يواجه العقيد الليبي مصيرا غامضا، بعد سقوط مدينتي مصراتة والزاوية القريبتين من طرابلس وتخلي ابن عمه أحمد قذاف الدم عليه، ويبدو أن العد التنازلي لسقوط نظام القذافي بات وشيكا مع بدء معركة طرابلس· شكّلت استقالة مبعوث القذافي أحمد قذاف الدم من منصبه وطلبه للجوء السياسي في القاهرة ضربة قاضية للعقيد الذي بقي محاصرا في قاعدة باب العزيزية العسكرية، مع بدء معركة طرابلس، حيث قتل عدد من الليبيين وجرح آخرون، أمس، في مواجهات ببعض أحياء العاصمة طرابلس بين مناصري العقيد معمر القذافي ومناوئيه الذين خرجوا في مظاهرات احتجاجية بعد صلاة الجمعة وجددوا مطالباتهم برحيله· وقال شهود عيان إن شخصين على الأقل قتلا وأصيب آخرون بجروح في أحياء فشلوم وزاوية الدهماني وبن عاشور والسياحية· وأضافت المصادر سماعها إطلاق نار كثيفا حاليا في أحياء بن عاشور وفشلوم وشارع الجمهورية وسوق الجمعة في طرابلس· وقال شاهد عيان من طرابلس، إنه كان في ميدان الجزائر الشهير بطرابلس، حيث خرج آلاف المصلين للتظاهر والتنديد بالخطبة الموحدة التي ألقاها أئمة المساجد وكانت معدة مسبقا من قبل السلطات· وقال الشاهد إن المتظاهرين هتفوا ''بالروح والدم نفديك يا بنغازي'' قبل أن يفاجأوا بإطلاق كثيف للرصاص الحي من سيارة باغتتهم، مؤكدا سقوط عدد من القتلى والجرحى· وعبّر عن خشيته من ارتكاب مجزرة بسبب دخول الكتائب الأمنية للبيوت تعقبا للمحتجين· وقال إن طرابلس كلها محاصرة وسط عمليات كر وفر بين المحتجين وقوات الأمن في شارع الزاوية تحديدا، حيث استدعيت قوات كبيرة من الكتائب والدعم المركزي· وأكد أن منطقة فشلوم مقفلة وقد سقط فيها عدد من الشهداء، مشيرا إلى أن الكتائب الأمنية ما زالت تحاول اقتحامها· في هذه الأثناء، تواترت أنباء عن انضمام قاعدة ''معيتيقية'' الجوية في طرابلس إلى الثوار، وأعلن التمرد فيها على القذافي· كما علمت مصادر إعلامية بانضمام قوات من الجيش إلى المحتجين في تاجوراء المتاخمة لطرابلس وتحركهم باتجاه الساحة الخضراء أهم ميدان في العاصمة· وبينما تصاعدت المظاهرات في مدن ''محررة'' شرق البلاد، نجح المحتجون في الاحتفاظ بسيطرتهم على مدينتيْ الزاوية ومصراتة القريبتين من طرابلس، وصدوا هجمات مضادة نفذتها في الساعات الماضية القوات الموالية للقذافي· وتواصل الكتائب الأمنية مساعيها للسيطرة على المدن المجاورة للعاصمة· وقد شنت تلك القوات هجوما الليلة الماضية على مدينة الزاوية، إلا أن سكانها تمكنوا من صده، وفق ما أفاد به شهود عيان· وقالت مصادر إن المعارك أدت إلى سقوط نحو مائة قتيل، حيث جرى تبادل لإطلاق النار في شوارع المدينة، كما تم إشعال النيران في عدة مبانٍ بينها مقر للشرطة· ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن شهود عيان، أن عددا من الأهالي كانوا يحملون بنادق صيد للدفاع عن المحتجين، وأشاروا إلى أن المهاجمين استخدموا الرشاشات المضادة للطائرات لقصف منارة المسجد· ومن جانبها، نقلت وكالة رويترز عن شهود عيان أنه لم يعد هناك وجود لقوات الأمن الليبية داخل مدينة الزاوية· وبث التلفزيون الليبي اتصالا هاتفيا نسبه للقذافي -وإن شكك البعض في صحة ذلك- حيث قدم المتحدث تعازيه في القتلى ووصفهم ب ''أبناء ليبيا''، كما دعا إلى الهدوء، واتهم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بتدبير الانتفاضة عليه، كما كرر اتهاماته للمحتجين بأنهم ممن يتناولون ''حبوب الهلوسة''· وعلى غرار ما حدث في الزاوية، الواقعة على بعد 50 كلم غرب طرابلس، شهدت مصراتة، الواقعة على بعد 200 كلم شرق العاصمة، نجاحا في التصدي لهجوم شنته القوات الحكومية· ونقلت وكالة رويترز عن شهود عيان، أن الهجوم على مصراتة قام به اللواء رقم 32 الذي يقوده خميس نجل القذافي، والذي يعد -حسب الوكالة- من أقوى ثلاث وحدات لحماية النظام، حيث يتكون من نحو عشرة آلاف فرد، ويتسم أفراده بأنهم مسلحون بشكل أفضل، كما أنهم أكثر ولاء للقذافي من باقي وحدات الجيش· وذكر موقع جريدة ''قورينا'' أن إحدى الكتائب الأمنية شنت هجوما على مطار مصراتة، غير أن المتظاهرين تصدوا لها وأجبروها على الهرب، ثم شكلوا لجنة من الشباب للمحافظة على المطار من المرتزقة والكتائب الأمنية، في حين دعا رائد في سلاح الجو الليبي الطيارين الليبيين إلى النزول في مطار مصراتة بعد سيطرة الثوار عليه· وكان الثوار قد أعلنوا، مؤخرا، سيطرتهم على مصراتة وكذلك مدينة زوارة، وذلك بعدما أحكموا سيطرتهم على معظم المناطق في شرق البلاد، وفي مقدمتها بنغازي ثانية المدن الليبية الكبرى بعد طرابلس· وتقول وكالة رويترز، إنه بعد أربعة عقود من القمع أدت إلى تلاشي المعارضة المنظمة، لم تتضح بعد طبيعة الجهات الحاكمة الجديدة في المدن الشرقية، ولم يكن هناك الكثير من المؤشرات على وجود إسلاميين متشددين بين جموع المحامين والأطباء وزعماء القبائل وضباط الجيش الذين شكلوا لجانا شعبية لإعادة النظام· وفي تسجيل فيديو، نفى القيادي السابق في الجماعة الليبية المقاتلة عبد الحكيم الحصادي ما جاء في خطاب القذافي من اتهامات له عن نيته إقامة إمارة إسلامية في مدينة درنة بشرق ليبيا· ومن جهة أخرى، نقلت مصادر إعلامية من مدينة طبرق مشاهد توضح جسامة الاعتداءات التي تعرّض لها المتظاهرون على أيدي المسلحين التابعين للقذافي، قبل أن تخرج المدينة عن سيطرة النظام· كما بثت قنوات صورا تظهر انضمام بعض عناصر الجيش إلى الثوار في مدينة الزاوية، أول أمس، وكذلك إعلان عناصر من الجيش والشرطة في منطقة أجدابيا انضمامها إلى الثوار· وفي مدينة البيضاء، نجح الثوار في اعتقال عدد من المرتزقة كانوا يقاتلون إلى جانب القوات الحكومية، حيث تم وضعهم تحت الحراسة في بعض المدارس، إضافة إلى عناصر من قوات الأمن الليبية، حسبما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية· ومع تردد تقارير عن نشر القذافي وأبنائه قوات مرتزقة إفريقية ورجال قبائل موالين لهم، قال وزير ليبي سابق استقال من حكومة القذافي هذا الأسبوع، إن العقيد سيفعل ما فعله الزعيم النازي هتلر وينتحر· استقالة سفير ليبيا في فرنسا قال مسؤول ليبي، إن سفير ليبيا في فرنسا، ودبلوماسيا آخر من طرابلس استقالا أمس الجمعة، تأييدا لإحتجاجات على الزعيم الليبي معمر القذافي· وقال مسؤول طلب عدم نشر إسمه من مكاتب ليبيا بمقر منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، ومقرها باريس، لرويترز''أؤكد··· أنهما يساندان الشعب''· وقال المسؤول إن سفير طرابلس في فرنسا محمد صلاح الدين زارم، وسفيرها باليونسكو عبد السلام القلالي استقالا· وكان السفير والدبلوماسي الليبيان موجودين في سفارة ليبيا بباريس، مع نحو 12 طالبا عنفوهما بشأن موقفهما من الحكومة الليبية الحالية· وهتف طالب للصحفيين من داخل مبنى السفارة قائلا: ''لم نكسر شيئا· مزقنا صورة الدكتاتور في بلادنا ولا نتعاطى حبوب الهلوسة مثلما يقولون''· وكان الدبلوماسيان الليبيان قالا في وقت سابق من هذا الأسبوع أنهما يساندان الإحتجاجات لكنهما لم يقدما استقالتيهما· أمين عام حلف الأطلسي: فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا لم يناقش بعد قال أمين عام حلف شمال الأطلسي اندرس فو راسموسن، أمس الجمعة، أنه لم تتم بعد مناقشة فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا· وقال راسموسن، في مؤتمر صحفي عقب اجتماع لوزراء دفاع دول الإتحاد الأوروبي، حضرته أيضا مسؤولة السياسة الخارجية بالإتحاد، كاثرين اشتون ''هذا النهج بعيد المدى يتطلب شرعية دولية شديدة الوضوح وبالخصوص تفويض من الأممالمتحدة''·