عالجت مصالح الدرك الوطني خلال العام الجاري 17 قضية ضد الاعتداء على الأصول، حسب ما ذكره المكلف بالإعلام على مستوى المجموعة الإقليمية للدرك بوهران، وتم توقيف على إثر ذلك 19 شخصا وإيداع 12 آخر، فيما تم الإفراج عن 7 من المعتدين بسبب تنازل أقاربهم عن الشكاوى المودعة لدى المصالح الأمنية· معظم الأشخاص الذين تم توقيفهم هم من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 30 سنة كانوا تحت تأثير المخدرات والأقراص المهلوسة أثناء قيامهم بأفعالهم الشنيعة في حق أقرب الناس إليهم دون شفقة أو رحمة، هذا في الوقت الذي عالجت فيه المحاكم بوهران خلال الموسم القضائي الفارط أربع قضايا تمت جدولتها لمحاكمة المتورطين في ظاهرة الاعتداء على الأصول وأكثرهم الآباء، حيث كشفت مصادر من محكمة الصديقية بالولاية ذاتها أن هذه الأخيرة أدانت شاب يبلغ من العمر حوالي 21 سنة بالسجن لمدة 6 أشهر سجنا نافذا بتهمة ضرب والدته بالعصا بعد تلاسنات دارت بينهما، حيث قامت الأم بتلقين ابنها درسا في الأخلاق بعد عودته في ساعة متأخرة من الليل وهو في حالة يرثى لها تحت تأثير المخدرات، الأمر الذي لم يهضمه الشاب وراح يضرب أمه بالعصا مستغلا وجودهما لوحدهما في المنزل، وفي الصباح الباكر اتجهت الأم إلى مصالح الأمن حيث قامت بتحرير شكوى ضد ابنها الوحيد· وحسب بعض المتتبعين لمثل هذه القضايا من قانونيين وعلماء اجتماع، فإن الظاهرة عرفت في الفترة الأخيرة تزايدا ملحوظا بسبب تداخل عدة مشاكل منها الاجتماعية والنفسية، بالإضافة إلى الانحطاط الأخلاقي وغياب الوازع الديني· معظم المعتدين يستهلكون المخدرات والأقراص المهلوسة لا يختلف إثنان في وصف ظاهرة الاعتداء على الأصول سواء كانت الأم، الأب أو الإخوة أو أحد الأقارب في أنها سلبية جدا، ولا يمكن للأشخاص العقلاء أن يتصرفوا مع أهاليهم بهذه الطريقة، هذا ما تؤكده أيضا المعلومات المتوفرة لدى المصالح الأمنية والتي تشير إلى أن معظم الأشخاص الذين تورطوا في مثل هذه القضايا يقومون بأعمالهم الشنيعة تحت تأثير المخدرات والأقراص المهلوسة التي يدمنون عليها، وهو ما يجعلهم عدوانيين تجاه كل شخص ينتقد تصرفاتهم وأفعالهم· وحسب الأخصائيين النفسانيين، فإن تناول مثل هذه الحبوب المهلوسة تفقد الشباب إنسانيتهم وتدفعهم إلى ارتكاب أفعال سلبية، ويصاب المعتدون بعد اعتدائهم على الأقارب مباشرة بانهيار وإحباط نفسي خاصة إذا لفظ المعتدى عليه أنفاسه، كما حدث مؤخرا لقاصر يبلغ من العمر حوالي 16 سنة قام بذبح جدته بعد أن سرق مجوهراتها، وكان -حسب تقرير الخبرة الطبية- مصابا باضطراب نفسي ناتج عن إفراطه في تناول الأقراص المهلوسة، وقد عاش حي الياسمين حالة من القلق والذعر بعد هذه الحادثة التي أثارت سخط جميع شرائح المجتمع، خاصة وأن الضحية تبلغ من العمر حوالي 85 سنة· علماء الاجتماع يدقون ناقوس الخطر من خلال الملتقيات التي نظمها علماء الاجتماع وتناولوا من خلالها موضوع الاعتداء على الأصول، أرجع معظم المتدخلين الظاهرة إلى المشاكل الاجتماعية واتساع رقعتها، حيث أن معظم الشباب الذين اعتدوا على أقاربهم ينحدرون من مناطق فقيرة على غرار الأحياء الشعبية التي تشهد تناميا غير مسبوق للظاهرة، هذا إلى جانب مشاكل انعدام فرص العمل وانتشار البطالة في أوساط المجتمع مما يدفع بالشباب إلى الهروب إلى مستنقع الجريمة، حيث بيّنت التحقيقات الأمنية أن معظم الأشخاص الذين تورطوا في كل أشكال الجريمة ينحدرون من مناطق فقيرة ويعيشون تحت طائلة الفقر المدقع بعد أن غادروا المدارس في وقت مبكر· وحسب بعض التحقيقات التي قامت بها فرق من علماء النفس والاجتماع، فإن الأطفال الذين غادروا المؤسسات التربوية في أوقات مبكرة اندمجوا مباشرة في عالم الانحراف والانحطاط الأخلاقي خاصة أمام غياب مؤسسات الدولة ودورها في انتشالهم من هذه الأوضاع، وهناك على سبيل المثال لا الحصر عينات من قصر وأطفال تورطوا في قضايا لها علاقة بالإجرام· طبعا، يحدث هذا بعد أن يكونوا قد دخلوا عالما اسمه المخدرات· ··· وعلماء الدين يُحرمون الظاهرة ويعتبرونها من الكبائر خلال التحقيق الذي قامت به ''الجزائر نيوز'' حول ظاهرة الاعتداء على الأصول والظروف المؤدية إليها، وكذلك آراء المختصين في هذا المجال، تبيّن أن علماء الدين والشريعة الإسلامية يقفون دائما خلال خطبهم في المساجد وكذلك الملتقيات الدينية عند الظاهرة، حيث يحرّمونها تحريما قطعيا من منطلق الآيات القرآنية التي نزلت في حق أقرب الناس وهما الوالدين، حيث أكد إمام مسجد أبي تيمية بأن الدين الإسلامي واضح بهذا الخصوص· ووصف الإمام الظاهرة بأنها خطيرة جدا، وقد تفشت في مجتمعنا الإسلامي بعد أن غاب الوازع الديني لدى شريحة كبيرة من الشباب الذين أهملوا حسبه دينهم واتجهوا إلى الملذات الدنياوية التي أضاعتهم وأدخلتهم عالم الإجرام من بابه الواسع·