إني أتذكر ذلك اليوم جيداً ، إذ جاءني صديقي عبد السلام على غير عادته ، يُعاني قلقاً كبيرا على زوجته الثانية الحامل ، والتي كان يُحبها بشدّة! ، هل تعرفون من يكون عبد السلام ؟ هو نفس عبد السلام الذّي دفناه الأمس، بعد صلاة العصر... ، هل تعرفون عائلته ؟، (...)
بالنسبة إلينا نحن رواد المقهى ، فقد كان لنا مخلوف أولاً وأخيراً هو مخلوف! لقد كانت له أخلاقه وهو متمسك بها ولا يرغبُ في تغييرها ! كنا نُبدي له الاحترام لكن نحتقره بيننا وين أنفسنا، وبالأخص في شلتنا الصغيرة في زوايا المقاهي، أو تحت أعمدة الإنارة في (...)
كنتُ أنا وزوجتي في الداخل فسمعنا أصواتاً في السماء، فخرجتْ زوجتي مسرعة وتبعتها أنا.
وقفتْ وسط الفناء وأشارت بيدها نحو السماء:
سرب من طيور الغَرنوق في السماء..إنها مهاجرة نحو المشرق..ربما مهاجرة من أوروبا نحو تونس!
ثم أضافت زوجتي: الله..الله..الحمد (...)
لم يحفظ لنا تاريخ الأندلس من النساء إلا القليلات كصبح البشكنجية ، اعتماد الرميكية زوجة المعتمد ، أو عائشة الحرّة ، لكن تكاد ولادة ابنة المستكفى أن تطغى عليهن ، ويتردد ذكرها في التاريخ جيل بعد جيل ، وتكاد سيرتها تتجاوز كل ما يُكتب أو يُنقل عن المرأة (...)
وأخيرا وجدوه مربوطا بجذع شجرة وسط أشجار اللّوز عند راس العين جنوب مدينتنا الصغيرة، وقد كنا نفتقده مدة ستة أيام، إذ بحثنا عنه في كل مكان...
وجدوه ساكناً لا يتحرك! اقترب منه خالي عمر فوجده قد مات...بكي خالي عبد القادر، أما خالي مسعود فقد ربتَ على كتف (...)
نزل علينا الخبر مفاجئا، حتى أننا لم نصدق، وأغلبنا لم يرغب في التصديق، أطيب رجل في مدينتنا الصغيرة تُوّفي ! كلنا يحترمه، يحبّه، ولا يُوجد من لا يوّدُ أن يجالسه والتحدّث إليه، الموت حق، لكنه تُوّفي في حادث يعتقدُ كل واحد منا أنه عمدي، والمثير أن لا (...)
أحدهم يطرق على الباب.. إنه خالد، صديقي وزميلي في مدرسة خلف خيرة، أمضيتُ معه ست سنوات من المرحلة الابتدائية، تعاركنا مع أترابنا أومن هم أكبر منا من الأقسام الأخرى، ركضنا، قفزّنا، تسلقنا الأشجار، وتبادلنا النكت البذيئة التّي كنا نسمعها من أفواه من هم (...)
ما أشد وطأة الإحساس بالجبن إذ أيقنت بأني لا أساوي شيئا. اجتاحني ذلك الإحساس العنيف لما لمحت أولئك الجنود الفرنسيين الثلاثة يجرون طفلاً صغيرا ! تضآلت نفسي ...
أنا أؤمن بالثورة، وأقرأ تقريبا كل ما تنشره جبهة التحرير الوطني، وأبغض فرنسا منذ أن كنت (...)
كان الرجل الطويل ذو الشارب الكث ويرتدي البزّة العسكرية يحمل طفلة صغيرة بين ذراعيه وكانت تحمل الراية الوطنية صغيرة الحجم ... كانت تبلغ من العمر أربع سنوات وهي ابنة جاري الطيب وقد تعود ذلك الرجل الطويل أن يحملها ويُلاعبها كلما زار قريتنا، ويُخرج (...)
ماذا حدث لعم جدي؟ لا أدري إن كان حدثا ساخراً أو مأساوياً ؟ جدي اعتقد أنه كان أمرا مضحكاً!
استيقظ السكان ذات يوم ليجدوا العساكر الفرنسيين يملأ ون المكان! كانوا يسمعون عنهم فقط؛ الأمير عبد القادر يحارب الفرنسيين!
يتقدمهم رجل في زّي مدني ، ثرثار ، (...)
كنا ثلاث أصدقاء مميزين ، متحدين وأوفياء رغم أننا نسكن في أحياء مختلفة متباعدة، وبذلك ندرس في مدراس مختلفة ، أنا في مدرسة خلف خيرة ، وأمير في مدرسة الأمير خالد في الناحية الشرقية ، وصديقنا مولاي علي في مدرسة ابن باديس في الناحية الجنوبية ...
نلتقي (...)
لم يسبق لي أن رأيت سمير إلا مرتين في السنوات الثلاث الأخيرة. أما من قبل فكنت التقيه كل حين، إذ كان أخا لأهم أصدقائي وزملائي في مرحلتي المتوسطة والثانوية...
صدمتنا وفاته المفاجئة ! فالأعمار بيد الله لكن نحن تعودنا بأن لا نتوقع أن يموت شاب في مقتبل (...)
كلما أجلس في قاعة الانتظار في عيادة خاصة، إلاّ ويخطر علي هذا السؤال، وهو سؤال قديم عن علاقة الطب بالأدب، وكيف يتأتى للطبيب الوقت الكافي لكي يُفكر، يكتب ويشطب ؟. وهو وقته بالكامل مُخصص لمرضاه، أو لتطوير نفسه بالاطلاع على المراجع الطبية (...)
كُنت جالسا لوحدي في المقهى، أتفرج على الناس يسيرون، منهم من يمشي ببطء، ومنهم المستعجل، ومنهم الواقف طويلا وبين الحين والأخر ينظر إلى ساعته، ومنهم من يتأمل في الناس والبنايات يفكر في أمر يشغله !...
كان الفصل ربيعا، والجو منعشا، يبعث على الحيوية (...)
استيقظ توفيق من حلم سيء، سبب له ألم وصداع رهيب! توجه الى المرآة المعلقة على جدار غرفته...
إنّه يشعر بالرعب ممزوجا بالأسى والخيبة..أخوه مبارك زاره أربع مرات في المنام، يخرج من قبره ويمسكه من ياقته ثم يهزه بعنف وهو يصرخ: — هل نسيت أن القبر هو منزل (...)
من منا لا يعرف توماس أديسون .. ، ومن منا لم يقرأ سيرته ولو في الكتب المدرسية ،ذاك الشاب الطموح الذي أصبح بفضل الإصرار والهمة العالية وتنظيم الوقت من أشهر المخترعين ورجال الأعمال في الولايات المتحدة والعالم، إذ تمكن من اختراع العديد من الأشياء المهمة (...)
لك ثلاث أصدقاء مميزين، وميزتهم أنهم إخوة، وثلاثتهم يمارسون مهنة التعليم، وكل واحد منهم متعلّق جدا بعلم النفس!
ولأنهم إخوة فصداقتكم انتقلت من احدهم إلى الآخرينْ! وما أعجبوا وولعوا بعلم النفس إلا لأنهم أساتذة، ويرغبون في الولوج إلى نفوس تلاميذهم (...)
كان للترجمة ولا يزال دور مهم في تطوير الآداب والفنون الوطنية والقومية والعلوم ،وهي محل اهتمام كبير وخطير لدى الشعوب المتقدمة في أوروبا وأمريكا واليابان والصين...
ولدراسة الكتب المترجمة أهمية خاصة لدى الباحثين في الأدب المقارن، لذلك أولاها الأديب (...)
انتهت العاصفة الرعدية .ثلاثة أيام بلياليها والمطر لم يتوقف... والمياه ملأت الأحواش، وانسلت خفية الى غرف النوم والمطابخ...
كانت تمطر ... تتوقف قليلا لكي تبدأ من جديد ...الريح تعصف بقوة غير أنها أمطار تخلو من البرد !
مدينتنا الصغيرة لم تشهد أمطارا (...)
لم أكن أعرف أن الكاتب الفلسطيني المميز غسان كنفاني كتب في المسرح ، وما تصورت أبدا أنه كتب في الخيال العلمي فشهرته وتميزه أنه رائد أدب المقاومة!..كنت قد قرأت له من قبل "رجال تحت الشمس " ، " أم سعد " ، " عالم ليس لنا " ، " القميص المسروق " و " أرض (...)
ولأني كنت اعتبر ضيوفي أناس مهمين وأعزاء على قلبي فقد أردتُ أن القي نظرة على التحضيرات في المطبخ فتطمئن نفسي.
كان صوت النسوة ينتهي الى أذني حماسياً ومشجعاً، حتى أني أيقنت بأن الوليمة ستكون مميزة، ولن تخجلني أمام ضيوف سيدخلون بيتي أول مرة! وكان صوت (...)
تسألني عن سي محمد البودالي؟ تسألني ثم تتعجب! ولما الدهشة؟ أليس واحدا من أبناء منطقتنا ورجلاً من مدينتنا الصغيرة؟ والواجب الديني والأخلاقي يحتم علي أن أحضر جنازته معكم الآن...
آه ....فهمت أنت تتعجب لأنك ما رأيتني أجالسه في المقهى ! وما رأيتني ألاعبه (...)
رافقت صديقي إلى بيت خاله في الريف، وقد كان ابنه الأكبر يربّي كلباً سلوقيا. وقد كان صديقي معجبا بكلب ابن خاله ودائم الحديث عنه في بيته، في المدرسة أو في الشارع فرغبني ذلك رؤية ذلك الكلب المطيع الذي يهزم الذئاب، الخنازير والحيات الخطيرة، وطلبت الإذن (...)
كلما ألمحها من بعيد تمشي بإطراق واطمئنان مع ولدها الصغير أتذكر تلك الطفلة صاحبة الحذاء الأحمر. أسماء كانت أجمل البنات في حينا وأطيبهن، فكان الجيران يحبونها صغاراً وكباراً ، رجالاً ونساء غير أنها لم تكن ذكية رغم علامتها الجيدّة في أغلب المواد (...)
التقينا في المرحلة الثانوية، السنة الأخيرة بالنسبة لي، والأولى بالنسبة لها، فأعجبت بها وبادلتني هي نفس الإعجاب لكني لم أنتبه لها لأني كنت كثير التنقل بين الفتيات، فعيناي دائمة الزيغان، وقلبي الغض حساس جدّاً..
ففي النهار أكون كثير التنقل بين (...)