تزامن الاحتجاجات في كل من تونسوالجزائر، جعل الملاحظين السياسيين والباحثين في علم الاجتماع يسعون لإقامة مقاربة بين الأحداث في كلا البلدين، بالرغم من الطابع السياسي الذي اتخذته الاحتجاجات في تونس وحدّة الأحداث، بالمقارنة بالطابع الاجتماعي في الجزائر، دفعنا لمحاولة الإجابة على التساؤل عن أوجه الشبه والاختلاف بين ما يحدث في تونس وما حدث في الجزائر. شصالجزائر نيوزشص تقربت من باحث الاجتماع علي الكنز من أجل معرفة نظرته للأحداث. القوس والسهم أبرزت الاحتجاجات في تونس على العكس من الجزائر، التي تملك ثقافة احتجاجية سابقة، طابعا اجتماعيا سرعان ما جنّد قوى نقابية وسياسية، يبدو أنها غير قابلة للتوقف عن الاحتجاج في الوقت الحاضر. لو كان بإمكاننا تشبيه ما يحدث بصورة رمزية، لقلنا إن قوة القوس تمركزت اليوم على السهم، على اعتبار أن قوة حركة الجماهير أصبحت بمثابة السهم الذي يبحث عن قوس يطلقه، الاحتجاج اليوم في حاجة إلى تأطير يوجه سهم الاحتجاج الجماهيري، شريطة أن يجد الطاقة والوعي الجماعي الذي يقوده، المجتمع المدني أصبح بمثابة القوس والوعي الجماعي بمثابة البعد السياسي. تعد الاحتجاجات الاجتماعية في الجزائر أمرا عاديا، فهي بالمئات، غير أن الطاقة التي تفرزها سرعان ما تتبدد دون القدرة على تأطيرها، وبالتالي الاستفادة منها، ما يعني أن الاحتجاجات في الجزائر دون هدف حقيقي، يمكن القول أن غياب القدرة على تأطير الاحتجاجات الاجتماعية في الجزائر ومنحها البعد السياسي اللازم يكمن في غياب الحس المدني لدى المجتمع المدني من جهة، وبسبب التأثير السلبي للحرب الأهلية على دور المعارضة من جهة أخرى. كما أن المعارضة وجدت نفسها في بعض الأحيان أمام إغراء تقاسم الريع، تونس، وعلى العكس من الجزائر، لم تعرف مثل هذه الظروف، وبالتالي ما يزال المجتمع المدني فيها حيويا قادرا على تأدية دوره، خاصة بعد التخلص من عقدة الخوف. بخصوص مفهوم شصالاحتجاجات الاجتماعيةصص، بدا لي من خلال مطالعتي للصحف والمدونات عبر مواقع الأنترنيت، أن الكثيرين في الجزائر بدوا مستائين من كون الاحتجاجات اكتست طابعا شصاجتماعياشص محضا بعيدا عن البعد السياسي، بل إن البعض ذهب لحد اعتبار المتظاهرين شصمجرد ثلة من المخربينصص، في إشارة إلى تلك السرقات وكأن البعض كان راغبا في رؤية دكاترة يقودون المظاهرات ويواجهون قوات مكافحة الشغب دفاعا عن الديمقراطية وكأن المتظاهرين مطالبون بإضافة البعد السياسي والمدني للمطالب الاجتماعية. من وجهة نظري مثل هذا الطرح يُحمّل المتظاهرين أكثر من طاقاتهم، وكأننا نطالبهم بتسليمنا شصثورة جاهزةصص، وهو في اعتقادي عكس للأدوار، كما أنه يشير بصراحة إلى الهوة بين المجتمع المدني والسياسي عن المجتمع شصالاجتماعيصص تماما كبعد الأفكار في السماء والمطالب الاجتماعية في الأرض. للتذكير فقط، فإن الثورة الفرنسية في ،9871 سجلت انتقالها للمرحلة الثانية بسبب مسألة القمح المتعلقة أساسا باستقرار سعره، أليس الأمر أشبه بما حدث عندنا فيما يتعلق بمسألة السكر والزيت وبقية المواد الأساسية التي تظل على رأس أولويات المطالب الاجتماعية. بدا لي من خلال بعض قراءاتي أن هناك ما يشبه الازدراء لهذه المطالب الاجتماعية، الأمر الذي يعيق تحويلها إلى مطالب سياسية، بالرغم من استمرارها في الزمان والمكان، ما يحدث أن الوعي السياسي يرفض أن يرى في المطالب الاجتماعية واقعا وحقيقة قادرة على أن يحولها إلى طاقة حيوية يتخذ منها منطلقا للعمل السياسي.