كلما ألمحها من بعيد تمشي بإطراق واطمئنان مع ولدها الصغير أتذكر تلك الطفلة صاحبة الحذاء الأحمر. أسماء كانت أجمل البنات في حينا وأطيبهن، فكان الجيران يحبونها صغاراً وكباراً ، رجالاً ونساء غير أنها لم تكن ذكية رغم علامتها الجيدّة في أغلب المواد الدراسية، لكن ساذجة فطرياً! اشترى لها والدها حذاء جميل أحمر اللون لكي تلبسه يوم عيد الفطر، فأعجبها كثيرا وأدخل السرور إلى قلبها الصغير، لكن العجيب والمثير أنها لم تنتعله، فأضحك ذلك أترابها وصديقاتها، بل أضحكنا جميعا فتحوّلت في نظرنا إلى فتاة حمقاء! ولم تلبسه يوم العيد وأصّرت وإنما كانت تمشي حافية القدمين ولما تُسأل ترد : حذاء جميل اشتراه لي أبي وعلي المحافظة عليه... وخز قطع الزجاج الصغيرة ولا يتسخ حذائي الأحمر... طيلة أيام العيد كانت تحمل الحذاء في يدها وتسير حافية القدمين، فاغضب ذلك والدها سي دحمان فضربها وبكيت، لكن تمسكت بحذائها... واقترب منهما جارنا سي سليمان وقال لوالدها: إن حذاء ابنتك مميز فهي تحافظ عليه وتخاف أن تخسره! استشاط الأب غضباً وقال : تقول وخزة مؤلمة ولا يتسخ حذائها... ربت سي سليمان على كتفها ثم قال مبتسما ً: متى تلبسين الحذاء ؟ ... نظرت إليه ولم تقل شيئا فأضاف هو : الحذاء صُنع لكي يلبس ولما يُبلى أو يتمزق يشتري الأب العزيز آخر.... فقاطعته : لا يا عمي لا يوجد حذاء مثل حذائي هذا ....لا أصدق ولو حلفت لي ... غمز والدها ثم قال : لن أحلف ولكن بعد غد نذهب مع بعضنا الى دكان سي ربحي وسأريك أحذية أجمل، الحمراء، الزرقاء والسوداء .... لا...لا... نذهب مساء اليوم.... نظرت إليهما ثم وضعت الحذاء على الأرض ... بقيت مترددة تلبسه أم لا ....