يقال: شّعر المرأة تاج جمالها، لكن مصففي الشّعر يحبون إضافة تلك العبارة الدعائية: ''هذا الجمال لا يكتمل إلا باختيار التسريحة المناسبة''· وتتلاحق عبارات أخرى من قبيل؛ ''تغيير الشكل النمطي''، ''لمسة جديدة''، ''روح المرح''، ''إنحناءات مترابطة وخصلات مفرودة لإضفاء الجاذبية''، وهكذا·· إنه قاموس لغوي يمكن استعماله دائما، مرفقا بصور مثيرة لملء صفحة كاملة في جريدة أو مجلة· إذا سألنا مصفّف شّعر خبير عن النصيحة التي على النساء العمل بها لاختيار تسريحاتهن، سيقول بلا شك: ''شّعر المرأة سرّ أنوثتها، فهو رسول جمالها لأنه يعبر عن شخصيتها ومزاجها العام وتقاسيم وجهها''· حسنا إن عبارتي (سرّ الأنوثة)، (الجمال) لا يمكن تحديد دلالتهما بسهولة· ذلك أن عالم الموضة يقدم لنا نماذج لنساء حليقات الرأس وأخريات بتسريحات ذكورية، بل إن بعضهن يتشبهن بالدمى، وقد يذهب الأمر ببعضهن لمحاكاة صورة الشيطان المتخيلة· وقد نشاهد عارضة مشهورة بقرون استشعار أو حتى قرون أيّل، وقد نرى مستقبلا تسريحات مستلهمة من قرون الفيل أو حتى جده الماموث المعلن عن انقراضه· إن اللغة الدعائية الخاصة بالموضة لتبهرني حقا فهي تفتح مجالات للإجتهاد، لكن المشكلة أن الحديث عن الموضة صار أهم من الموضة في حد ذاتها· وهنا كثرت الاصطلاحات الفضفاضة المموهة· المرأة كالثمرة الطازجة نريد دائما تذوقها والتهامها· (ماذا عن تلك الثمرة التي نشتهي أن تتذوقنا وتلتهمنا)؛ إنها في غصنها بينما أصابعنا تتشوق لقطفها· (ماذا لو أنها هي التي تقطف أصابعنا)· لا ضرورة من زيادة التفلسف· دعنا ننتبه إلى فكرة مهمة· شكل الثمرة أين يكمن؟·· سأجيب لكن ليس على طريقة مصففي الشّعر، بل على طريقة شاعر: ''إن أسلوبي في القطف هو ما يحدد شكل الثمرة''· أي إذا قطفت الثمرة بأسلوب جيد فإن شكل الثمرة سيكون جيدا بالضرورة· وإذا كان شكلها جيدا فإن طعمها جيد، وإذا كان طعمها جيدا فهذا يعني أن حواس التذوق لدي لذيذة وجيدة· بهذا المعنى أفكر أنا بشعر المرأة· إنه حالة من الحركة واللون والرائحة والخطابات المتلاحقة·· و·· و·· و·· هيا نجرب أن نتخيل الحركات المحتملة لكل التسريحات المحتملة، ونضع لها التسمية المناسبة· حسنا، ما رأيكم أن بعض الشعر يتموّج وبعضه يتلولب وبعضه يتجعّد وبعضه يتدرّج؟ ثم إن هناك المنسدل والمضفور والتاجي وهناك المبعثر والمجنّح والمتداخل·· وهناك أيضا المتدفق·· الله على المتدفق؛ كم هو لين وعصي، متمرد وحريري الملمس؛ تمسكه بقبضتك فيطاوعك وما إن تطلقه حتى يعود إلى وضعه الطبيعي· هذا النوع المحبب لدي قد يكون بألوان شتى: مضيء الجانب، فحمي مغيم، ضبابي كخبز الزنجبيل، بنكهة تساقط الثلوج، متماوج الخصلات متمازجها كدخان سيجارة، توتي أو خرّوبي أصحر، بشقرة الفراولة أو بالكستناء الغامق، بكريمة الكرميل أو ألسنة النار·· لا تسمحوا لي أن أتمادى في الكلام عن هذا النوع الآسر للشعر الأنثوي وخذوا وقتكم في إيجاد صفات أخرى ذات علاقة بالحركة·· وألوان أخرى ذات علاقة بكل شيء·· وهكذا نكوّن قاموس الشَّعر الأنثوي (بالفتح) فهو أفضل من الشِّعر الأنثوي (الشين هنا مكسورة الخاطر)·