تتواصل الحركة الاحتجاجية في تونس على رموز النظام السابق مع بدء الحداد على ضحايا الثورة التي أطاحت بزين العابدين بن علي، رغم الإعلان عن العفو التشريعي العام. وعلى صعيد آخر، أعلن الصحفي المعارض توفيق بن بريك نيته في الترشح للانتخابات الرئاسية. تظاهر، أمس الجمعة، مئات المحتجين في تونس، فيما بدأت البلاد حدادا يستمر ثلاثة أيام على العشرات الذين سقطوا قتلى أثناء الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي. وتواجه الحكومة المؤقتة التي تولت السلطة بعد فرار بن علي من الاضطرابات واسعة النطاق إلى السعودية في الأسبوع الماضي، احتجاجات مستمرة لحشود غاضبة من أن أعضاء من الحرس القديم ما زالوا في الحكومة. وخرج عدة مئات في مظاهرة احتجاج سلمية في وسط العاصمة تونس، وتظاهر عدد مماثل أمام مقر شركة النقل العام التونسية المملوكة للدولة، مطالبين بإقالة مسؤولين كبار من عهد بن علي. وعلى صعيد آخر، أكد التيجاني زايد، أحد مؤسسي الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يقوده الزعيم المعارض نجيب الشابي، وزير التنمية الحالي، ما تناقلته وسائل الإعلام عن كشف الشابي لتفاصيل اتصال هاتفي جرى بين رئيس الوزراء التونسي، محمد الغنوشي، والرئيس السابق، زين العابدين بن علي، سعى خلاله الأخير للحديث عن نيته في العودة للبلاد. وقال زايد، وهو الناطق الرسمي باسم الحزب الديمقراطي التقدمي، إن الشابي كشف بالفعل عن تلقي الغنوشي اتصالاً من شخص استخدم اسماً مستعاراً، ثم حوله إلى بن علي الذي قال للغنوشي إنه يفكر بالعودة إلى تونس، ولكن رئيس الحكومة قطع عليه الطريق بالقول إن ذلك مستحيل. وذكر زايد أن الأزمة الحكومية الحالية التي فرضها موقف الاتحاد العام التونسي للشغل لجهة رفضه المشاركة في الحكومة، بسبب وجود وزراء من العهد السابق، قد تشهد بعض التطورات في الساعات المقبلة. وشرح زايد بالقول: الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل مجتمعة الآن لمناقشة ما يجري، وهناك انقسام بين النقابيين، وقد يصدر قرار بختام الاجتماع، ''في إشارة منه إلى مسألة موقف النقابات من الاستقالات التي قدمها كبار الوزراء من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي كان يحكم البلاد. من جانب آخر، قال توفيق بن بريك المعارض التونسي الذي سجن أثناء حكم زين العابدين بن علي إنه سيرشح نفسه في انتخابات الرئاسة لإزاحة حلفاء الرئيس المخلوع من السلطة. وبن بريك صحفي قضى ستة أشهر في السجن عن اتهامات بالاعتداء، وهي اتهامات يقول مؤيدوه ومن بينهم منظمات حقوقية دولية أنها اختلقت لمعاقبته على كتابة مقالات تنتقد بن علي. وقال بن بريك ''رحيل بن علي كان لحظة سعادة غامرة وفرحة لي، إنه نصر كبير للحرية''، لكنه - مثل كثيرين غيره من أشد معارضي بن علي- غير سعيد لأن وزراء كثيرين في الحكومة الجديدة لهم خلفية في التجمع الدستوري الديمقراطي، الحزب الحاكم الذي قدم قاعدة النفوذ للرئيس السابق. وقال ''ما أقوله هو أن التجمع الدستوري الديمقراطي يجب أن يرحل وأقول أيضا لهؤلاء الدمي الذين كان بن علي يحركهم أن يرحلوا وينضموا إليه في السعودية''، وأطلق سراح بن بريك من السجن في أفريل وقال بعد ذلك بقليل أنه يخطط للترشح للرئاسة لكن إعلانه لم يجد اهتماما يذكر مع عدم تصديق أحد لإمكانية إبعاد بن علي من السلطة. وينضم بن بريك إلى عدد متزايد من المعارضين السابقين الذين يقولون أنهم سيخوضون انتخابات رئاسية مبكرة لاختيار رئيس دائم للبلاد. وقلل من شأن التحدي الذي يشكله منافسوه الآخرون قائلا ''كنت الوحيد الذي سبب مشاكل لابن علي''، وأضاف ''سأكون أول رئيس لتونس الثورية.. وسأكون الرئيس الأكثر عصرية وديمقراطية في العالم العربي''.