يرى الدكتور عبد الناصر جابي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر، أن الحركة الاحتجاجية الحالية تشبه ما حدث في أكتوبر 1988 في الكثير من الجوانب، ولا يستبعد أن يتم استثمارها سياسيا، مثلما وقع مع الأحداث السابقة· كيف تقرأ هذه الحركة الاحتجاجية المتواصلة؟ على عكس ما حدث في تونس منذ أيام، حيث شهدت احتجاجات جديدة، فإن ما يميّز هذه الحركة في الجزائر أنها ليست بجديدة من ناحية الشكل· فمثل هذه الاحتجاجات تحدث يوميا، منذ سنوات، بمعدل يصل إلى عشرات المرات كل يوم، في بعض الأحيان· ووصلت إلى مناطق كانت توصف بالهادئة مثل مدن الجنوب وبعض القرى والمداشر النائية· وما الجديد الذي حملته هذه الحركة الاحتجاجية الجديدة؟ الجديد هو أن الحركة الاحتجاجية عادت من جديد إلى قلب الجزائر العاصمة، بعد أن نافستها، كما أسلفت بالقول، مدن وقرى أخرى· فهذه الحركة تبدو شاملة، حيث بدأت في وهران بالغرب الجزائري وهي تسير شرقا مرورا بالوسط والجزائر العاصمة على وجه الخصوص· وربما ستكون هذه الحركة هي محصلة لكل الحركات الاحتجاجية السابقة التي كانت معزولة إلى حد ما، أي أنها مرتبطة بزمان ومكان معينين· كيف تقارن ما يحدث الآن وما حدث في الخامس من أكتوبر 1988؟ الملاحظ أن الأجيال التي عاشت تلك الأحداث التي وقعت قبل أكثر من 22 سنة، ترى أن الكثير من نقاط التشابه تجمع ما يحصل الآن وما حصل في ذلك التاريخ، وهذا التشابه يشمل الشكل والعنف الرمزي وحتى التوقيت الأسبوعي، فإن لم تخني الذاكرة فإن الأحداث السابقة بدأت أيام الثلاثاء والأربعاء وهو ما يتكرر الآن، إضافة إلى المطالب الاجتماعية غير السياسية التي تجمع الحركيتين، غير أنه مع الأسف ركبت بعض التيارات السياسية الموجة واستثمرتها لصالحها· وهل تعتقد أن هذه الأحداث الجديدة يمكن أن تستثمر سياسيا من قبل بعض التيارات ويتكرر ما حدث بعد أكتوبر 1988؟ أتمنى ألا يقع ذلك، وأعتقد أن الأوضاع السياسية الحالية تختلف جذريا عما كانت عليه في السابق· فالساحة الآن تشكو فراغا سياسيا كبيرا في الشارع والأحزاب والجمعيات سواء الموالية للسلطة أو المعارضة لها غائبة بشكل كبير والحركة الآن في حالة خام، لكنها بالمقابل قابلة للاستغلال·