يتحدث الباحث الجزائري، عبد اليمين زينو، الحائز على براءة اختراع وشهادة اعتراف بالإبداع من منظمة البحث العالمية في جنيف والديوان الأوربي للاختراعات ل ''الجزائر نيوز'' عن رحلة بحثه المتواصلة التي قادته في نهاية المطاف إلى إنتاج مبيد للحشرات الزاحفة والطائرة والقوارض غير ضارة بالطبيعة والإنسان، حيث لا يؤدي استهلاكه من طرف الإنسان إلى الهلاك ليساهم بذلك في وضع حد لحصيلة الوفيات المسجل سنويا لدى فئة الأطفال الناتجة عن تناولهم هذا النوع من المواد· تصدر مشروع بحثكم قائمة الاختراعات ليكون الأول في قارة إفريقيا بحكم أن الميزة الأساسية لهذا الاختراع عن بقية مبيدات الحشرات المطروحة في السوق هو أنه طبيعي، هل يمكن أن تقدم تعريفا عن تركيبة هذا الإنجاز؟ في البداية، أريد أن أقول إن سلسلة البحوث العلمية التي باشرتها منذ مغادرتي مقاعد الجامعة، علاوة على الخبرات التي اكتسبتها بعد الاحتكاك بعدد من الباحثين من دول أجنبية، مهدت لي الطريق للتوصل إلى إمكانية استغلال مادة الجبس المعدنية، وهي مادة موجودة في الطبيعة، تحصلت بعد عملية تركيبها على عدد من المواد أخضعتها للاختبار، وبناء على ذلك تم تسجيل الاختراع في المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية العام الماضي نظرا لفعاليته، وقد أطلقت على هذا المبيد اسم ''بيت بايت'' bit bait، وتعني هذه العبارة طعم صغير. من مميزات هذا الاختراع أنه لا يشكل خطرا على صحة الإنسان، فعادة ما يتسبب استعمال المبيدات الحشرية المتوفرة حاليا في الأسواق بعدد من الوفيات خاصة لدى فئة الأطفال، أتذكر حادثة الإبادة الجماعية التي تعرّضت لها عائلة أثناء إقامتي بسوريا بسبب المبيد الخاص بالقوارض، ليزيد حماسي لتطوير هذا المنتوج الذي لا رائحة له، لا يتسبب بأمراض الحساسية، لا يتبخر، لا يحتوي على مواد ضارة بالبيئة لأنه طبيعي، ولا ينافس الإنسان في استهلاكه اليومي، بل يساهم في تخصيب الأرض عند استعماله للقضاء على القوارض التي تنتشر في المزارع والأراضي الفلاحية· ذكرتم أن المبيد لا ينافس الإنسان في استهلاكه اليومي، ما المقصود بذلك؟ أقصد أنني توصلت إلى إيجاد معادلة بعيدة عن التركيبة الأساسية التي تُعتمد في تشكيل المبيدات الأخرى على غرار الطحين، السكر، البطاطا والبيض... فهذه المواد تعد ضرورية للإنسان، لا يمكن الاعتماد عليها في ظل تداعيات الأزمة العالمية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في بورصة السوق، فالإنسان أولى بها، هذا ما يجعل ''بيت بايت'' يتسم بتركيبة خالية من المواد الاستهلاكية الضرورية والمباشرة للإنسان، وهنا يكمن موقع الإبداع الذي انطوى عليه هذا الاختراع، والسبب في أنه غير ضار بالإنسان، لأنه يعتمد على حمض أسيد البوريك غير المصنف عالميا في قائمة المواد الخطرة، كما أنه يستعمل في القطاع الصحي والصناعي، علاوة على أن هذا المبيد اقتصادي يقضي على الصراصير من النوع الألماني والصرصور الكبير الأمريكي، فبتركيز 20% تكون الإبادة بطيئة، ما يسمح بضمان القضاء على الحشرات بعد عودتها إلى مكان تكاثرها. وبما أن الصراصير تتغذى على بعضها البعض، فإن هذا يسمح بانتشار مفعول المبيد الموجود في جسم الحيوان الميت إلى المجموعة، مما يساهم في إبادة جماعية وفقا لمفهوم القتل بالتتابع، وبتركيز 20.29 تكون إبادة متوسطة، أما بتركيز 33.50% فتكون إبادة سريعة بالطعم الهلامي المستخدم خصيصا لإبادة الحشرات، يتخذ شكل حقن موجهة للاستعمال المنزلي. أما الاستعمال المهني لهذ المبيد، فأقصد به اعتماد الشركات والإدارات على استخدام المكعبات وأقراص لإبادة القوارض. وفي هذا المجال زوّدنا حاليا الشركات الأجنبية بالجزائر من ضمنها المتمركزة بحاسي مسعود بكميات من المبيد، بالإضافة إلى شركات النظافة العمومية. شرعتم في تسويق هذا الاختراع مطلع السنة الجارية بعد أن كان مجرد مشروع بحث ينطوي على معادلات كيميائية لم تتجسد على أرض الواقع، فيما تكمن الصعوبات التي تواجه الباحثين في تجسيد مشاريعهم؟ حقيقة، أي اختراع في العالم العربي بصفة عامة، وفي الجزائر بصفة خاصة، يتوج صاحبه بالحصول كأقصى تقدير على جائزة برونزية ليغفل بعدها هذا الاختراع، وأعتقد أن هذه النقطة تشكل أكبر عثرة توضع أمام الباحث، غير أنني قررت منذ البداية التفكير في مشروع البحث، لأمكن الناس من الاستفادة من الاختراع وأساهم في تمكين المستهلك من القضاء على الحشرات والقوارض· أما فيما يخص الجانب المادي، فإن أي مشروع بحث يحتاج إلى تمويل، لكن ما نسجله هو غياب أي تحفيز مادي أو حتى إجراءات تندرج في إطار التسهيلات التي يفترض بوزارة الصناعة أو التجارة والهيئات المعنية توفيرها للباحث أي أنها تنعدم تماما· وبالرغم من الصعوبات، تمكنت من تجسيد هذا المشروع، وسأشارك في مسابقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سبتمبر المقبل، بعد أن كانت شركة ''بيت بايت'' من بين الشركات العشر الأوائل في مسابقة المؤسسات الصغيرة في البحر المتوسط· هل يمكنكم تفسير كيف يمكن لطعم لا يحتوي على مواد سامة، وإن صح التعبير صديق للبيئة، القضاء على القوارض والحشرات؟ المبيد الذي توصلنا إلى إنتاجه يتخذ شكلين هما ''طعم هلامي'' معبأ في الحقن أي ''جال'' يستخدم في القضاء على الحشرات، أما الشكل الثاني فهو مكعبات وأقراص للقضاء على القوارض، وبالطبع فهو لا يحتوي على نسبة كبيرة من المواد السامة، هذا ما جعله يتميز عن باقي المبيدات، ومبدأ التأثير في هذا المنتوج يرتكز على مفهوم القتل الفيزيائي، وأقصد بذلك أنه لا يحتوي على نسبة عالية من السم، حيث أن الفرد لا يتعرّض للموت إلا بعد استهلاك 02 كلغ من هذا المبيد، هذا يعني أنه يحتوي على مادة سولفات الكالسيوم تؤثر على الجهاز الهضمي بدل الجهاز العصبي، محدثة بذلك الإمساك لدى الحشرات والقوارض· بروفيل ولد الباحث المخترع الجزائري زينو عبد اليمين سنة 1973 بالعاصمة، التحق بعد حصوله على شهادة البكالوريا بجامعة بومرداس، لتتوج سنوات الدراسة الجامعية بإحرازه على شهادة التخرج في تخصص التخطيط والمنهجية الذي ساعده -على حد قوله- في ترتيب أبحاثه ونشاطه في مخبره المتواضع الواقع ببابا احسن بالعاصمة سنة ,1994 غادر بعدها أرض الوطن ليبدأ رحلة البحث المكثف في العديد من الدول العربية والأجنبية في مجال المادة وتركيباتها، انتقل عام 2003 إلى دولة سوريا، وعاش فيها إلى غاية سنة ,2007 حيث تمكن من خلال تنقلاته من التعرّف على أسرار عالم الحشرات، واحتك بعدد من الباحثين· سنة 2008 عاد إلى الجزائر ليشرع في تجسيد مشروع بحثه العلمي بناء على ما اكتسبه وجمعه من خبرات ومعلومات، ليتحصل سنة 2009 على براءة اختراع من المنظمة العالمية بجنيف والإتحاد الأوربي للاختراع· لم يكتف بالاعتراف المهني بهذا الاختراع، بل جسده في الواقع ليضع بذلك منتوجا جديدا في السوق شرع في تسويقه مطلع السنة الجارية·