''الجزائر نيوز'' عاشت مباراة النهائي العالمي بين أنصار ''الماتادور'' في إقامة السفير الإسباني بأعالي العاصمة، وعايشت فترات المباراة الحساسة والجميلة ونقلت لكم أجواءها كاملة ·· كان فناء إقامة السفير الإسباني غابريال قد امتلأ عن آخره قبل عشر دقائق من انطلاق النهائي التاريخي بين ''الماتادور'' الأحمر و''الطاحونات'' البرتقالية ·· وتزين المسؤولين والموظفون العاملون بالقنصلية والسفارة الإسبانيتين بالعاصمة رفقة أولادهم وزوجاتهم والمقيمين الإسبان في الجزائر من العاملين في الشركات الأجنبية والمختلطة·· كانت الأعلام الإسبانية وأقمصة مشاهير المنتخب الإسباني ترافق الأجواء وفناء الإقامة الجميل الذي كانت تتوسطه نافورة ماء· إرتسمت ملامح التفاؤل والفخر على وجوه الجميع، حتى كلبة السفير الإسباني ''جيبسي'' إرتدت ألوان إسبانيا الصفراء والحمراء، وكانت تتجول بين المشجعين الإسبان يبادلونها التحية وتبادلهم نفس الود، إذ كانت تحرك ذيلها يمينا وشمالا بسرعة فائقة تعبيرا على شعورها بالمتعة والأيدي تلاطفها وتمسحها على رأسها وظهرها بلطف، كانت ''جيبسي''، نجمة العشر دقائق الأولى قبل بداية المباراة، كأنها متعودة على تلك الأجواء، غير آبهة بالضجة الكبيرة والأصوات الصاخبة التي صنعتها مزامير الفوفوزيلا القادمة من بلاد ''البفانا بفانا'' ·· لم يتوقف توافد الإسبان على إقامة السفير الذي كان يستقبلهم شخصيا ويوجههم نحو المقاعد الخلفية، إذ كان مكانه في مقدمة الجمهور قبالة الشاشة العملاقة التي وضعت وسط الساحة الجميلة، ولم يكن من بين الحضور الجزائريين أي شخصية رسمية، حتى بين الإعلاميين كنا الوحيدين الذين حضروا، واقتصر الحضور الجزائري على بعض أصدقاء الإسبان والخدم والمضيفين ·· كانت الأجواء إحتفالية جدا أطلق خلالها مشجعو ''الماتادور'' العنان · كان التعليق على المباراة باللغة الإسبانية على قناة غير معلومة الجهة أو البلد أو الساتل الذي يبثها· وما إن بدأ المعلقون يسردون تفاصيل التشكيلة الأساسية حتى صمتت الأصوات واشرأبت الرؤوس نحو الشاشة، لقد صفق الجميع بعد قراءة المعلق لاسم أحسن حارس في العالم، إيكر كاسياس حارس النادي الملكي يال مادريد ·· لقد أقنع المدرب المحنك ديل بوسكي الجمهور الإسباني في الجزائر بتلك التشكيلة التي وجدوا فيها نجومهم جميعا مثل تشافي وإينيستا وألونسو ودافيد فيا· وتبدأ المباراة·· قال راميراز وهو شاب إسباني يعمل بالجزائر أنه كله ثقة في منتخب بلاده كي تضع على رأسها التاج هذه المرة، لأنه أحسن فريق تكسبه إسبانيا في تاريخها بأكمله ·· إنطلقت المباراة قوية من الجانب الاسباني، لكن بالرغم من ذلك ظلت أصابع عدد كبير من الأنصار متلاصقة ورقابهم مشدودة ولا يزيغ بصر لحظة واحدة عن الشاشة، لقد طار الحضور كلهم، من تسديدة تشافي في الدقيقة الخامسة إثر ركلة ثابتة واغتاضوا أيضا لتضييع دافيد فيا لركلة جانبت القائم الأيمن في الدقيقة العاشرة ·· بدأت ثقة الأنصار الإسبان تتصاعد منذ الدقيقة الخامسة عشر بعدما استطاع الفريق الاسباني أن يحرز تقدما طفيفا على خصومهم الهولنديين من حيث حيازة الكرة، وعززت الثنائية بين بيدرو وإينيستا بالقرب من منطقة العمليات في الدقيقة العشرين من المباراة، عززت من ثقة الاسبان ·· وأمام الفرص التي أهدرها ''الماتادور'' إستدار السفير الاسباني غابريال بوسكي إلى المشجعين الذين لم تعد تسعهم الساحة والفناء في الإقامة، وطلب منهم أن يغنوا ويشجعوا بشكل أكبر فانطلقت الفوفوزيلا الصاخبة تدوي في شارع بوقارة وصرخة ''إسبانيا'' تشعل الحناجرفي مشهد جميل جدا· كان الحارس كاسياس يعيد الحياة إلى وجوه الأنصار كلما شنت ''الطاحونات'' البرتقالية هجمة مضادة أو مبنية، كانت الصرخات تتصاعد بعد كل تدخل له ببراعة الحراس الكبار، إذ كان إسمه يتردد على كل لسان، عند كل لقطة ينجح فيها رفقاء فان بوميل وروبن في نقل الخطر إلى منطقة الاسبان ويخترقون دفاعهم ·· لم يأت الهدف الذي يحرر شحنات الهيستيريا والفرح التي كان يكتمها المشجعون في صدورهم، وتواصلت المخالفات والاعتداءات التي يرتكبها الهولنديون، بل قام عدد من الأنصار في الدقيقة الثلاثين ساخطين بشكل كبير يرددون عبارات تبدو جد مشددة للنبرة التي أطلقت تجاه اللاعب الذي اعتدى على ألونسو برجله وسط صدر هذا الأخير، وكان الأنصار يطالبون الحكم الإنجليزي من وراء الشاشة باستخراج البطاقات الصفراء كلما سقط تشافيز وراموس ·· بالمقابل كانت الكرة كلما وقعت بين أرجل فان برسي أو روبن تصمت الأصوات وتخمد الحناجر إلى غاية اتنهاء اللقطة· دخل الشوط الأول دقائقه الخمس الأخيرة واقتنع الجميع بأن المباراة ستنتهي في شوطها الأول بنتيجة سلبية، وكذلك حصل· قال السفير غابريال في تصريح ل ''الجزائر نيوز'' بأن الشوط الأول من المباراة كان مثيرا للغاية، وقويا ومفتوحا من كلا الجانبين وأن فريق بلاده أقنعه كثيرا من حيث الأداء، وبدا السفير متفائلا وقال بأن منتخب ''الماتادور'' بإمكانه قلب الموازين، وقد يفعلها في أي دقيقة من المباراة ·· تعرفت بين شوطي المباراة على حرم السفير غابريال التي قالت لي بأنها ألمانية الأصل وكانت تناصر فريقها وتتمنى نهائيا بين بلدها وبلد زوجها السفير الإسباني، وتأسفت لأن الحظ لم يكن إلى جانب ''المانشافت'' لكنها لم تبدو أبدا مغتاظة، كون فريق زوجها لا يزال ينافس على كأس العالم· وقالت لي أيضا أنها سعيدة لحضورنا بينهم، وكانت تقاسمنا أطراف الحديث مديرة الإعلام في المركز الدولي للصحافة، صوريا بن شهيدة ·· تأثرت حرم السفير كثيرا للأجواء التي صنعها الرعايا الإسبان في الجزائر، وقالت بأن أصدقائنا الجزائريين والسفير الشيلي أيضا من بين صناعها، وظلت تبدي إعجابا كبيرا باللعب الجماعي للإسبان، متمنية أن تعود كأس العالم إلى إسبانيا لتفرح رفقة زوجها· كانت كؤوس النبيذ لا تزال تدور بين المشجعين ما بين الشوطين التي تحولت خلال فترتها الساحة إلى بلاتو جماعي وصاخب لتحليل شوط المباراة الأول، الذي قال عنه مدير الإعلام الإسباني للشركة العملاقة ''ريبسول'' العاملة في مجال الطاقة في تصريح لنا بأن المبارة قوية جدا وأن صاحب الخبرة في تسيير مبارة الأعصاب هو من سيفوز·· لقد استمتع الجميع بقطع الحلوى المالحة وشرائح البطاطا المقلية، واستعاد الأنصار بضع حريرات مما ضيعوا نتيجة تعالي الأصوات والتشجيعات· الشوط الثاني·· شوط الأعصاب وإهدار الفرص·· وكاسياس تراجعت بشكل محسوس ثقة الأنصار الإسبان في فريقهم أمام الضغط الكبير الذي خلقته ''الطاحونات'' البرتقالية عن طريق الثلاثي الخطير روبن وفان بارسي وشنايدر، لقد أحكم الاسبان قعودهم جيدا بكراسيهم من شدة الخوف، وبدأت الأعصاب تفلت أمام الفرص المهدرة من قبل القاطرة الأمامية للماتادور أمام كسب مساحات وسط الميدان وصناعة الهجمات المرتدة للبرتقاليين الذين بدوا في الشوط الثاني أكثر انتعاشا واستعادوا ثقة في النفس قلبت تلك الحيازة الطفيفة للكرة إلى جانبهم، مع تسجيل أكثر الفرص الحقيقية للتهديف من الطرف الهولندي ،· لقد ثار الإسبان بشكل هستيري إثر حرمان الحكم الإسبان من ضربة جزاء في الدقيقة السابعة·وتصاعدت موجة الغضب والاحتجاج ضد الحكم الانجليزي وذهب إطار سام إسباني الأصل عامل في الجزائر إلى غاية صب جام غضبه على الحكم بعد نهاية الوقت الرسمي للمباراة، وذلك عند انتقاده الفيفا التي تسيطر عليها فرنسا وقال أن أعداء إسبانيا هما فرنساوإنجلترا ويعود العداء مع إنجلترا إلى معركة ترانفانقال التي خسرها الإنجليز ضد الإسبان قبل 600 سنة· وتساءل الإطار الذي يعمل في مؤسسة أجنبية هامة جدا في الجزائر ورفض الكشف عن هويته ''بلاتيني قوي في الفيفا، لماذا تم تعيين حكم إنجليزي وليس من خارج من أوروبا حتى يكون التحكيم خالصا في الحياد؟ إنتهى الشوط الثاني للمباراة باقتناع الأنصار برأيين، إما أن تفوز إسبانيا أو ستؤول المباراة إلى ركلات الترجيح·· لقد تداول بعد نهاية المباراة أنصار إسبانيا معلومة مفادها أن الحكم هولندي المولد وأن انحيازه إلى الهولنديين تحصيل حاصل·· الشوطان الإضافيان·· ناران إضافيتان ·· ومنعرج المباراة أمام تصاعد موجة العداء ضد الحكم أصبح أنصار ؤسبانيا في السفارة أكثر حماسا وتشددا وأصبحوا لا يتسامحون مع فريقهم بل ويسخطون على كل واحد من اللاعبين الذين يفوت فرصة الاحتفال والتتويج عليهم، فارتفع عدد المدخنين في القاعة وتضاعفت كؤوس النبيذ بين الجميع، وانخفضت معها الحركة واستمر تسمر الأنصار إلى غاية أن حررهم إينيستا في الدقيقة ال 116 من الشوط الرضافي الثاني، حيث أطلق أنصار ''الماتادور'' العنان لفرحتهم فاستحم البعض في النافورة وتعالت الحناجر قبل أربعة دقائق من نهاية المباراة ولم يعد يتفاعل الاسبان مع أي لقطة من المباراة بسبب الفرحة الهستيرية، وقال السفير في غمرة الفرحة ''إسبانيا تستحق الفوز لأن المباراة كانت قوية وجد حرجة في كثير من الفترات، لكن طعمها جيد لأنها كانت ضد منتخب قوي بينما الحكم فقد كانت المباراة مقارنة بمستواه، أكبر فهو ليس حكم مباراة نهائية'' ·· أما حرم السفير فقد تلقت هي الأخرى التهاني من كل الضيوف وأعربت لنا عن فرحتها الكبيرة لزوجها ولإسبانيا وقالت ''أنا سعيدةلإسبانيا ولزوجي لأننا نستحق هذا الفوز بكل المعايير لأننا قاومنا ونجحنا في تحويل كل الفرص إلى انتصار باهر'' ·· حتى ''جيبسي'' الكلبة كانت تقاسم فرحة الجميع، لكن بأقل هيستيرية من الذين كانوا يرفعونها ويقبلونها ·· تركنا أنصار ''الماتادور'' يحتفلون رجالا ونساءا ويهتفون بحياة إسبانيا ·· كانت حفلة بملامح نهاية صباحية وقد يكون اليوم، يوم عطلة للإسبان في الجزائر'' ·· فأصوات الفوفوزيلا صمت الآذان والصخب أتعب أوتار الحناجر في إقامة السفير·