بما أنك مختص في الأدب الشعبي، كيف ترى العودة إلى التراث؟ في الحقيقة العودة إلى التراث بالنسبة لي رسالة، كما أعتبرها مسؤولية كونها توجه للإثراء العلمي والبيداغوجي للمنظومة التربوية الجزائرية، وبرأيي لا بد أن يكون التراث متصل بالتنمية الوطنية في المجال العلمي، إلى جانب ذلك أن يكون مختصا تستدعيه الحياة اليومية لبعث الشخصيات التراثية المنسية، وأعتقد أن لا أحد يخدم تراثنا ما لم نخدم نحن شخصيتنا وتراثنا بأنفسنا· ما هي رسالتك من وراء بعث التراث؟ الهدف الأساسي من نبش التراث هو أن نكشف كل شخص منّا؛ كما أننا نكشف كل ما هو نقيّ؛ فالتراث بالنسبة لي رسالة سامية متصلة بالعلوم الإنسانية، وبما أن لكل عصر خطابه الخاص به وأننا نعيش عصر العولمة أعتقد أنه من واجبنا استخراج الخطاب الجيد والرديء لنختار في الأخير ما نحتاج· كيف ترى موقع الأدب الشعبي الجزائري؟ أعتقد أننا لم نولي اهتمام لكل أدبنا، وخاصة منه الأدب الشعبي، وأرجع ذلك إلى عدة أسباب منها أن بعض الشعراء الشعبيين لا يكتبون ويعتمدون فقط على ما هو شفوي، غير أن ذلك لا يفقدنا الأمل ما دامت هناك مجهودات فردية لباحثين جامعين وأكاديميين فهؤلاء يبعثون التراث بطريقة فنية رائعة· سبق وأن قلت أن تراثنا الشعبي شفوي أكثر منه مدوّن هل وجدت صعوبات في ديوانك الصادر مؤخرا عن الشيخ سيدي بو عبد الله؟ والله لم أجد أي صعوبة في إصداري كوني تحصلت على نسخة من مخطوطة كاملة وفق الفهرس الذي وجدته للمخطوط؛ غير أن الصعوبة التي وجدتها في التخريجات والتوثيق، بمعنى كون الديوان صوفي فإن الشاعر يوظف نصوصا من القرآن الكريم ويوظف الأحاديث النبوية وبعض من التاريخ الإسلامي إلى جانب ذلك توظيفه أقوال المتصوفة من قبله؛ وأعتقد أن هذه القضايا تستدعي من المحقق أن يرجعها إلى أصلها، وبتالي هنا تكمن الصعوبة لأنها تدفع المحقق إلى التنقيب والبحث ليتعامل مع أمهات التراث العربي الإسلامي إلى جانب القرآن والسنة·