يلاحظ أن كل اللافتات والشعارات التي يرفعها المتظاهرون في مصر تطالب بالعدالة المصرية والتوزيع العادل للثروة، ما يؤكد فشل نظام مبارك في الاستجابة لمطالب الشعب المصري على مدار العقود الماضية، هل هذا يعني أن الحديث عن استقرار الاقتصاد المصري والتنمية المسجلة مجرد كذبة؟ ليس كذبة فقط وإنما وهم طال الحديث عنه، الاقتصاد المصري يتخبط منذ فترة طويلة، فقد رفعت الدولة المصرية يدها عن المرافق والخدمات الأساسية المنصوص عليها في المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والتي صادقت عليها الحكومة المصرية على غرار التعليم، الصحة، السكن وغيرها الكثير من القطاعات التي منحت للقطاع الخاص، الأمر الذي أدى إلى إطلاق يد القطاع الخاص للتحكم بالسوق المصري والاستثمارات وبالتالي بحياة الغالبية العظمى للمصريين، إذ انعدم مبدأ العدالة في توزيع الثروات· فقد أصبحت أقلية تتمتع بثروات ناتجة عن المال العام مقابل أقلية تركت تتدبر أمرها في كل مجالات الحياة بطرقها الخاصة· لا بد من التذكير أن النظام المصري على مدار ثلاثين سنة من حكم مبارك لم ينجح في إيجاد حل لمشكلة النمو الديمغرافي، في كل 30 ثانية يولد مصري جديد وبالتالي تحدي جديد· عدد سكان المدن الفوضوية يقدر رسميا بأكثر من 14 مليون شخص، هذا الرقم مهول· هناك إحصائيات دولية تفيد أن نصف الشعب المصري يعيش حالة من الفقر؟ بغض النظر عن الأرقام والإحصائيات المتداولة إذا كان الفقر يعني الحالة التي لا يستطيع فيها الفرد العامل الحصول على الحاجات الأساسية المتمثلة بالغذاء والمسكن والملبس والتعليم والصحة من خلال الراتب الذي يتحصل عليه من عمله، فإني أعتقد أن أكثر من نصف المصريين يعيشون تحت خط الفقر، نحن نتحدث عن أكثر من أربعين مليون مصري يعيشون بأقل من دولار في اليوم· هناك توزيع غير عادل للثروات في مصر لدرجة فاضحة، مصر تحتل المرتبة الثانية في ارتفاع معدلات الفقر بعد اليمن في المنطقة العربية· لا بد من التذكير أن هذه الأرقام تأتي في الوقت الذي يضطر فيه المواطن المصري لتأمين كل حاجياته بنفسه دون أي مساعدة من الدولة المصرية، سواء تعلق الأمر بالسكن، الصحة أو التعليم· بلغة الأرقام نذكر أن مصر تنفق على التعليم أقل من 5 % من ميزانيتها السنوية، الأمر الذي جعل نسبة الأمية تقفز لحدود 30% ما يعني أن ثلث المصريين أميين، كما أن التأمين الصحي لا يشمل إلا 40 % من المصريين ما يترك البقية تتحمل أعباء العلاج على حسب قدرتها· يمكن المواصلة في مثل هذه الإحصائيات التي تشير بكل صراحة إلى أن نظام مبارك لم يقدم أي إيجابيات لغالبية الشعب المصري وأن التطور والتنمية اقتصرت على أقلية من حاشية النظام، وفي اعتقادي الخاص أنه لهذه الأسباب انتفض المصريون واستجاب لنداء هذه الثورة أبناء الطبقة الوسطى والمهمشة ممن اعتمدوا على أنفسهم في تكوين أنفسهم دون أي مساعدة من الدولة المصرية·