لوقت قريب مضى لم يكن للمرأة الجزائرية حساب في المعادلات الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية، ولم يكن لها تواجد وحضور سوى في المنزل الذي تتكفل بترتيب شؤونه، غير أن مثل هذه المعطيات تغيرت في الوقت الحالي الذي أصبحت فيه الجزائريات تشكلن قوة ضاغطة ديموغرافيا لأنهن تمثلن نصف العدد الإجمالي للسكان بمجموع يقارب ال 22 مليون نسمة، وهي نسبة ساعدتهن على ولوج الحياة بمختلف شعابها، فتقلدن أعلى المناصب السياسية، ونافسن الرجال عليها ودخلن معترك الانتخابات الرئاسية وحجزن لهن مقاعد في البرلمان والمجالس المحلية، وولجن عالم الجريمة ودخلن السجون بالآلاف، متحديات كل الصعاب، بينما تعد العنوسة والتحرشات الجنسية الصعاب التي تواجههن ولم تعد لهن القدرة على تحملها··· يقدر عدد النساء العاملات في الجزائر، حسب آخر الدراسات، ب 2,1 مليون امرأة عاملة، ما يمثل نسبة 30 بالمائة من مجموع الفئات العاملة في البلاد معظمهن دخلن عالم الشغل في سن أقل من الرجال وتسند إليهن وظائف أقل من مستواهن العلمي، وبينما تسجل حواء الجزائرية حضورها في مختلف القطاعات، في مجالات التعليم، الصحة، القضاء والإعلام، حيث تصل نسبة اليد العاملة في إدارات المؤسسات السالفة الذكر حوالي 60 %، و80 % من هذه النسبة موجودة في الإدارات الصحية، التعليمية كدرجة أولى، يليها القضاء بنسبة 60 % من المجموع الكلي للقضاة، في حين تمثل المحاميات ثلث المجموع العام للمحامين وما يقارب 45 بالمائة من أساتذة القانون، في حين يستوعب قطاع الصناعة حوالي 35 بالمائة من النساء العاملات· وبينما يبقى تواجد الجزائريات في قطاعي الأشغال العمومية والفلاحة ضعيفا، فإن الأمور تسير بشكل مخالف في مجال المقاولات، حيث أنه وفي ظل تطور قوانين الشغل وتطبيق الجديدة، منها تلك التي سمحت بظهور النساء المقاولات اللاتي تملكن مؤسسات وتشغلن العديد من العمال، ويبلغ عددهن حوالي 120 ألف امرأة وطنيا. كما تساهم المرأة الجزائرية في دخل الأسرة أكثر من الرجال سواء بالنسبة للمتزوجات أو العازبات، حيث توصلت ذات الدراسة إلى أن حوالي 450 ألف امرأة عاملة في الجزائر تتقاضين أجورا تفوق التي يتحصل عليها أزواجهن وأفراد عائلاتهن، وبالتالي تكون مساهمتها في مصروف البيت أكثر. أما منافسة الجزائرية للجزائري فلم تعد تقتصر على قطاع الشغل فقط، بل أضحت عنصرا مهما وفعالا في مجال معدلات الإجرام، حيث تشير آخر الإحصاءات إلى توقيف أكثر من 8500 امرأة تورطن في حوالي 120 صنف من الجريمة، وأن الجزائريات لم يعدن يغبن في يوم من الأيام عن المحاكم، وبينما كانت التهم تقتصر في السابق على القتل دفاعا عن الشرف أو بسبب الصراعات الزوجية وبعض الأخطاء المتعلقة بالزنى والدعارة في الوقت الحالي، فإن محاكمات النساء الجزائريات أخذت بعدا آخر وباتت الجزائرية تعرض أمام المحكمة بتهمة قيادة شبكات الإجرام باعتبارها من أهم مسيري شبكات الإغراء، يليها التهريب والمخدرات، يضاف لذلك الهجرة غير الشرعية، حيث تم توقيف حوالي 80 امرأة السنة الماضية بتهمة الحرقة بارتفاع يقدر ب 30 حالة عن السنة التي سبقتها، كما ولجت المرأة عالم التهريب من بابه الواسع وألقي القبض على 60 امرأة بتهمة تهريب بضائع أجنبية دون رخص. من جهة أخرى، تظهر الدراسات الحديثة أن قانون الأسرة الجديد الذي احتكم به للتعاملات القانونية التي تميل كفتها لصالح المرأة التي انتقلت إليها الشرعية، لم يساعد الأخيرة في القضاء على هاجس الطلاق الذي يهدد استقرارها، وارتفعت معدلاته إلى مستويات قياسية السنة الماضية، عندما سجل أزيد من 56 ألف حالة طلاق، 15 ألف منها تمت بالتراضي والبقية بإرادة منفردة، في حين قدر عدد حالات الخلع ب 7 آلاف حالة، وهي الأعداد التي قدرتها الجهات المختصة ب ,51 أي حالة طلاق من بين كل 5 زيجات· وبالرغم من التغيرات العديدة التي أدخلت على القانون الجزائري في نصوصه الخاصة بحواء الجزائرية واقتحامها لمجالات الحياة الواسعة، إلا أن هذا الانفتاح وتغير نظرة المجتمع للمرأة لم يساعدها على تجاوز كل الصعاب، حيث تعرضت أزيد من 20 ألف منهن للعنف بمختلف أنواعه السنة الماضية، يتصدره العنف الجسدي ب 5200 حالة، في حين سجل مقتل 8 نساء عمدا، بينما تم إحصاء حوالي 10 آلاف حالة سوء معاملة وعشرات المئات من التحرشات الجنسية التي أصبحت كوابيس تعاني منها المرأة العاملة والطالبة الجامعية بمعدل 70 حالة في اليوم· وقد أظهرت آخر الدراسات أن نصف الذين يقومون بالتحرش الجنسي هم زملاء في العمل، 27 بالمائة منهم يملكون مناصب عليا و32 بالمائة من الزبائن، وهي الوضعية التي نجم عنها فقدان 15 بالمائة من العاملات لوظائفهن جراء عدم النزول عند رغبة المتحرش، فيقوم بطردها خاصة في القطاع الخاص أو بقرار تصدره المرأة نفسها أو زوجها· وفي سياق منفصل، تعتبر العنوسة من أكبر المشاكل التي تعانيها المرأة في الجزائر، حيث تشير الأرقام المتوفرة الخاصة بالمعهد الوطني للإحصاء إلى وجود 10 ملايين عانس وعازب من بينهن 6 ملايين امرأة، 4 ملايين منهن تجاوزن سن ال35 سنة في الوقت الذي تدخل بيت العنوسة سنويا حوالي 200 ألف حالة· هذا، وكشفت وزارة الصحة الجزائرية أن حوالي 25 بالمائة من النساء الجزائريات يعانين خطر السمنة، وأن 32 بالمائة يعانين من الوزن الزائد الذي يمكن أن يتحول إلى سمنة إذا لم يتم تداركه، في حين تعاني 6 بالمائة من النحافة، بينما تمثل نسبة 41 بالمائة عدد الجزائريات اللائي يتمتعن بالوزن العادي.