ابني الذي يناصر ''ريال مدريد'' حتى التطرّف لا يتمنّى الخير أبدا ل ''برشلونة''، وهذا يعني أنه لا يتمنى الخير للاعب الأرجنتيني الشاب ''ليونيل ميسي'' نجم النادي الكاتالوني، لأنه تسبّب في خسارة الفريق الملكي في بطولة الدوري الإسباني، وهذا ما جلب لابني الكثير من خيبة الأمل· في مباراة يوم السبت الماضي في الجولة الأولى من المجموعة الثانية بالدور الأول لبطولة كأس العالم 2010 لكرة القدم بجنوب إفريقيا، التي جرت على ملعب ''ايليس بارك'' ب ''جوهانسبورغ'' وقف ابني ذو ال 12 سنة، أمام الشّاشة ومعه كل العائلة يشجّعون نيجيريا ضد الأرجنتين، نكاية في ''ميسي''··· ''هذا الذي (كما يقول ابني) جاءوا به ليس ليصنع أفراح ''البارسا'' بل ليفسد أعراس ال ''ريال''، وتلك قناعة يصعب أن أصدقها فلا يعقل أن أفضل لاعب في العالم على مدار العامين الأخيرين وبشهادة المختصين يكون بهذه الدرجة من البساطة في التفكير، أي يلعب بنزعة الضدية تجاه آخرين بعينهم أكثر من نزعة الدفاع عن ألوان ناديه مهما كان الخصم الذي يواجهه· وحدثت المفاجأة غير السّارة لابني في مباراة السبت الماضي بين ''التانغو'' و''النسور الخضر'' على حد تعبير المعلّق بأن سجل مدافع مرسيليا الفرنسي ''غابرييل هاينتسه'' هدف المباراة الوحيد في الشّباك النيجيرية بتسديدة رأسية في الدقيقة السادسة· ولم يبق من أمل لابني غير أن ينتظر ردّة فعل النيجيريين، وهذا ما لم يحدثْ، فتعمّق حنقه الطفولي على ''ميسي''، فانتقل لتشجيع الحارس على حساب المنتخب بكامله، على أمل أن يشفي غليله من هذا الفتى المغرور المسمى ''ميسي'' فيحرمه من تسجيل أي هدف في الشباك النيجيرية، وهذا رهان يستحق الفرحة والإشادة بالنسبة لابني، إنه نوع من التعويض· إذن، فلا يهم من ينتصر أو يخسر، المهم أن يفشل ''ميسي'' في تسجيل الهدف، والأفضل من كل هذا لو أن حارس مرمى المنتخب النيجيري يدخل في تحدٍ من نوع خاص ويصدّ بكل شجاعة وبطولة تسديدات ''ميسي''، لتكون النهاية سعيدة بعد تشويق ساخن· وبالفعل، صارت المباراة في نظر ابني هي بين لاعبين إثنين لا أكثر، إنها مواجهة كبرى بين حارس مغمور ولاعب عالمي بالغ الشهرة، وتحوّلت كل أنظار أفراد الأسرة إلى هذه الجزئية من المقابلة· لقد ذكّرنا ابني لأكثر من مرة بما فعل الحارس في بداية المباراة عندما استلم ''ميسي'' الكرة في الدقيقة السادسة وراوغ مدافعاً وسدد قوسية نحو الزاوية البعيدة، لكن الحارس العظيم ''فينسنت إنييما'' طار وأبعدها إلى ركنية··· وهي الركنية التي جاء منها هدف الأرجنتين· ومرة أخرى في الدقيقة ال 19 كانت الكرة بين قدمي ''ميسي'' في منتصف الملعب، دحرجها خطوات عدّة قبل أن يطلقها ببراعة، لكن الحارس النيجيري المعول عليه أبعدها بأطراف أصابعه··· وفي الدقيقة ال 41 لعب ''ميسي'' ركلة حرة متشيطنة باتجاه زميله ''انخل دي ماريا'' التي أعادها له بسرعة فدخل المنطقة، وتخلص ''ميسي'' من مدافع وسددها في الزاوية البعيدة، لكن الحارس النيجيري طار لها حارما النجم الأرجنتيني من إضافة الهدف الثاني لمنتخب بلاده··· ومانحا ابني متعة كبيرة وهو يرى خصمه اللدود يفشل لمرات متلاحقة فشلا ذريعا· وتأكد هذا الفشل قبل نهاية المباراة ب 9 دقائق، إذ لم يتمكن ''ميسي'' من أن يكلّل تألّقه بهدف عندما مرّر له زميله ''ماكسي رودريغيز'' كرة متقنة انفرد على إثرها··· لكن الحارس تألق في الذود عن مرماه ودوّت التصفيقات في البيت· في نهاية المباراة تبين أن حارس مرمى المنتخب النيجيري ''فينسنت إنييما'' كان في مواجهة حقيقية مع ''ميسي'' فلم يعلّق عن خسارة بلاده، واكتفى بالتعبير عن سعادته لأنه لعب أفضل مباراة في مسيرته أمام أفضل لاعب في العالم حاليا··· وفاز ''إنييما'' بلقب رجل المباراة، كما نال إشادة المدرب ''دييغو مارادونا'' المدير الفني للمنتخب الأرجنتيني، حيث قال: ''يستحق الحارس النيجيري (إنييما) تقديرا كبيرا''· وصارت فرحة ابني أكبر وأراد الحصول على معلومات وصور عن هذا الحارس باعتباره الوحيد الذي مكنّه من الإطاحة بطموحات قاهر ناديه المفضل· وأثناء بحثه في الأنترنت اكتشف أن عمر نجمه 27 سنة، وأنه الحارس الأساسي للمنتخب النيجيري منذ عام .2002 وكانت المفاجأة غير السّارة عندما وجد أن نجمه الجديد هو حارس المرمى لنادي ''هابويل تل أبيب'' الإسرائيلي· وانقلب السحر على الساحر وصار ابني بلمحة بصر يكره هذا اللاعب المسمى ''إنييما'' ولا يعترف بموهبته··· لمجرد أنه يلعب في إسرائيل··· وحمد الله أن النيجيريين خسروا وقرّر أن يناصرَ كل من يلعب ضدّ هذا الحارس حتى ولو كان ''ليونيل ميسي'' نجم ''برشلونة'' الذي تسبّب في خسارة ال ''ريال'' بطولة الدوري الإسباني، وهذا ما جلب لابني الكثير من خيبة الأمل لكنها ليست كخيبة الأمل هذه· والسؤال هل أعجبكم أداء ''فينسنت إنييما''؟