لا أحد كان ينتظر أن يتحول مشروع بناء مسجد بقرية أغريب، 45 كلم شرق مدينة تيزي وزو، إلى قضية ومصدر خلاف، بطله رئيس البلدية وأعضاء اللجنة الدينية، الأمور، في البداية، أخذت مجراها العادي حيث تم اتباع الإجراءات المعمول بها قانونيا للحصول على رخصة البناء، إلا أن قرار رئيس البلدية بإلغاء هذه الوثيقة كان بمثابة بداية لنزاع قد تكون عواقبه وخيمة بعد تمسك كل طرف بموقفه·· ''الجزائر نيوز'' تنقلت إلى قرية أغريب لتكشف تفاصيل جديدة في هذه القضية، التي يبدو أنها عميقة أكثر مما كنا نتصور قبل زيارة المنطقة· بناء مسجدين في آن واحد وكل طرف يتحفظ وينفي وجود مشكل بين السكان لم نجد صعوبة كبيرة للوصول إلى موقع المسجدين، وهذا بفضل أحد الأصدقاء الذي أكد لنا أن هناك مشكل عويص وانشقاقات كبيرة بين المواطنين بسبب اختلاف وجهات نظرهم في هذا الموضوع، فهناك من يرى ضرورة هدم المسجد القديم للولي الصالح ''سيدي جعفر'' وإعادة بنائه، باعتباره أحد معالم القرية، بالإعتماد على العمل التطوعي وتبرعات المواطنين، وقد علمنا من محدثنا أن الدكتور سعيد سعدي قد تبرع بمبلغ مالي لتجسيد هذا المشروع، مثله مثل العديد من سكان القرية·· وعلى بعد مسافة لا تتجاوز 100 متر، تجري أشغال إنجاز المسجد الجديد، وهي العملية التي تشرف عليها الجمعية الدينية التي تم تأسيسها، مؤخرا، والتي يرفض أعضاؤها فكرة إعادة بناء مسجد ''سيدي جعفر'' الذي يتوسط مقبرة القرية، وذلك بعد استشارة عدد من الأئمة وشيوخ المنطقة الذين أكدوا عدم جواز تشييد المساجد وسط المقابر· وقد التقينا بعضوين من هذه اللجنة الدينية لكنهما رفضا الخوض في الموضوع، واكتفيا بالتأكيد على عدم وجود أي خلاف بين سكان القرية حول هذه المسألة بما أن الأشغال لم تتوقف في كلا المشروعين·· وللإشارة، فقد كان تواجدنا بالقرية غير مرحب به من طرف أعضاء هذه اللجنة الذين عملوا المستحيل لتجنب الحديث إلينا، واكتفوا بالقول أنهم تحصلوا على رخصة بناء بطريقة قانونية ممضاة من طرف رئيس البلدية نفسه، ولا وجود لأي مشكل· إلغاء رخصة البناء·· القطرة التي أفاضت الكأس وبالرغم من محاولة كل طرف التأكيد على عدم وجود أي خلاف، إلا أن إلغاء هذه الرخصة من طرف رئيس البلدية كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس وأخرجت القضية إلى العلن، وقصد التعرف على الأسباب الحقيقية التي تقف وراء اتخاذ هذا الإجراء، قمنا بزيارة إلى مقر البلدية لمقابلة رئيس البلدية، لكن هذا الأخير لم يكن بمكتبه واكتفينا بالحديث إلى النائب الأول، الذي أكد لنا أن رئيس البلدية أقدم على إلغاء رخصة بناء هذا المسجد بعد تلقيه عريضة، منذ شهرين تقريبا، تحمل توقيع 650 مواطن من سكان القرية، الذين يعارضون فكرة إنجاز مسجد ثان على مستوى القرية، بحكم أن القطعة الأرضية التي كان سيتم عليها تشييد المسجد الجديد، هي ملك للقرية، ولا أحد بإمكانه التصرف فيها دون استشارة أعضاء لجنة القرية· بعدها قمنا بالاتصال هاتفيا، برئيس البلدية الذي أكد لنا أن مواطني القرية الذين وقعوا العريضة شككوا في ظروف تأسيس هذه الجمعية الدينية الذي تم دون عقد جمعية عامة، ودون إشراك مواطني القرية، كما أن القطعة الأرضية التي يسعون إلى تشييد المشروع عليها تم تخصيصها لإنجاز مشاريع أخرى مثل ساحات لعب للأطفال· وأضاف، ذات المتحدث، أن البلدية ستتخذ كل الإجراءات القانونية ضد هذه الجمعية ومتابعة أعضائها قضائيا، في حالة عدم معارضة قرار البلدية، موضحا أن الأمور كادت تتعفن أكثر بعد أن حاول بعض المواطنين حرق آلات الحفر التي جلبها أعضاء الجمعية قصد تهيئة الأرضية، لكن تدخل السلطات المحلية جنب وقوع مواجهات بين الطرفين· وأشار رئيس البلدية إلى أن مصالحه وجدت نفسها مضطرة للتدخل لتفادي وقوع ما لا يحمد عقباه، خاصة في ظل عدم وجود لجنة للقرية معتمدة رسميا لاحتواء هذه الأزمة التي ألقت بضلالها على القرية التي كانت في السابق مثالا في التنظيم والإنضباط· ورغم محاولاتنا المتكررة للحصول على نسخة من عريضة المواطنين، إلا أن رئيس البلدية وعدنا بتمكيننا من نسخة منها عبر فاكس مكتب الجريدة، بعد تعذر مقابلته في مكتبه· هل تعرض رئيس البلدية لضغوط قصد توقيف الأشغال مهما تكون تصريحات رئيس هذه البلدية، إلا أن اعتراض المواطنين على تجسيد هذا المشروع يعود إلى تشكيكهم في نشاطات هذه اللجنة الدينية التي ينتمتي أعضاؤها، حسب رئيس البلدية، إلى حزب حركة مجتمع السلم، وهو ما يمكن اعتباره تهديدا لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في عقر دار الدكتور سعدي، الذي تعود حزبه على الحصول على نسبة مائة بالمائة من الأصوات في مختلف المواعيد الانتخابية السابقة· من جهته، وبالرغم من انتمائه لهذا الحزب، إلا أن رئيس البلدية، أكد، خلال حديثه معنا، أنه قد أصدر رخصا لتشييد مساجد في عدة قرى لم يحدث خلاف بين مواطنيها، وأن إلغاء رخصة بناء مسجد قرية أغريب كان ضروريا لتجنب وقوع مواجهات بين الأطراف المتنازعة· الجمعية الدينية تتمسك بمواصلة الأشغال وتتجاهل قرار البلدية أثناء حديثنا إليهم، أكد أعضاء اللجنة الدينية أنهم يتجاهلون، تماما، قرار البلدية الذي يقضي بإلغاء رخصة البناء، بحكم أن الأشغال تسير بوتيرة سريعة بعد الحصول على تبرعات هامة من السكان، وأن تشييد المسجد جاء بعد تفكير عميق، لكون مسجد ''سيدي جعفر''، حتى في حالة إعادة بنائه، لن يستوعب العدد الهائل من المصلين الذين يتوافدون عليه يوميا· من جهتها، وبعد الموقف الذي اتخذته الجمعية الدينية، قام رئيس البلدية بالإستنجاد بمحضر قضائي لتحرير محضر معاينة وإعداد ملف قصد إيداعه على مستوى الجهات القضائية المختصة للفصل فيه· مدير الشؤون الدينية خارج مجال التغطية رغم أن المسألة تتعلق بقطاعه، إلا أن مدير الشؤون الدينية لولاية تيزي وزو، تهرب ورفض بطريقة غير مباشرة، الخوض في الموضوع، ورغم أن زميلنا من ''ألجيري نيوز'' تمكن من الإتصال به هاتفيا، إلا أن المكالمة انقطعت، بمجرد ما علم بأسباب وموضوع اتصالنا به·