إن المتتبّع للشأن الأدبي، يلاحظ أن التشاؤمية تطغى على جل أعمال الجيل الجديد، حتى وإن بدا بين ثنايا القليل منها تفاؤل باهت، في صيغ آمال، وتمنيات ودعوات؛ ·· لكن قلما تجد بصيص تفاؤل في بداية قصة أو رواية لا يتبدد شيئا فشيئا ليترك المجال لخيبة أمل مريرة· لا زلت اذكر جيدا، عندما كنا على مقاعد الجامعة، حين تسخن المداخلات الأكاديمية، وتضطرب الآراء الآنية، وتنسد الرؤى المستقبلية، يختم الواحد منا قوله في نوع من عدم الاقتناع ب: Je suis peptimiste؛ وهي كلمة مركبة من: Pessimiste و Optimiste أي إني متشائم أكثر من متفائل، وذلك لشدة الاضطرابات النفسية من تراكمات المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية· ومنها بدعة تركيبة اللفظة العربية ''متشائل''· انتشر هذا الإحساس، شاع وتكرس على مر الانتكاسات، والإنهزامات، وأمسى سائدا في أعمال كتابنا وإبداعات أدبائنا· وإذا كانت المدارس الأدبية تنشأ دوما في الدول الغربية، وبخاصة منها فرنسا، فإن التيار ''التشائلي'' وجد مناخا مناسبا، وتربة خصبة لمنبته في الدول العربية على العموم، والجزائر على الخصوص، نتيجة الإخفاقات المتكررة، والإحباطات المزمنة، والآمال المتبخرة· حتى كاتب هذه السطور المتواضعة، يُعتبر خريج هذه المدرسة بامتياز؛ إذ أن أعماله القصصية المنشورة في الصحف، والروائية التي لازالت حبيسة أدراج مكتبه، أو سجينة ثنايا مخيلته، وجد نفسه داخل هذا التيار بصفة لا إرادية وإلى أن تنقشع غيوم هذا التشاؤم الجاثمة على قريحة مبدعينا ومثقفينا، أمام نسمات التفاؤل الراكدة، نبقى فيه تائهين· وفكرة دراسة هذا التيار الأدبي الذي أظنه غير مسبوق - ولو أن الكاتب ايميل حبيبي كان قد استعمل هذه المنحوتة كمصطلح - تبقى مطروحة للنقاش، ولِما لا، للتنظير أيضا ؟ وذلك بغية تأثيثه واستنباط مقاييسه وتكريسه؛ محاولة منا المساهمة، بطريقتنا ''التشاؤلية'' هذه، في إثراء قاموس المذاهب الأدبية المعروفة·