تعرفت على موسيقى بوب مارلي وعشقتها قبل خمس عشرة سنة بوهران بفضل الصديقين غوتي بن عودة ورائف عساف·· في تلك السنوات المجنونة من تسعينيات القرن العشرين وذلك بغرف الأحياء الجامعية في وهران التي كانت ملاذا لنا·· ومنذ ذلك الوقت لازمني بوب مارلي في حياتي وكان معي دائما في مختلف الوسائط الإليكترونية المتاحة·· كان غناؤه ترياقا لحالات الشباب الثائر والمتمرد والحائر في إيجاد حلول ناجعة لحياته وسط الدوامة والإضطراب العام للبلاد في تلك السنوات البعيدة· ولد بوب مارلي في السادس فبراير عام 1945 في قرية سانت ان شمال جمايكا كان والده الكابتن نورفال مارلي، وهو ضابط بحري بريطاني أبيض، في الخمسين من العمر عندما تزوج والدته الجامايكية السوداء الجميلة سيديلا بوكر ذات الثمانية عشر ربيعاً· وقبل أن يتم بوب عامه الأول، إضطر الكابتن نورفال إلى هجر زوجته الصغيرة وابنه نظراً لاستمرار معارضة عائلته لهذا الزواج: أدى زواج أبيه من أمه الجامايكية إلى فصله منئالجيش البريطاني· مما اضطر الأم إلى الهجرة إلى الولاياتالمتحدة بحثا عن ظروف عيش أفضل·· ترك بوب المدرسة صغيرا وانخرط في معركة الحياة بشقائها، فعمل لحاما حتى وفرت له أمه ثمن التذكرة ليلتحق بها في أمريكا وهناك أيضا إشتغل كعامل نظافة وأشغال حقيرة أخرى·· ومنذ طفولته كان طموحه الموسيقى التي اشتغل لأجل توفير ثمن الأشرطة للإستماع إليها ولشراء قيثارة·· وفي أمريكا شاهد بعينيه الممارسات العنصرية ضد السود والتي تركت في نفسيته بالغ الأثر والتي ستظهر فيما بعد في إبداعاته· إعتنق بوب مارلي الرستفارية سنة 1966 وهي عقيدة دينية نشأت في جامايكا في العقد الثالث من القرن العشرين بواسطة حركة من الشبان السود تعتبرئإفريقيا مهد البشرية متأثرين بدعوة القومية السوداء التي أطلقها الزعيم الجامايكي الشهير ماركوس كارفي ثم كانت مسيرته الفنية الخالدة مع رفاقه الويلرز·· مسيرة بدأت بالكد والاجتهاد حتى وصلت آفاق العالمية وكسبت قلوب وحب ملايين البشر في كل القارات·· كان بوب هو كاتب الكلمات والملحن والمغني وكانت أغانيه العظيمة كلها دعوة للتحرر من الإستبداد وضد الظلم والدكتاتوريات ودعوة للحب والسلام والتآخي بين البشر ونبذ العنف·· بعد أن أصبح بوب وفرقته أغنياء لم ينس الفقراء والجياع في جمايكا وخاصة الأطفال حيث هناك شهادات موثوق فيها تقول أنه كان مسؤولا عن إطعام 4000 فقير في بلاده·· وشكلت جولاته الفنية الناجحة في أوربا دعما كبيرا لفنه وللقضايا الإنسانية التي طرحها في أغانيه· تحول بوب مارلي في جمايكا إلى أسطورة تصل حدود التقديس، فأصبح بذلك أيقونة لكل الثوار والمتمردين على الظلم والتسلط·· وحتى بعد وفاته في 11 ماي 1981 وهو في السادسة والثلاثين من العمر بعدئ صراع مرير مع السرطان إلا أن شهرته ازدادت وازدادت معها قيمته الفنية وتحولت بفضله موسيقى الريغي إلى موسيقى عالمية وتحول معها بوب مارلي إلى رمز لمناصرة المقهورين والمضطهدين في كل مكان من هذه الأرض·