أكد الروائي بشير مفتي، صاحب روائع ''أشجار القيامة'' و''بخور السراب'' و''أرخبيل الذباب''... وغيرها كثير من الإبداعات الأدبية التي أضافت للمكتبة الجزائرية أن الرواية الجزائرية الحديثة ما تزال في طور التكوين، مشيرا إلى أن البداية كانت بانتفاضة أكتوبر 1988 التي مهدت لمرحلة الانتقال. يقال عن الرواية الجزائريةالجديدة أنها تجاوزت المرحلة الانتقالية إلى مرحلة فرض الذات؟ أعتقد أنه لا بد من الإشارة إلى أن الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية أصبحت تتمتع بمكانة على المستوى المحلي والعربي، وذلك بفضل الأسماء الأدبية الشابة التي نجحت في خلق تيار أدبي جديد في الجزائر، وإن ظل محتشما إلا أنه من حيث النوعية والقيمة الأدبية أثبت وجوده. أما بخصوص ميزات هذه المدرسة الأدبية الجديدة، أعتقد أن بدايتها بدأت مع نهاية الثمانينيات وبالضبط مع انتفاضة ,88 التي حررت المجتمع من كثير من القيود التي كانت تفرض نفسها، وإن بشكل غير واعٍ على الكتابة الأدبية، فقد ساهمت هذه الانتفاضة الشعبية التي قادها الشباب في فتح المجال على نوع جديد من التعبير الأدبي، بعدما تفتح المجتمع على واقع ثقافي جديد أصبح من الضروري التعبير عنه بلغة جديدة وأسلوب جديد. في مثل هذه الظروف وجدت الرواية الجديدة طريقها إلى القارئ وفتحت المجال أمام عدد من المبدعين لخوض تجربة جديدة بعيدة عن القوالب القديمة للرواية، بعبارة أخرى أوجدت العشرية الجديدة واقعا جديدا فرض نفسه على تعبير الأدباء الشباب. ما تقييمك لهذه الرواية الجديدة؟ صراحة، الرواية الجزائريةالجديدة لا تزال غائبة مادامت لا توجد قراءات نقدية لفهم تجلياتها أكثر. شخصيا، أظن أن هذه الرواية الجديدة لا تزال في طور التكوين، على اعتبار أننا ما زلنا نشهد تجلياتها من خلال إبداعات الجيل الجديد، فهي لم تنضج بعد، مع ذلك يمكن القول أنها وجدت الطريق الذي تسير فيه، بالنظر إلى أنها رواية أحدثت القطيعة مع الرواية الكلاسيكية. المهم في اعتقادي أن هناك الكثير من الأصوات الروائية الشابة التي تصنع ملامح هذه الرواية مع كل عمل جديد. أما ما يميز الرواية الجديدة أن هناك من الروائيين من يهتم بالشكل على حساب المضمون، وهناك روائيون آخرون يهتمون بالمضمون على حساب الشكل وهناك من يتقاطع مع الواقع والتاريخ، وهناك من يشعر أنه مجرد صدى لنصوص وقراءات سابقة، لكن هذا لا يمنع من وجود أسماء في الرواية الجديدة، حيث نلاحظ ترسخ الكتابة الجديدة من ناحية الكم، فمثلا هذه السنة ظهر أكثر ما يقارب من 15 كتابة روائية ما يدل على اهتمام الجيل الجديد بالرواية الجديدة. لماذا برأيك أصبح الكثير من الأدباء يلجأون إلى الرواية كنوع أدبي دون غيرها؟ الرواية الجديدة لم يعد لها عقد البداية، فهي حاضرة بقوة ولا تحتاج إلى غطاء خارجي لتقول إنها موجودة، فحضورها بشكل لافت في الصحافة الجزائرية والعربية دليل كافٍ على نجاحها رغم أنها في طور البداية. أما فيما يخص لجوء الشعراء والأدباء إليها فهو دليل قاطع على أن الرواية أصبحت ظاهرة إيجابية وأنها جنس مرن، فهي قابل لامتصاص الأجناس الأدبية الأخرى. ما هي مميزات الرواية الجديدة؟ الرواية الجديدة تهتم بالنص والمضمون والإبداع اللغوي بشكل كبير، كما أنها تتطرق لمواضيع تهدف لطرح تساؤلات أكثر من كونها نصوص تبحث عن الإجابة، بمعنى أنها ليست رواية يقينية لا تملك نظرة وجودية للواقع وللحياة، بل هي تنظر للواقع بنظرة نقدية ذات بعد عميق، هذا مع الاهتمام بتقنية السرد واللغة المستعملة. هل يمكن القول إن الرواية الجديدة تمردت عن الكلاسيكية؟ لا أعتقد ذلك، فالسياق الذي أنتج الرواية الجديدة يختلف تماما عن السياق الذي أنتج الرواية السابقة، وبالتالي لا أدري إن أنجزت قطيعة، أظن أن هناك اختلافا جوهريا بين المنظورين للكتابة. وفيما يخص الرواية المكتوبة باللغة الفرنسية، فالأمر يختلف تماما، فالمكتوبة باللغة الفرنسية لا تملك نفس أفق الكتابة ولا نفس أفق التجربة، لأن الرواية المكتوبة بالفرنسية أكثر حداثة من الناحية التقنية، وهذا لا يعني أنها الأفضل.