الحياة العامة ومحدودية الآليات القانونية والمؤسساتية الكفيلة بالتصدي للظاهرة". وأعربت في السياق, عن قلقها إزاء "تأخر التحقيقات التمهيدية وطول الاجراءات القانونية, و المحاكمات القضائية في قضايا الفساد ونهب المال العام", داعية السلطة القضائية إلى "ممارسة أدوارها الدستورية والقانونية في مكافحة الفساد المالي والاقتصادي وربط المسؤولية بالمحاسبة". كما طالبت الجمعية المغربية ب"تحريك المتابعات القضائية ضد المفسدين وناهبي المال العام وإصدار أحكام قضائية رادعة في قضايا الفساد والرشوة ونهب الأموال العمومية", كما دعت إلى "فتح مساطر الاشتباه في غسيل الأموال ضد المتورطين في قضايا الفساد والرشوة واستغلال النفوذ ومصادرة ممتلكاتهم و اموالهم لفائدة الدولة". من جهتها, أكدت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة, في آخر تقاريرها, أن "المغرب يعيش وضعية فساد عامة دون وجود آفاق للخروج منها", مشيرة الى أن كل التوصيات الصادرة للقضاء على الفساد تظل حبرا على ورق, ولا تجد آذانا صاغية لتفعيلها على أرض الواقع". و في هذا الصدد, قال عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان, الكبير الميلودي, إلى أن "المغرب لم يقطع ولم يتخل عن ظاهرة الفساد, ولم يتحسن ترتيبه ضمن التقارير ذات الصلة لأن الظاهرة بنيوية ومرتبطة بطبيعة النظام القائم". وفي سياق ذي صلة, حذر رواد مواقع التواصل الاجتماعي من التداعيات الخطيرة لاستفحال هذه الظاهرة, مؤكدين ان "السيل قد بلغ الزبى, ولم تعد التبريرات الواهية تجدي نفعا وعلى الحكومة و رئيسها التفكير في خلاص من هذا الوضع الذي اصبح لا يطاق". كل هذا في ظل سياسة "الاذان الصماء" التي تنتهجها حكومة المخزن, للإجابة على استفسارات و انشغالات المواطنين حول الوضع المعيشي المتأزم عند شريحة واسعة من المجتمع المغربي. والبارز أن الغنى الفاحش للمسؤولين المغاربة يبقى العنوان الابرز في المغرب, حيث ضاعف رئيس الحكومة عزيز اخنوش ثروته خلال عام 2022 لتصل لما يقارب 2 مليار دولار, بزيادة قدرها 100 مليون دولار, حسب ما كشفت عنه مجلة "فوربس" العالمية. وكانت تقارير قد أبرزت تورط أخنوش في أكثر من ملف فساد و "استغلاله لمنصبه" لصالح محتكري سوق المحروقات, على اعتبار أنه صاحب أهم شركة بيع وتوزيع المحروقات بالمملكة ويعد طرفا في الاستفادة غير المشروعة من ارتفاع أسعار المحروقات. ويؤكد حقوقيون ان الازمة الحالية التي تعيشها المملكة المغربية, تحتاج الى معالجة سريعة بالابتعاد عن الاصطياد في المياه العكرة والاغتناء على حساب الوضعية الاجتماعية الهشة لشرائح واسعة من المجتمع, لا سيما المصنفة تحت خط الفقر.