قدم مسرح دانيال سورانو من السنيغال، أول أمس، على ركح المسرح الوطني محي الدين بشطارزي، مسرحية ''فصل في الكونغو'' للكاتب والشاعر المارتينيكي المعروف إيمي سيزار· ويروي العرض تراجيديا تصفية الزعيم الإفريقي الكبير باتريس لومومبا الذي شغل منصب أول رئيس حكومة في الكونغو قبل أن يتم الانقلاب عليه· استطاع مخرج مسرحية ''فصل في الكونغو'' أن يكون وفيا لمسار الزعيم الإفريقي الذي كان اغتياله فاجعة كبيرة في الكونغو، وهو الذي كان رمزا من رموز الحرية والتحرر من نير الاستعمار· وفي جو تراجيدي ملأ ركح بشطارزي سواء على المستوى السينوغرافي أو من حيث الإضاءة، ينقل المخرج في جو حزين قريب من الجنائزية حياة باتريس لومومبا النضالية التي كانت قربانا في سبيل التحرر من جبروت الإمبريالية، ليكون العرض وقفة فنية عرفانية لمناضل لم يساوم على القضايا الكبرى لبلده، وعاش نصيرا لها لتنتصر به حيا وميتا· والعرض يقدم جرعة قوية في دعم مسار التحرر في القارة السمراء التي ما تزال عرضة للنهب بيد الإمبريالية المتوحشة، وهو ما يعطي نفسا مهما في مقاربة الراهن الإفريقي، سيما إذا اعتبرنا أن مسرحية ''فصل في الكونغو'' للمارتينيكي إيمي سيزار قد كُتبت سنة ,1967 وقد أدى دور الزعيم باتريس لومومبا الممثل المسرحي إبراهيم لبايي، في حين قام بأداء شخوص عرض ''فصل في الكونغو'' كل من محمد فيليي، روجي سامبو، ماريان سادو· جدير بالذكر أن المُجاهد الكنغولي باتريس لومومبا ولد عام 1925 في (ستانلي فيل) بالكونغو الشرقية، إبان الاحتلال البلجيكي للكونغو، وهو ينتمي لقبائل باتيتيل، قاد لومومبا ورفيقه (كازافوبو) عدة مواجهات ضد الاستعمار البلجيكي، كما أسس حزب (الحركة الوطنية الكنغولية)، فحظي بشعبية واسعة بين مواطنيه، عمل لومومبا كاتباً في مكتب البريد بستانلي فيل، دبرت له سلطات الاحتلال تهمة اختلاس للإنفاق على حزبه، حُكم عليه فيها بالسجن لعامين، ثم خفف الحكم لعام واحد استغله لومومبا في تأليف كتاب ندد فيه بالاستعمار البلجيكي لبلاده· في 30 جوان أعلن استقلال الكونغو وانتخب كازافوبو رئيساً لها، في حين تولى لومومبا رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع (المنصب الأهم)، عقب إعلان الاستقلال، بدأت بعض القوى الخارجية ذات المصالح في الكونغو في تأجيج الخلافات الداخلية بين الزعماء الكونغوليين، وبحلول شهر سبتمبر 1960 كان الوضع قد تفاقم في الكونغو بصورة سريعة، فقد بث كازافوبو بياناً إذاعياً أعلن فيه إقالة لومومبا، وتعيين (جوزيف إيليو) رئيساً لمجلس الشيوخ، على أن يتولى بنفسه قيادة القوات المسلحة، وما أن أعلن البيان إلا وتوجه لومومبا إلى مبنى الإذاعة ليُعلن أنه لا يزال رئيسا للوزراء، وأن كازافوبو خائن ولم يعد رئيساً للجمهورية، سعى كل الخصمين للقبض على الآخر، فاستعان كازافوبو ب (جوزيف موبوتو) رئيس الجيش الوطني، الذي استطاع بمساعدة البلجيك من القبض على لومومبا وبعض مساعديه في 17/1/,1961 وتم نقلهم إلى كاتنجا، حيث قتلوا ومُزق جسدهم وأذيب في مادة كيميائية، وفي ,2002 قدم وزير الخارجية البلجيكي اعتذاراً باسم حكومته لشعب الكونغو عن الدور الذي لعبته بلاده في مقتل رئيس وزراء الكونغو باتريس لومومبا·