إن الشيء الذي يحرك الساحة الأدبية ويخرج الكتاب من أبراجهم العاجية فيشحذون أقلامهم ( سيوفهم ) هو النقاش الأدبي حول قضية من القضايا الفكرية · وهذا النقاش الأدبي والفكري ينبغي أن لا يتجاوز الحدود الأخلاقية فيجعل الكاتب هدفه من أي نقاش هو البحث عن الحقيقة وجعلها فوق الإيديولوجيا وان لا ينزل إلى أسفل سافلين ، لأن بعض أشباه الكتاب يصدرون أحكاما دون أن يقرؤوا لغيرهم وقد صدق ادوارالخراط عندما قال : ا مهما كانت موهبة الكاتب أو الذي نصب نفسه أو نصبته أدوات الإعلام ذات السطوة كاتبا - موهبة فطرية ملحوظة - فلا شك عندي أنها سوف تضمحل وتجدب وتغدو فقيرة بل قاحلة إذ يعوزها ماء الحياة الذي تمدها به قراءات متنوعة ومتعمقة ومتصلة في شتى مجالات الفن والثقافة· فالكاتب الحقيقي المتتبع للساحة الثقافية والمتسلح بالمعرفة يجعل من هذه المعارك الأدبية وسيلة لبعث روح النقاش وتبادل الأفكار بعيدا عن مس مشاعر الآخرين وقد تخرج هذه المعارك عن مرادها فتصبح صراعات أشخاص وتصفية حسابات · وكأمثلة على هذا الانحدار الفكري والإسفاف ما أورده الدكتور بدوي طبانة في كتابه ''التيارات المعاصرة في النقد الأدبي '' ص 57 ''ومن أدلة الإسفاف في النقد الذي وجه إلى العقاد ما كتبه مصطفى صادق الرافعي على صفحات إحدى المجلات ثم جمعه في كتاب سماه ''على السفود '' ولا يعف الرافعي أن يلقب العقاد بالشاعر '' المراحيضي '' والمعارك التي خاضها العقاد ضد تيار الشعر الحر فرفض ديوان صلاح عبد الصبور وأحاله على لجنة النثر ، ومنذ سنوات حدثت معركة رهيبة حول رواية ''وليمة لأعشاب البحر '' للروائي السوري ''حيدر حيدر '' فتصارع الكتاب ما بين مدعم وناقد لمحتوى الرواية ثم تحول الصراع إلى تناطح بين برامج سياسية وإيديولوجية بين المحافظين والحداثيين مما جعل الكاتب حلمي النمنم يصدر كتابا ''وليمة للإرهاب الديني ''· وعندما نفذ حكم الإعدام في الكاتب ''روبرت برازيلاخ '' في 8 فبراير 1945 في قلعة ''مونتروج '' بتهمة ارتكاب جرائم التعاون مع العدو المحتل ''ألمانيا '' فكتبت ''جزيل سابيرو '' مؤلفها الضخم ( 806 صفحة ) 1953 -1940laguerre des ecrivains ''حرب الكتاب 1940- 1953 '' مؤرخة للصراع الذي حدث بين الكتاب حول برازيلاخ فثارت معارك ساخنة احتشد فيها كتاب مختلفون مميزون مثل فرانسوا مورياك وجان انوي ومارسيل ايميه وألبير كامي·