لم يحفظ لنا تاريخ الأندلس من النساء إلا القليلات كصبح البشكنجية ، اعتماد الرميكية زوجة المعتمد ، أو عائشة الحرّة ، لكن تكاد ولادة ابنة المستكفى أن تطغى عليهن ، ويتردد ذكرها في التاريخ جيل بعد جيل ، وتكاد سيرتها تتجاوز كل ما يُكتب أو يُنقل عن المرأة الأندلسية.. فهي ابنة المستكفي أحد أمراء بني أمية ، وهي إحدى سيدات قرطبة ، حاضرة الأندلس المتحضرة. وهي حبيبة ومعذّبة ابن زيدون الشاعر الأندلسي العبقري المتألق.. اشتهرت بمجلسها الذّي كان يحضره الأعيان والشعراء، وهو مجلسٌ مشهود ومشهور في قرطبة، كانت تدور فيه أحاديث ممتعة ونقاشات متشعبة حول شؤون الشعر والأدب وقضايا الفلسفة والفقه والفنون .. لم تكن ولادة مستمتعة فقط، وإنما كانت تناقش وتُجادل الأدباء والشعراء في قضايا الشعر والأدب والتاريخ، وكانت تتفوقُ عليهم في أحايين كثيرة ... ويُؤكد الكثير من الباحثين في تاريخ الأدب العالمي والمستشرقين أنها أول من أوجدت فكرة الصالون الأدبي في البيت ، بعيدا عن حلقات الدرس في المسجد والجامعة ، أو بعيدا عن المكتبات ؛ قبل أن تظهر تلك الصالونات الأدبية و في فرنسا وايطاليا بقرون ثم تنتشر في بلدان أوروبا ...