وأخيرا وجدوه مربوطا بجذع شجرة وسط أشجار اللّوز عند راس العين جنوب مدينتنا الصغيرة، وقد كنا نفتقده مدة ستة أيام، إذ بحثنا عنه في كل مكان... وجدوه ساكناً لا يتحرك! اقترب منه خالي عمر فوجده قد مات...بكي خالي عبد القادر، أما خالي مسعود فقد ربتَ على كتف عمر وطلب منه أن يبتعد عن الجثة، فالتعفن قد يسبب الأمراض الخطيرة! صرخ عبد القادر بأعلى صوته يسّب ويشتم من فعل ذلك، ويتوعّده بالانتقام، وأنه سيعثر عليه عاجلا أم أجلا ً... أما أنا فقط وقفتُ صامتا ولم أقل شيئا... كان بيرام أخلص وأصدق صديق لأخوالي، وطالما اصطحبوه في صيد اليرابيع والزرازير...وفي كثير من المرات كان ينقذ عبد القادر من الأطفال الأكبر منه سنا حينما كانوا يتنمرون عليه... لكن ما تصوّرت أبدا أن جدي يغصُ بالبكاء لأجل بيرام ويحزن لأجل كلب. بكى طويلاً لما عدنا في ذلك اليوم، وأخبرناه بأننا وجدناه مقيداً بجذع شجرة في راس العين! ما أبعد راس العين عن بيتي! ومن من المحال أن يركض بيرام لوحده الى ذلك المكان البعيد، إنه كلبي وأعرفه! لكن كيف استطاعوا أن يسرقوه من أمام الدار، وهو الحذّر اليقظ! من فعل ذلك؟ هل هو أحد الأطفال الذين تتعاركون معهم في المدرسة يومياً؟ أم هو رجل بالغ؟ رجل يحقد علي أو يكرهني! لكن أنا لا أعداء لي... كان جدي يسأل باكياً لكن لا أحد منّا كان بإمكانه أن يجيب...