شاب مصري متحمس صرح لقناة ''الجزيرة'' قائلا أن ''مصر كان يمكن أن تذهب بعيدا في نهائيات كأس العالم لو تأهلت، لأنها فازت على غانا في نهائي كأس إفريقيا للأمم، وغانا وصلت إلى الدور الربع نهائي في هذا المونديال·· إذن نحن أحسن من غانا''· يبدو أن هذا الشاب إستعمل العلاقة المتعدية في الرياضيات، وقد تنهد وأخذ نفسا عميقا أمام الميكروفون وأكمل القصيدة ''مصر أيضا قادرة على تنظيم كأس العالم''، وأعطى الانطباع بأن مصر أقوى من جنوب إفريقيا، وما دامت جنوب إفريقيا قد نجحت في تنظيم المونديال، فإن مصر أيضا تستطيع وربما بطريقة أحسن وأبدع· وقلت في نفسي أن الغرور أصاب جميع المصريين، كما أحسست بأن غصة كأس العالم ما زالت عالقة في بلاعيمهم ولم تنزل، وقد تبقى مثل الشوك في حلوقهم· ومن حق الجميع أن يحلم، وعلى رأسهم هذا الشاب، فالحلم مجاني وليس له ثمن، لكن يجب أن يكون للحالم رجلين يمشي عليهما وأن يسير برجليه على الأرض لا أن تكون له أجنحة يحلق بها، ويبدو أن مصر قلقة اليوم أكثر من أي وقت مضى، ليس لأننا حرمناهم من المشاركة في المونديال، بل لأن قطر رشحت نفسها لتنظيم كأس العالم، وهكذا لم يعد لمصر شيء لا في العير ولا في الشعير، وربما لهذا السبب بدأوا يتكلمون عن تنظيم كأس العالم، ونقلوا أنفسهم من منطقة الغيرة إلى منطقة الحسد·· ولا أدري لماذا أحس بأن في مصر عقدة تفوق، وربما لديهم عقدة نقص، فتراهم يسمون مصر ''أم الدنيا'' و''الشقيقة الكبرى'' و''الأخت الأقدر والأجدر''، ولا يقبلون أن يفوز عليهم أحد، وعندما فزنا عليهم في كرة القدم شنوا علينا حربا حقيقية شارك فيها الكل، والآن يستعدون لشن الحرب على قطر، لأنها ''تطاولت'' على ''الشقيقة الكبرى'' ونافستها في الإعلام والديبلوماسية، والآن تنافسها في كرة القدم، وما أدراك ما كرة القدم·· وربما من حق المصريين أن يحلموا بتنظيم كأس العالم مثل قطر، لكن عليهم أن يلتزموا بشروط هذا الحلم، وهي ألا يعتدوا على حافلات المنتخبات المشاركة عن قصد وترصد، وألا ينظموا حملات سياسية وإعلامية سخيفة ضد خصومهم، وألا يكون لديهم مقدمو برامج يملأهم الحقد والغل، وألا يقوم سفراؤهم ووزراؤهم بحشر أنوفهم والتطاول على غيرهم بغير وجه حق، أو يقوم محاموهم بحرق أعلام الدول التي تشارك منتخباتها في المونديال وتفوز عليهم·· وهذه الشروط مهمة للغاية، لكن للأسف·· غير متوفرة في مصر· وفيما يخصني، أتمنى كل التوفيق لقطر، وسوف أكون سعيدا لو فازت بشرف تنظيم كأس العالم·