أقف كل يوم في ساحة بورسعيد، وأنا أقضم أظافري من الغيظ والقلق والحسرة على كل شيء، هناك مهرجان وطني للمسرح المحترف، وهناك رجال مسرح ونساء مسرح من العالم العربي، هناك شعراء وشاعرات من هنا ومن هناك·· خارج دار الأوبرا لا شيء يوحي بوجود هذه الاحتفالية··· صمت مشين، صمت غير مسرحي يخيّم على محيط دار الأوبرا الجميلة·· متسوّلون، وباعة عملة وقحين··· أقضم أظافر يدي في مقهى ''طونطافيل'' والنادل يرمقني بنظرة شزرة لست أدري لماذا·· أقضم أظافري وأحلم بالذي في رأسي·· الساحة التي تلي مباشرة سلالم دار الأوبرا يمكن أن تتحوّل إلى فضاء للعروض الفنية، للرسامين، ولعروض الأطفال المحرومين من ولوج دار الأوبرا·· ساحة بورسعيد كلها يمكن أن تكون فضاء للفنون كلها·· مقهى ''طونطوفيل'' يمكن أن يكون مسرحا·· المسرح ليس قاعة مغلوقة وكراس للجمهور، وإضاءة وستار·· المسرح في الحياة، في الشارع وفي المقهى··· في وجوه الناس المتعبة وفي أحلامهم المؤجلة·· هناك أعطاب تاريخية مزمنة في الحالة·· لا أحد يفكر ولا أحد يترك آخر يفكر·· الإدارة والإداريون هم سبب مصيبتنا·· ما معنى رصد أموال طائلة لهذا المهرجان، وتشتيت ضيوف المسرح في فنادق وإقامات بعيدة عن المسرح، وعن حياة الناس·· عن نبض الشارع الذي هو مادة المسرح الأولية··· كان المرحوم عبد القادر علولة بعد كل تمرين مسرحي يأخذ فريقه إلى الشوارع لتأمل وجود الناس ورصد حركاتهم وتتبع همومهم·· أنا غاضب·· وغضبي لن يهدئه لا امحمد بن فطاف ولا خليدة تومي ولا عبد العزيز بوتفليقة·· كل سنة نضيّع الفرص، وكل سنة يأتي الأصدقاء العرب ويأسرهم جمال بلادي، ويقررون العودة إليها··· أصبح تضييع الفرص اختصاصا جزائريا للأسف·