شكل موضوع خلفيات الوهن لدى العرب في العالم المعاصر، محور محاضرة ألقاها الباحث والخبير الدولي اللبناني جورج قرم مساء هذا الأربعاء في إطار فعاليات الصالون الدولي ال 15 للكتاب بالجزائر. بعدما قدم المحاضر عرضا تاريخيا حول تمزق اللحمة العربية تحدث عن النزيف البشري والعلمي الخطير التي تعيشه حاليا الأقطار العربية نتيجة هجرة الأدمغة إلى الخارج والتي كلفت الملايير نتيجة عدة ظروف تكون في بعض الأحيان كما قال "بتشجيع من طرف بعض الجهات الرسمية "مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى فراغ وضعف القوى وتوجه نحو القوى الإقليمية أو الدولية لحماية الأنظمة نفسها. وفيما يتعلق بالهوية العربية قال أنها مركبة وليست أحادية الجانب ولا يمكن اختصارها في الانتماء الديني فقط مضيفا بان العرب هم "مجموعة شعوب تداخلت وتعايشت على مر القرون في حالة من الاستقرار". وذكر بان العرب الاقحاح هم قليلون يوجدون في الخليج وأما سكان المشرق فهم أما مستعربون أو مكونون من عناصر دخلت في الديانة الإسلامية وحافظت على هويتها كالأكراد والآشوريين وهذا ينطبق على سكان المغرب العربي يضيف المحاضر كالامازيغيين العرب . وبخصوص الهوية أوضح المحاضر انه لا يمكن الكلام عن هوية عربية فقط بل هناك هويات عربية امازيغية وعربية آشورية أو فرعونية على حد قوله مضيفا "بأننا نتحدث عن الهوية العربية الإسلامية بسبب رفضنا للتعددية في الهوية". وذكر بان مفهوم العروبة هو مفهوم تنوعي وليس أحادى منوها بتفاعل الحضارة العربية الإسلامية زمان ازدهارها والتي تفاعلت مع الحضارات الأخرى وأنتجت مختلف العلوم الإنسانية والطبية. وارجع المحاضر الوهن والفتن عند العرب إلى تفسير انتروبولوجي ووضعي تاريخي مشيرا إلى أن المثقفين العرب تأثروا بالفكر الغربي وقال لا يمكن تقسيم الهوية العربية على أساس ديني مضيفا بان الشعوب العربية اليوم "غير العرب أيام الخلافة الأموية أو العباسية". وأرجع المحاضر التخلف العربي إلى الانقطاع في الاجتهاد والتجديد الذي دام تسعة قرون والى الاستعمار سواء الانجليزي أو الفرنسي إضافة إلى الفشل في التنمية الاقتصادية والتقوقع على الذات. أكد المحاضر أن الفكر العربي تشوه بفعل استيراد إشكاليات فلسفية أوروبية بدون نقد موضوعي على عكس رواد النهضة العربية الذين كانوا نخبة تتفاعل حضاريا وثقافيا. في هذا الإطار، قال المحاضر "استبدلنا علماءنا وفلاسفتنا الكبار كابن سينا وابن رشد وابن خلدون بهيجل و ماكس فيبر وهي فلسفات مبنية على المسار الغربي لا تنطبق مع الواقع العربي". وفي الأخير أكد الخبير اللبناني أن طريق الحرية والاجتهاد "مقفلة ولا يمكن تأسيس حريات سياسية في غيابها"مضيفا أن المثقفين العرب يتحملون جزء من مسؤولية هذا الوهن لان مهمة المثقف هو "زيادة معارف الأمة وليس هناك ما يمنع ذلك". الجدير بالذكر، أن الباحث جورج قرم خبير اقتصادي تدرج على عدة مناصب سامية في لبنان منها وزير للمالية في حكومة الرئيس سليم الحص 1998 /2000 وله عدة مؤلفات.