تعود ''الجزائر نيوز''مع علي فوزي رباعين للحديث عن خلفيات دعوة مناضليه، شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة لقيادة حزب ''عهد 54''، وعلاقته بالحركة التصحيحية· ويكشف رباعين في هذا الحوار أيضا عن تفاصيل اتصالاته بالأممالمتحدة على خلفية الرئاسيات، كما يعطي الرجل نظرته عن الجدل الدائر حول الحركى وأبناء الشهداء، فضلا عن قراءته السياسية لعدم تغيير الحكومة عقب الرئاسيات ومصير العفو الشامل· انتهيتم، مؤخرا، من اللقاءات الجهوية التي أعقبت المجلس الوطني، ما هي الخلاصة التي خرج بها الحزب؟ قبل اللقاءات الجهوية كانت الجامعة الصيفية، تطرقنا خلالها إلى الدستور والقانون الداخلي والأساسي للحزب، واستنتجنا عدة أمور لها أهميتها السياسية لحزبنا كمادة من مواد الدستور التي تخص الثلث الرئاسي في مجلس الأمة، والذي نطالب بإلغائه· فلا نستطيع، من جهة، القول بأن الدولة تسيّر بالديمقراطية والإرادة الشعبية التي تمثلها المجالس المنتخبة، ومن جهة أخرى يتم تعيين أشخاص، وليس انتخابهم، في الهياكل نفسها، فهذا تناقض· وخلاصة الجامعة الصيفية هو المطلب الشعبي الخاص بإعادة الهيكلة والتواجد في الولايات التي لم يكن فيها الحزب متواجدا كما ينبغي، وفي مناطق أخرى عرفت خللا تنظيميا، وكان الحديث أيضا عن الاستحقاقات القادمة وعن كل الأوضاع التي تعني المواطنين· اللقاءات الجهوية والجامعة كانت أيضا لإجراء حملة تحسيسية للمناضلين من أجل التقرب أكثر من المواطنين والتعريف أكثر بعهد .54 وما كان حظ الخلافات الداخلية في اللقاءات؟ الحزب يحكمه قانون أساسي ونظام داخلي فيهما من الوضوح والدقة ما يكفي لأن تكون الأمور مستقرة داخل عهد 54، فنحن لسنا بالحزب الواحد حتى نُظهر للجميع بأنه لا توجد خلافات، وفي آخر دورة للمجلس الوطني ما قبل الرئاسيات ناقشنا مسألة الترشح، وجرى النقاش بكل شفافية ووضوح وديمقراطية، هناك من الأعضاء من ساندوا الترشح ومنهم من رفضوا، وهذا أمر طبيعي· لكن هذا الخلاف ظهر أكثر بعد الرئاسيات، هل تكون النتائج التي أحرزتموها وراء تصعيد الخلاف؟ لا علاقة للخلافات بالنتائج ولا بوجهة الحزب السياسية ولا بمواقفه، وإذا أردتم الاطلاع على شريط الفيديو الذي تظهر فيه محتويات كل التدخلات خلال دورة المجلس الوطني، فلكم ذلك، الأشخاص المعنيين أو الذين يسمون أنفسهم بالتصحيحيين أخذوا كلمتهم بالقدر الكافي· وللإشارة لم نفهم إلى حد الآن ماذا حدث لهؤلاء بالضبط، فمباشرة بعد المجلس الوطني المنعقد في 30 أفريل الماضي بدأ هؤلاء في الإعلان عن هذه الحركة التصحيحية وهم لا يتجاوزون خمسة أو ستة أشخاص مدعومين من قبل بعض الوسائل الإعلامية· والغريب أن طبيعة وخلفيات التدخلات التي قام بها هؤلاء الأشخاص داخل اجتماع المجلس الوطني ليست مماثلة لتلك التي قرأناها على صفحات الجرائد· هناك من يقول بأن الخلافات الداخلية اندلعت بسبب شبهات في صرف أموال الرئاسيات؟ نحن حزب معتمد، لدينا تقارير سنوية نقدمها لوزارة الداخلية تحت إشراف محافظ حسابات وخبير في المحاسبة، والأمر نفسه بالنسبة للرئاسيات، وإن لم تخني الذاكرة فقد قدمنا تقريرا خاصا بالرئاسيات بتاريخ 13 جوان، وحصلنا على مليار سنتيم ونصف قبيل انتهاء الحملة الانتخابية ومصاريفنا واضحة ومبررة، وبالتالي غير المطلعين على أمور الحزب وشؤونه بإمكانهم قول أي شيء، والمبلغ المالي الذي قدم لنا لو منحنا منه لمكاتبنا مليون سنتيم في كل بلدية في الجزائر، سنحتاج إلى مبلغ 40 مليون سنتيم إضافي، فقضية الأموال واضحة، فمنذ 97 وتقارير حساباتنا موجودة لدى السلطات المعنية، وأردت هنا أن أفتح قوسا حول الحركات التصحيحية التي أصبحت موضة، يؤسفني أن أقول بأنه توصلنا إلى حقيقة مفادها أن ما يسمى بالتصحيحية لا أساس لوجودها لأنها تدعم من قبل الصحافة التي تؤججها، فمشاكل المواطن والدولة أهم بكثير من هذه الأكاذيب والتلفيقات، التي أضحت مثل مسلسلات الصيف· قلت بأنك سترفع تقريرا للمنظمات الدولية للتحقيق في نتائج الرئاسيات، ما هي آخر الأخبار؟ هذا الأمر قلته خلال الحملة الانتخابية، التقيت وفدا استدعي من قبل الحكومة التي استدعتنا بدورنا للقائه، ولهذا من المنطقي والشرعية والشفافية أن نلجأ إليه إذا وقع أي تجاوز، فقمت برفع تقرير تقني إلى الأمين العام لهيئة الأممالمتحدة خلاصته أنه لم تكن هناك مساواة في التعامل مع المترشحين من قبل السلطات العمومية، والشيء نفسه بالنسبة للجانب المالي، وأنه وقع تزوير في بعض المناطق وأن وسائل الإعلام لم تغط كل المترشحين، وقرارات اللجنة السياسية المستقلة لمراقبة الانتخابات، وبالتالي من المستحيل أن تكون مجموعة من شخصين أو ثلاثة هي من تحرك الأمور ضدنا، فاتخذنا قرارات قانونية في لجنة الطاعة ضد هؤلاء، حيث تم فصل إثنين منهم، بينما سندرس طعون أربعة أو خمسة آخرين، فالأمين الولائي للعاصمة على سبيل المثال لا يمثل شيئا، فمكتبه فارغ وليس لديه من يسانده، أليس الأمر مضحكا· قلت بأن شخصين أو ثلاثة لا يمكن أن يشكلوا حركة تصحيحية، هل تريد أن تشير إلى ما طرحوه على السعيد بوتفليقة مطالبته بقيادة الحزب بدلا عنك؟ أولا، يجب الإشارة إلى شخصيات هؤلاء، فعدم قدرتهم على جلب تزكيتهم من قبل المناضلين، جعلهم يطرحوا اسم السعيد بوتفليقة لجلب الانتباه، وبالتالي محاولة للتأتير على القاعدة، فقد فعلوا ذلك من قبل في الرئاسيات عندما أراد أحدهم في عنابة أن يرشح اليامين زروال باسم ''عهد .''54 هل أفهم بأنك تنفي عن السعيد بوتفليقة أي علاقة بالحركة التصحيحية، وأنه تم استعماله فقط؟ بطبيعة الحال، فقد ذكرت لك مثالا عن محاولة ترشيح الرئيس السابق زروال باسم ''عهد ''54، نحن حزب يناضل من أجل أوضاع سياسية واجتماعية تهم الشعب، كما لنا شؤون حزبية داخلية كثيرة· أما هذه السفسطة التي ليس لها أي معنى، ولا تهمنا، لأنه ليس لها أي تأثير في المجتمع، فالسعيد بوتفليقة لا يحتاج إلى مناضلي ''عهد ''54 إذا كانت له النية في إنشاء حزب سياسي، له ما يغنيه عن كل هؤلاء، فالقضية تشبه قضية اليامين زروال، البارحة هو واليوم السعيد بوتفليقة وغدا لا أدري على من الدور، إذن أعتقد أن لا شأن له بالحزب أو بهؤلاء، فهم مجرد أغبياء· أما عن مسألة تكذيب علاقته بهم أو تأكيدها، فذلك أمر يخصه ولا شأن لنا به· لو عدنا إلى ما رفعته للهيئة الأممية، هل يمكن أن توضح لنا تفاصيل الاتصالات ونتائجها؟ اللقاء تم مع وفد الأممالمتحدة بأحد فنادق العاصمة، فقد أودعنا معهم ملفا تقنيا لديهم بالجزائر وآخر أرسل عن طريقهم إلى الأمين العام بان كي مون، هذا الأخير قام بتنبيه ممثل الجزائر لدى الهيئة العالمية بالتقرير المرفوع من قبل أحد المترشحين للرئاسيات يقول فيه عكس ما تم الإدلاء به رسميا، وبعد ذلك قام ممثلنا الأممي بإبلاغ السلطات الرسمية الجزائرية عن محتوى ما جرى، وبلغني بعد ذلك انزعاج العديد من الجهات بما قمت به بعد أن علمت السلطات بالأمر، وكان من بين الأمور التي تضمنها التقرير كوني تحصلت على صفر أصوات في بلدية من البلديات وللحزب فيها نائب أول لرئيس مجلسها الشعبي البلدي، وهذا أمر غير معقول ومضحك، مثله مثل النسبة النهائية للرئاسيات· هل لنا أن نعرف الجهة الأولى التي بلغها التنبيه الأممي؟ ما طلبه مني الأمين العام بان كي مون عن طريق ممثليه لجمع بعض مكونات الملف أمور جرت في الساحة السياسية، لكن هنا يجب أن أشير إلى أن علاقتنا بالهيئة علاقة سياسية مع الشخصية الوطنية والغيرة على البلاد، فتصرفات الحكومة ضد حزبنا غير مقبولة· ثم كيف نتهم بالخيانة عندما نتعامل معها وهي التي جاءت لمراقبة الإنتخابات بدعوة رسمية· إذن كيف نسي من جاء بها في هذه الحالة! وماذا عن توصيات اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات، التي أوصت هي الأخرى بالتحقيق؟ أمر طبيعي أن لا يتم التحقيق، وبقاء الأمور شكلية ما دام الانتخابات في الجزائر لا تمر شفافة، ونحن كنا قد طالبنا بتغيير صلاحيات اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات قبل مجيء المنظمات الدولية، لكن دون جدوى· ما هو تفسيرك لعدم تغيير الحكومة بعد الرئاسيات؟ هذه إشارة إلى أن ما قدمته الحكومة السابقة إيجابي، هي نتيجة حتمية لنتيجة الرئاسيات، فأنت مواطن مثلي، هل تغيرت الأمور طبقا للوعود التي أطلقت بخصوص الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وما نأسف له، هو توفر كل مقومات التنمية لكن استغلالها غير طبيعي، فأصبحنا نخاف من احتضان أي مناسبة دولية، وأصبحت المناسبات الاجتماعية كالدخول المدرسي وحلول رمضان والأعياد من الأمور التي تلهب المجتمع، ولهذا نطلب من كل من قدم خدمة للجزائر في حزب التحرير عليه الآن أن يترك مكانه لجيل جديد في السلطة، لأننا الآن في وضع مختلف والمطالب ليست واحدة والأهداف كذلك· هناك من يقول أن خلافا داخل السلطة عطل التغيير الحكومي؟ هذا الأمر لا يهم الخوض فيه ولو أنني أعلم أمور كثيرة، أهمها أن جزءا من الجيش لا يزال يحكم في الجزائر، وربما قد يحصل تغييرا عما قريب· هل ترى بأن الجزائر مستعدة للدخول في مرحلة العفو الشامل؟ قبل العفو الشامل، علينا أن نقول ماذا قدمت لنا المصالحة الوطنية من إيجابيات وسلبيات، لا نقبل أن يكون إرهابيا تورط في دماء الجزائريين أرفع مكانة من المواطن الجزائري الذي كان يكابد الأحزان طيلة عشرية، ولا تقل لي أن الاستفتاء الذي صدر هو من قرر لأنك تعلم بأن سياسة الأرقام في الجزائر مربوطة بقرارات النظام· تمنينا أن تكون مصالحة لكن مصالحة يشرف عليها قطاع العدالة وحده، ثم لا نستطيع أن نقوم بتبييض من قاموا بجرائم إنسانية، بل لابد من محاسبتهم، فمازلنا نرى سقوط الشهداء وسط أسلاك الأمن، إذا لا يجب أن تكون المصالحة والعفو ورقتان سياسيتان في يد جهات معينة، فتطبيق العفو الشامل يستلزم نتائج إيجابية للمصالحة الوطنية· هناك من قال بأن فوزي رباعين قضى على نفسه سياسيا بموقفه الأخير من الحركى والقول ''لِمَ لا العفو عنهم''، ما قولك؟ ماضي العائلة الثوري لا داعي لأن نثيره، لأن الجميع يعرفه، ومن يملك ماضي ثوري ونضال في سبيل الجزائر لا يقول مثل هذا الكلام، بل قلت إنه لا يمكن العفو عمن تورط في جرائم ضد الجزائريين، وانظر اليوم كيف تحوّلت ساحة الحركى والمجاهدين بسبب التضارب الواقع في الصحافة، وخذ لك مثال على ذلك والد خالد بونجمة وأنيس رحماني، فلم نعد نميز بين الشهيد والحركي والمجاهد، حيث أصبحت قضية ''الحركى'' ورقة سياسية من قبل أطراف في السلطة، فمن المفترض أن من ثبت تورطه من الحركى ضد الجزائريين أن يحاكم منذ 62، لكن الغريب أن لا تجد السلطات حركي واحد لمحاسبته أمام العدالة، ومن المسؤول·· جبهة التحرير الوطني· هل أنت مع إجراء تحقيق حول الماضي الثوري لبعض المسؤولين؟ أنا ليس لديّ أحقاد·· أنا ابن شهيد، وربما العفو الذي يمكن أن أصدره لا يقدرون على منحه، يجب كتابة تاريخ بلادنا بنزاهة وليس على الطريقة التي طرحت في عهد الشريف مساعدية، كتابة أحداث تاريخية دون ذكر أسماء الثوريين، فقد استعملوا ابناء الحركى ضدّنا، يوم دخلت السجن وأسست جمعيات، كانت ''أصدقاء الجزائريين'' التي كانت تحت لواء جبهة التحرير الوطني تنظم في أبناء الحركى، وهذه الأمور مكتوبة ورسمية·