استأنف، أمس، تلاميذ المؤسسات التربوية التي عرفت أعمال تخريب وحرق من قبل الشبان المحتجين على الظروف المعيشية في البلاد، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، دراستهم بشكل طبيعي نسبيا، حيث عملت جل تلك المؤسسات على استقبال التلاميذ في الأقسام النهائية، ليتم استقبال جميع السنوات غدا الثلاثاء، بعد استكمال جميع أعمال الترميم· خلال جولة استطلاعية ل ''الجزائر نيوز'' في مجموعة من الثانويات والإكماليات التي طالتها أعمال التخريب بالعاصمة، والوجهة كانت تجاه ثانوية خُربت وأحرقت كل أقسامها، مخابرها، وإدارتها، وهي ثانوية ''مسعودة جيدة'' بالشراربة، أين لم نجد التلاميذ بعد أن قامت إدارة المؤسسة بتسريحهم في وقت مبكر، ولم يتبق إلا الأساتذة الذين وجدناهم متجمعين في فناء المؤسسة، يتحدثون عن الأحداث، ويسترجعون المشاهد التي عاشوها وشاهدوها عن قرب، فالكل مصدوم من الوضعية التي آلت إليها مؤسستهم، على الرغم من أن النفايات المتراكمة والأوراق المبعثرة والزجاج المتكسر تم رفعه منذ يوم الجمعة الفارط، إلا أن آثار التخريب لازالت ظاهرة· شركات الترميم تتسابق مع الزمن لاستكمال العمل والتلاميذ العون الأكبر مباشرة بعد عمليات التخريب، التي شهدتها المؤسسات التربوية، عملت إدارة تلك المؤسسات على التسابق مع الزمن من أجل إزالة آثار الخراب الشامل الذي طالها، قبل موعد استئناف الدراسة من طرف التلاميذ، كما أعطى والي ولاية الجزائر تعليمات صارمة لرؤساء الدوائر الإدارية للتنسيق مع مديريات التربية لشرق وغرب ووسط العاصمة ورؤساء البلديات من أجل إعادة المؤسسات التربوية المتضررة إلى وضعها الطبيعي قبل انطلاق الدراسة، وذلك حتى لا تؤثر هذه الأعمال على السير الحسن للدراسة، ويتمكن تلاميذ هذه المؤسسات من مزاولة الدراسة في ظروف طبيعية وكأن شيئا لم يكن، وكما كان الحال فالأشغال شارفت على الانتهاء، من خلال تسخير عدة شركات للتهيئة في المؤسسة الواحدة، وهو حال ثانوية ''مسعودة جيدة'' بالشراربة التي أحرقت عن كاملها، حيث وبشهادة بعض الأساتذة الحاضرين، فإن أثار الحريق بدأت تزول بعد أن تم طلاء جميع الأقسام والمخابر، وترميم ما تم تكسيره، وما لفت انتباهنا هو تصريح أحد المسؤولين بتلك الثانوية الذي أكد أن التلاميذ يعتبرون المساعد الأكبر في عمليات الترميم وإصلاح ما تم إفساده، وذلك منذ يوم الجمعة الفارط، حيث أكد أن هناك عددا كبيرا من التلاميذ من التحقوا بداية من صباح يوم الجمعة، لمساعدة العمال على رفع ما كسر وما أُحرق· الأقسام النهائية استأنفت الدراسة أمس وكما كان قد صرح به مسؤولون من وزارة التربية الوطنية ومن مديريات التربية لولاية الجزائر، فقد تم استئناف الدراسة بصفة طبيعية، في المدارس المتضررة، وذلك من خلال الاستعانة بالأقسام التي لم يمسها التخريب، وكذا تسريح التلاميذ الذين لديهم حصص رياضة أو موسيقى أو رسم، إضافة إلى ذلك وحسب مدير ثانوية مسعودة جيدة، فقد أعطيت تعليمات بإبقاء تلاميذ الأقسام النهائية فقط، والتركيز عليهم، ليتم خلال يوم غد الثلاثاء استقبال جميع الأقسام، وستكون الدراسة طبيعية، وقد أكد العديد من الأساتذة الذين التقيناهم بأن نفسية التلاميذ عادية ولم تؤثر فيهم أبدا تلك الأحداث، بل بالعكس تماما حسب إحدى المدرسات التي أكدت أنهم كانوا طبيعيين جدا، وفضلوا الالتحاق بالمدارس، مضيفة أنهم لم يعبروا أبدا عن خوفهم من تجدد تلك الاعتداءات، ووصل بها القول ''التلاميذ أكثر شجاعة منا نحن الأساتذة''، مضيفة أن أولياء التلاميذ لم يصطحبوا أبناءهم صبيحة أمس، بل كل التلاميذ قدموا لوحدهم وبصفة عادية· أساتذة مصدومون لم يستطيعوا التدريس وعلى الرغم من أن الدراسة استأنفت أمس، والتلاميذ التحقوا بمؤسساتهم بصفة عادية، إلا أن المشكل يكمن في أن الأساتذة لم يستطيعوا تقديم الدروس للتلاميذ، حيث أكدت إحدى المدرسات قائلة ''لم أستطع تدريس التلاميذ، فقد دخلت القسم، لكن لم أقدم أي شيء، بقيت فقط مع التلاميذ ساعة كاملة بعدها تركتهم يذهبون''، وهو نفس الشيء بالنسبة لعدة أساتذة، وقد برر الأساتذة سبب ذلك بأنهم مصدومون جراء ما شهدوه يوم الأربعاء المنصرم، حيث كان أغلبية الأساتذة حاضرين وقت اقتحام المحتجين مؤسستهم، حيث عبرت إحدى الأستاذات أنهم حضروا كابوسا حقيقيا، وكانوا عرضة للاعتداء من طرف الشبان الغاضبين، إلا أن تلاميذهم ساعدوهم على الخروج من المؤسسة وأنقذوهم من أيادي المخربين، فكيف يمكن لنا أن ندرس بعد ذلك الكابوس؟ حسب ما صرحت به تلك الأستاذة، وقد أكد بعض الأساتذة والمعلمين أن هذه الصدمة سيتم تجاوزها مع الوقت، لكن في الوقت الحالي لا تزال أثار الصدمة واضحة وجلية على الأساتذة، أما التلاميذ فقد أكدوا أنهم طبيعيون وهذا لم يؤثر على تحصيلهم الدراسي أبدا، حسب تصريح الأساتذة· الإدارة تؤكد أن كل الوثائق سيتم استرجاعها من خلال جولتنا في المدارس والثانويات، كان هدفنا معرفة هل هذا سيؤثر على الموسم الدراسي الحالي، خاصة وأن أعمال التخريب والحرق مست بالدرجة الأولى الجانب الإداري مثلما هو الحال بثانوية الشراربة، ومتوسطتها، حيث أتى الحريق على جناح الإدارة وجناح المصالح الاقتصادية واقتحموا قاعة الإعلام الآلي وسرقوا منها كل الأجهزة، الأمر الذي أدى إلى إتلاف جميع الوثائق الإدارية للتلاميذ، حيث أن كل السجلات والوثائق أحرقت، وكل المعلومات التي تحوز عليها المؤسسة أتلفت، لكن هذا الأمر حسب مسؤولين من المؤسسات التربوية المخربة سيتم تجاوزه، من خلال ما تم حفظه في أقراص مضغوطة خارج الإدارة، تحتوي على كل المعلومات الضرورية، إضافة إلى ذلك فإن كل المعلومات التي يتعذر استرجاعها، موجودة على مستوى مديريات التربية، ولهذا حسب المسؤولين هذا المشكل غير قائم، وسيتم استرجاع كل الوثائق خلال الأيام القليلة المقبلة، أما فيما يتعلق بكشوف النقاط الخاصة بالتلاميذ، فقد أكد الأساتذة أنه في حوزتهم نسخ من نقاط تلاميذهم، ولذلك سيتم إعادة كشوف نقاط التلاميذ مرة أخرى·