أرقام جد مخيفة تلك المستقاة من وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات حول عدد القتلى والمصابين بالأمراض المتنقلة عبر الحيوانات الضالة، فالجزائر هي البلد الوحيد الذي لا تزال تسجل سنويا وفاة من20 إلى 30 شخصا بداء الكلب، إضافة إلى آلاف الإصابات بداء الليشمانيوز والكيس المائي بسبب تحول الأزقة والشوارع إلى مرتع للكلاب المتشردة والقطط الضالة التي أصبحت تشكل خطرا على صحة المواطن في ظل عجز السلطات المحلية على إحكام قبضتها على التكاثر المريب لتلك الحيوانات التي أضحت تغزو شوارعنا ليس ليلا فقط، بل حتى في وضح النهار حيث تسجل مختلف المؤسسات الإستشفائية أزيد من 100 عضة يوميا أي ما يفوق ال45 ألف عضة سنويا، وهي الحالات المصرح بها، فيما يفضل ضعف هذا العدد عدم التنقل إلى المراكز الصحية للحصول على اللقاح· منذ بداية السنة الجارية توفي 8 أشخاص، من بينهم 3 أطفال لا تزيد أعمارهم ثماني سنوات عقب إصابتهم بداء الكلب· ويشير تقرير تحصلت ''الجزائر نيوز'' عن نسخة منه إلى أن جميع الضحايا يقطنون بالبلديات النائية المنتشرة عبر المدن الداخلية على غرار تلمسان، مستغانم والمسيلة·· وأن جميع الضحايا تعرضوا لعضات كلاب مسعورة ضالة باستثناء شيخ عضه كلبه لم يقم بتلقيحه منذ شرع في تربيته· وخلص التقرير إلى تبيان عدم تنقل المعنيين إلى المستشفيات للحصول على اللقاح، هو ما أدى إلى إصابتهم بداء الكلب· وأوضح التقرير أن الإصابات ظهرت جميعها في المناطق المعروفة بكثرة انتشار الكلاب فيها، وبالتالي كثرة اعتداءاتها على المواطنين الذين لا يدركون بعد خطورة التعرض لعضة كلب، مما يفسر تهاونهم في طلب اللقاح والإكتفاء بالعلاج التقليدي من خلال استعمال الأعشاب· وكانت آخر حالة وفاة، حسب التقرير، قد سجلت في 30 ماي الماضي ببلدية عين الحجل بولاية المسيلة· لقاح باستور غير كاف لتغطية الاحتياجات أدى ارتفاع عدد المصابين بعضات الكلاب والقطط إلى نقص حاد في لقاح داء الكلب الذي ينتجه معهد باستور حيث دفعت هذه الوضعية التي نتجت عن فساد كل المنتوج منذ سنوات قبل توزيعه على مستشفيات الوطن إلى اختلال المعادلة إذ فاق العرض الطلب، الأمر الذي دفع بالمسؤولين في وزارة الصحة إلى إعادة الترخيص باستيراد هذا اللقاح من الدول الأوربية بأسعار خيالية قصد ضمان توفره على مستوى جميع المستشفيات والمراكز الصحية· وقد علمت ''الجزائر نيوز'' أن التكفل بمعالجة مصاب واحد بعضة كلب يكفل أكثر من 2000 دينار، نظرا لارتفاع سعر اللقاح المستورد الذي تقدر تكلفته بمبلغ 1000دج للعلبة الواحدة التي تضم 4 حقن فقط بينما تكلفة اللقاح المصنع محليا لا تتعدى 800 دينار· وسجلت وزارة الصحة منذ بداية السنة الجارية إصابة 70 شخصا بالليشمانيوز الحشوية التي تنتقل إلى الإنسان عن طريق الكلاب، وهو رقم مرتفع بالمقارنة بذلك المسجل خلال السنة الماضية حيث لم يتعد 84 إصابة، لأن الرقم المسجل مرشح للإرتفاع إلى غاية نهاية السنة· بالموازاة مع ذلك، بلغ عدد المصابين بالليشمانيوز الجلدية المتنقلة عبر الجرذان 5376 إصابة ومست مختلف الفئات العمرية، ويعتبر هذا الرقم منخفضا مقارنة بالسنة الماضية التي فاق فيها عدد المصابين 10666 شخصا، وتنتشر العدوى عن طريق بعوضة تنقل الجرثومة من الجرذ إلى الإنسان عند لدغه، ففي هذا السياق علمت ''الجزائر نيوز'' أن مصلحة حفظ الصحة والتطهير التابعة لولاية الجزائر شرعت في الأيام القليلة الماضية في حملة واسعة للقضاء على الجرذان على مستوى بلدية واد قريش كمرحلة أولى في انتظار أن تشمل الحملة بقية بلديات العاصمة إستجابة لشكاوى المواطنين· في المقابل، قدر عدد المصابين بالكيس المائي نتيجة احتكاكهم بالكلاب المتشردة والقطط الضالة منذ بداية العام الحالي 239 شخصا، ما يمثل نصف عدد المصابين في السنة الماضية الذين لم يتجاوز عددهم 436 شخصا، وتعتبر الإصابة بهذا المرض من أخطر الإصابات كونها تكون نتيجة ابتلاع الشخص لشعرة من شعر القطط أو الكلاب، الأمر الذي يتطلب تدخلا جراحيا نظرا لعدم وجود أدوية لمعالجة هذه الإصابة· ---------------------------------------------------------- الدكتور سليمي جمال (المكلف ببرنامج محاربة الأمراض المتنقلة عبر الحيوانات): إرتفاع عدد الحيوانات الضالة في الشوارع بات يهدد حياتنا إلى ماذا يعود الارتفاع المخيف للإصابة بالأمراض المتنقلة عن طريق الحيوانات؟ في الحقيقة هذا الإرتفاع مقترن بالتكاثر الكبير للحيوانات الضالة، لا سيما الكلاب منها حيث أصبحت تغزو الشوارع والأحياء، خصوصا في النهار، مما يجعلنا جميعا عرضة لهجوم في أي وقت من تلك الحيوانات، ما يفسر ارتفاع عدد العضات المسجلة يوميا، إضافة إلى عدم احترام مربي الحيوانات الأليفة للقانون الخاص بطرق الإعتناء بالحيوان، وأقصد بذلك عدم قيامهم بتلقيح الكلاب والقطط بصفة دورية، زيادة على تركهم لها تجوب الشوارع حيث تحمل هناك شتى أنواع الميكروبات والفيروسات· هل من قراءة في عدد الوفيات والإصابات المسجلة منذ بداية السنة؟ سجلنا منذ بداية السنة الجارية انخفاضا ملحوظا في عدد الإصابات بداء الكلب مقارنة بالسنوات العشرين الماضية حيث كانت تسجل سنويا من 20 الى 35 حالة، ولعل تراجع عدد الوفيات إلى ثماني حالات فقط يعود إلى سرعة تنقل المواطنين إلى المستشفيات لتلقي اللقاح فور تعرضهم لعضة الكلب سواء كان متشردا أو أليفا، وأؤكد في ذات السياق أن داء الكلب مرض غير معد لأن مجرد انتشار خبر اكتشافه يصيب المواطنين بهلع كبير حيث يتدفقون على المستشفيات، مطالبين باللقاح بحجة احتكاكهم بالمريض، وأطمئن أيضا المواطنين بوجود اللقاح بكميات كبيرة على مستوى كافة المراكز والمستشفيات العمومية، وأدعوهم للتنقل إلى المراكز الصحية فور تعرضهم لعضة كلب· ،يقابل هذا الانخفاض، إرتفاع في عدد الإصابات باليشمانيوز والكيس المائي الذي يتطلب علاجه تدخل استعجاليا· كيف يمكن مواجهة هذا الوضع المخيف حسب رأيكم؟ الحل يكمن في تضافر جميع الجهود في كافة القطاعات من أجل القضاء النهائي على مشكل الحيوانات الضالة، ناهيك عن إرغام مربي الكلاب في المنازل على التلقيح الدوري لحيواناتهم سيما الكلاب منها لتفادي الاصابة بأي فيروس من شأنه الإنتقال إليهم من خلال الاحتكاك بالحيوان، وأشدد على أهمية وعي المواطن بخطورة التقرب من أي حيوان ضال، ولذلك نقوم في فترات مختلفة على مدار السنة بتنظيم أيام توعوية وتحسيسية سيما في المناطق النائية نبين خلالها أهمية التنقل إلى المستشفى في حال التعرض لعضة كلْب قبل الإصابة بداء الكلَب الذي تظهر بعد شهر من تاريخ العضة· ---------------------------------------------------------- ''الجزائر نيوز'' تزور محشر الحيوانات الضالة الوحيد على المستوى الوطني كانت الساعة تشير إلى حدود العاشرة والنصف صباحا عندما وصلنا إلى محشر الحيوانات الضالة الكائن ببلدية الحراش رفقة المكلفة بالإعلام على مستوى مؤسسة حفظ الصحة والتطهير لمدينة الجزائر حيث استقبلتنا رئيسة المصلحة الطبيبة البيطرية ''بن جاب الله مسعودة''، بمكتبها المتواضع تبادلنا أطراف الحديث حول بعض المواضيع العامة قبل أن يصدمنا تصريحها حول الظروف التي يمارس فيها أعوان المحشر مهامهم خلال تدخلاتهم التي وصلت إلى حد تعرضهم للإعتداء بالسلاح الأبيض· تعطي السلطات المحلية أولوية كبيرة لمسألة القضاء على الحيوانات الضارة التي تغزو شوارع وأحياء ولايات الوطن حفاظا على الصحة العمومية إلا أن هذه العملية تختلف من مدينة إلى أخرى نظرا لمحدودية الإمكانيات، وكذا عدم وجود مصلحة مختصة كونها تدرج في خانة مصلحة النظافة التابعة للبلديات باستثناء ولاية الجزائر العاصمة حيث يقوم محشر الحيوانات الضارة التابع لمؤسسة حفظ الصحة والتطهير لمدينة الجزائر بهذه المهمة· وفي هذا السياق كشفت رئيسة مصلحة البيطرة بالمحشر السيدة''بن جاب الله مسعودة'' عن حصيلة نشاطاها خلالها الأشهر الثمانية الماضية إذ تم جمع نحو 6081 كلبا و 10359 قطا تم القضاء عليها جميعها بالطرق المنصوص عليها قانونا وهي ثلاثة خلال 2571 خرجة ميدانية منها 340 تدخل استعجالي تلبية لاتصالات عدد من المواطنين، كما تم اكتشاف 5 إصابات بداء الكلب وإصابة واحدة عند القطط· وقالت رئيسة المصلحة إن عدد الحيوانات التي تم حجزها خلال الموسم الماضي 7628 بين قطط وكلاب· 10 كلاب مقابل كل مواطن إذا ما توقفت مكافحة الكلاب الضالة ترتبط مسألة جمع والقضاء على الحيوانات الضالة بسلامة الصحة العمومية لتي تبقى مهددة ليس بالأمراض فقط، وإنما بالهلاك المحتم في حالة الإصابة بداء الكلب، وتقول الطبيبة ''بن جاب الله'' أن المواطنين لا يدركون بعد مدى الخطر المحدق بحياتهم من جراء الإحتكاك بتلك الحيوانات، مضيفة أن الأصوات الداعية إلى وقف عملياتنا تجهل حقيقة الوضع الحالي، موضحة أن المحشر لو أوقف عملياته لما تمكن المواطن من الخروج من منزله بسبب العدد الكبير للكلاب والذي قد يعادل 10 كلاب مقابل كل مواطن· كما أفادت بأنه يتم جمع على الأقل 100 قط، ونصف هذا العدد من الكلاب يوميا بينما يقوم المحشر بقتل أكثر من 300 قط و100 كلب أسبوعيا سواء عن طريق الصعق الكهربائي أو بالأدوية، ثم يتم دفنها، في حين تقدر بعض الأوساط تكلفة القضاء على الكلاب بنحو 2000دج، وعلى القطط بنحو 1600 دج، وهي أرقام رفضت رئيسة المصلحة تأكيدها أو نفيها مكتفية بالقول أن القتل غير مكلف وضروري نظرا لمحدودية طاقة استيعاب المحشر· يسعى المركز بعد كل خرجة الميدانية لجمع الكلاب والقطط المتشردة إلى إجراء فحوصات بيطرية على كل الحيوانات التي جلبها إلى المحشر، وفي حالة شك في أي إصابة بداء الكلب يتم نقل جثة الحيوان المصاب إلى معهد باستور لتحليلها، وفي حالة تأكيد الإصابة يتم إعلام المصالح البلدية التي تقوم بدورها بإعلام المواطنين ودعوتهم للتلقيح في حالة احتكاكهم بالكلب، أما بالنسبة لبقية الأمراض المتنقلة عبر الكلاب والقطط على غرار الليشمانيوز والكيس المائي فقد صرحت رئيسة المصلحة أن المحشر لا يتوفر على الإمكانيات المادية الكافية لتغطية نفقات تحاليل إثبات الإصابة، مؤكدة أنها تكتفي بالتعجيل بالقضاء على الحيوان الذي تظهر عليه أعراض الاصابة حسب التشخيص البيطري· تهديدات بالقتل، إعتداءات بالضرب وبالسلاح الأبيض ·· جوانب من يوميات يقضيها نحو 70 عونا بمحشرة الحيوانات الضالة التابعة لمؤسسة الصحة والتطهير لولاية الجزائر العاصمة موزعين على فرق تتناوب على جمع الكلاب المتشرة والقطط الضالة المتشردة عبر الدوائر الثالثة عشرة للعاصمة· تتحدث رئيسة مصلحة البيطرة بالمحشر السيدة ''بن جاب الله'' بمرارة عن المعاملة القاسية التي يتعرض لها الأعوان أثناء تأدية عملهم بسبب جهل المواطنين بالهدف السامي لمهمتهم حيث تقول أن الإعتداءات لم تعد تقتصر على السب والشتم الذي يتعرضون له حيث بلغت حد الإعتداء بالسلاح الأبيض أما عن المعدات والإمكانيات المتاحة فتقول المتحدثة بأنه ''أوربال'' وضعت تحت تصرفهم وسائل جد متطورة حيث دعمت حضيرة المحشر ب 13 شاحنة خاصة بهذه العملية، بعدما كانت تعمل بشاحنتين فقط في سنة ,96 إضافة إلى معدات جديدة تستعمل في تثبيت الحيوانات خلال عملية حجزها واقتيادها إلى المحشر الذي يعد الوحيد على المستوى الوطني، ثم يتم نقلها إلى معهد باستور للتأكد من مرضها، وفي حال ثبوت ذلك يتم إخطار المصالح البلدية، لتقوم هي بدورها بإعلام المواطنين بمرض هذه الحيوانات وبضرورة التلقيح الإجباري لكل شخص تعرض لعض أو لخدش من طرفها· إمكانيات محدودة وسط ضغط كبير خلال دردشتنا قرابة الساعة ونصف الساعة مع الطبيبة البيطرية تلقت العشرات من الاتصالات أغلبها شكاوى من مواطنين تتحدث عن سيطرة تلك الكلاب على الشوارع وتمركزها أمام البيوت، وفي هذا السياق صرحت الطبيبة''مصالحنا تعجز أحيانا على تلبية النداءات الاستعجالية بسبب بعد المسافات على غرار الرغاية، هذا الضغط يستلزم حسب المتحدثة فتح وحدات بوسط، وشرق، وغرب العاصمة لضمان أسرع تدخل سيما في الحالات الاستعجالية، خاصة عند تسجيل إصابة بعضة كلب مسعور· محشر واحد على المستوى الوطني ·· وبلديات ترفض تعميمه يتكفل محشر الحيوانات الضالة بجمع الكلاب والقطط المتشردة وبالرغم من محدودية سعته إلا أنه يساهم بشكل كبير في القضاء على تلك الحيوانات بغرض حماية المواطن منها إلا أن هذا المحشر يعتبر الوحيد على مستوى الوطن، ويرجع ذلك حسب الطبيبة البيطرية إلى رفض رؤساء البلديات إنشاء هذا النوع من الهياكل كونه لا يدر المال عليهم· الجزائر البلد الوحيد الذي يفتقر لجمعيات الرفق بالحيوان إن الإنتقادات الكثيرة التي يوجهها لنا عدد كبير من المواطنين حول قتل الحيوانات الضالة ليس لها أي مبرر، تقول، بن جاب الله، بسبب عدم وجود مراكز مخصصة لرعاية تلك الحيوانات بعد جمعها حيث تطرح المتحدثة مسألة مهمة تتعلق بأهمية وجود مركز يوفر الرعاية والحماية لتلك الحيوانات التي من المفترض وضعها فيها بعد جمعها من الشارع واقتيادها للمحشر من أجل إجراء التحاليل عليها، وتلح الطبيبة البيطرية على أنه يجب على تلك الأصوات التحرك أولا لإنشاء جمعية للدفاع عن الحيوانات باعتبار أن الجزائر البلد الوحيد الذي لا يتوفر على أي جمعية معتمدة تعنى بالرفق بالحيوان، موضحة أن هناك بعض المواطنين أنشأوا مواقع إلكترونية للدفاع عن الكلاب والقطط إلا أنهم عاجزون عن الدفاع عنها وحمايتها ميدانيا·