لقد أصبحت كل من السياسة والعنصرية والديكتاتورية من بين مميزات العصر الحالي، ففي الوقت الذي يشترط فيه وزير التعليم العالي على الجامعيين الحصول على ترخيص عاجل من أجل المشاركة في ملتقى خارج الوطن. في نيجيريا، قرر الرئيس المحرر من الوهم والمستاء تعليق كل النشاطات الرياضية الدولية لمدة عامين، مصنفا لاعبي كرة القدم النيجيرية ضمن فئة العسكريين مؤجلي المهام. وفي فرنسا، البلد الذي يبدو مختلفا في طريقة عمله عن البلدين السابقين، نجد وزيرة الصحة والرياضة تطلب مغادرة رئيس الفيدرالية الفرنسية لكرة القدم، جون بيار ايسكاليت الذي غادر في النهاية· ففي الحالتين الأخيرتين، أخذت الفيفا بعين الاعتبار هاتين المناهضتين وأعلمت بوجود تدخلات لأنظمة سياسية في شؤون الفيدرالية الدولية لكرة القدم، وأخذت على إثر ذلك قرارات إجبارية، فنحن لا نعلم بالضبط ماذا قررت الفيفا، لكن الكل يعلم أن مغادرة اسكاليت كانت بعد الضغط الكبير الذي تعرض له من طرف الهيئات السياسية، وهذا سر ''بوليشينال''، وفي لاغوس، لا نعرف أن كانت سلطات هذا البلد ستتراجع أم ستواصل في تصرفها باستبداد مع تجاهل كل ما حولها، وفي انتظار ذلك، لم يتغير شيء في الجزائر، فالباحثون لا يمكنهم أن يعبروا عن مواقف ذاتية مستقلة، لأن السياسة متواجدة دائما· يمكن أن نتوقف عند خيبة لاعبي كوريا الشمالية بعد مقابلتهم الجميلة الأولى ضد البرازيل، وكذا اللاعبين الفرنسيين الذين مروا بالمشنقة إلى حد أن السياسيين والفلاسفة طالبوا برؤوسهم، متنكرين لحقهم في ارتداء قميص فرنسا مقدسة لن تحمل شعار ''أسود أبيض مهاجر''، كما كان الحال سنة 1998، أو ''أسود أسود أسود''، وهي الإهانة الأخيرة للبشرة والذكاء الفرنسي، خصوصا المسيحية منها، حسب مجموعة من القديسين الجدد من اليمين المتطرف· والمثير في الأمر هو أن الذين يحقدون على المهاجرين المغاربة والأفارقة السود، هم أيضا أبناء مهاجرين غير كاثوليكيين، هذه هي حالة بعض المتحدثين الإعلاميين مثل ''ألان فينكيلكروت'' أو ''اريك زمور''· وفي حين أن من مصلحة فرنسا أن تكون مجمعا لمختلف القوميات والديانات، نجد في فرنسا مدرستين لغير الفرنسيين أي لأجانب مغاربة وأفارقة سود وغيرهم من مختلف الأصول الأوروبية، وزيدان وفيرا يمكن أن نجدهما في الطابق السفلي لبلاتيني أو ليزارازو، وصحيح أن ''غوبينو'' فرنسي، فهذه الأشياء تحدث في بلد صممت قاعدة فريقه الوطني لكرة القدم منذ زمن طويل من مغتربين، يمثل فيها الاستعمار الفظيع والمأساوي جزء كبيرا منها· منذ أيام قليلة، تظاهر العديد من المناصرين أمام الفيدرالية الفرنسية لكرة القدم ضد تواجد المغاربة والسود في الفريق الفرنسي، مطالبين باختيار تشكيلة من السلالة الفرنسية· ''بان'' الأب وابنته من الحزب الاشتراكي سابقا، وجورج فراش، رئيس منطقة ''لانغدوك روسيون''، لم يترددوا بوصف لاعبي الفريق الفرنسي بالدخلاء والمجرمين وبمختلف عبارات التمييز العنصري· ولكن يجب أن نعرف أن من يختار تشكيلة فريق كرة القدم، يشرفون على اختيار أحسن اللاعبين بعيدا عن لونهم أو دينهم، وقد كان المغتربون دائما حاضرون في هذا الفريق على غرار كوبا وفونتان وكانتونا وزيدان وبلاتيني وتيغانا وتورام وهنري... وغيرهم، كما كان أول اللاعبين في الفريق راوول ديان وهو أسود البشرة من السينغال، كما كان في الفريق أيضا لاعبون مغاربيون ينشطونه مثل العربي بن بارك والذي يلقب ب ''الجوهرة السوداء''، وبعض اللاعبين الجزائريين الذين قرروا مغادرة الفريق الفرنسي سنة 1958 من أجل الالتحاق بجبهة التحرير الوطني، على غرار رشيد مخلوفي ومصطفى زيتوني... وغيرهم من الأبطال· ويبقى التمييز العنصري حاضرا في الملاعب الأوروبية، حيث صادف قرار تنظيم منافسات كأس العالم في بلد افريقي معارضة قوية قبل أن يتجسد ذلك على أرض الواقع·