بعد أن قضت سنوات الديكتاتورية والفساد على أي حس فني في ''هوليوود الشرق''، وكاد هذا اللقب أن ينقرض من تعريفات ''القاهرة'' نظرا لتراجع الدور الريادي لأم الدنيا في صناعة الفنون والثقافة، وبعد أن أضحت ''الأغنية الوطنية'' تمثل آخر اهتمامات الجيل الجديد من المصريين، إن لم نقل إنها أصبحت شارة ''زيف'' ووسيلة ''لذر الرماد على العيون'' في ظل سيادة قيم ''النفاق السياسي'' الذي مارسه بعض الفنانين لحاجة في أنفس ''الحكام'' الذين تنازلوا طواعية عن اعتبار ''الشعب سيد وطنه'' وجعلوا من البلاد ضيعة لهم ولفناني البلاط·· ها هي الثورة تعيد الصورة لبروازها المعهود· لتغرد الأغنيات الوطنية من موبايلات الشباب الذين جعلوا منها نغمتهم الخاصة والمميزة·· إنها ثورة تمارس فعل القطيعة مع النظام السابق بكل منتجاته ومخرجاته الزائفة· ولم يعد غريبا بعد هذه الثورة التي صنعت بأيدي الشباب وتأييد الشيب·· أن تصبح أغنية ''إزاي'' لمحمد منير هي أيقونتها المفضلة تصدح في كل شارع وبيت، تفاجئك بإطلالتها عبر كل القنوات التلفزيونية والإذاعية، أو تقفز من الهواتف النقالة عند كل اتصال: ''إزاي سيباني بضعفي، طب ليه مش واقفة في صفي، وأنا عشت حياتي بحالها، عشان ملمحش في عينيك خوف، وفي بحرك ولا في برك، إزاي أحميلك ظهرك، وأنا ظهري في آخر الليل، دائما بيبات محني ومكشوف''· تنتقل لموقع آخر فتجد شاباً في العشرين من ربيعه يستمتع بأغنية أخرى مخلدة لشهداء 25 يناير: ''يا بلادي يا بلادي أنا بحبك يا بلادي، ''قولوا لأمي ما تزعليش، وحياتي عندك ما تعيطيش، قولوا لها معليش أموت وبلدنا تعيش، أمانة تبوسوا أيديها وتسلموا ع بلادي، لآخر نفس فيا بنادي، أموت أنا في حب بلادي''· هكذا انتقلت النقمة إلى نغمة صداحة راقية تتغنى بالحرية وبالشهيد وبكل المعاني السامية في ''عشق الوطن''، وهكذا انتقل الشباب من حالة اللامبالاة إلى حالة الفعل الثوري الممزوج بغناء الحرية العالي، الذي لا تفيق منه إلا لتتعثر بآخر أكثر جمالا وبهاءً· إثنين من الشباب المتظاهرين هدتهم الفكرة إلى تخليد اللحظة / التاريخ، فراحوا يكتبون ويلحنون للحرية، وليس مصادفة أنها حملت عنوان ''صوت الحرية'' من كلمات وألحان أمير عيد·· وغناء هاني عادل: ''نزلت وقلت أنا مش راجع، وكتبت بدمي في كل شارع، سمعنا اللي ما كنش سامع، وانكسرت كل الموانع، سلاحنا كان أحلامنا، وبكرة واضح قدامنا، من زمان بنستنى، بندور مش لاقين مكانا، في كل شارع في بلادي - صوت الحرية بينادي''· إنها أغنية التتويج لهذا ''النضال'' الذي فشلت كل وسائل الدولة القمعية من إجهاضه، لأن صوت الحرية كان أعلى وثمنها أنفس وأغلى من أن يندثر، وكما ألهمت هذه الثورة أبنائها المصريين والعرب، فقد امتد الأمر إلى كافة الأحرار في العالم ليس على المستوى السياسي فحسب بل حتى على المستوى الفني حيث حرص ''ٌjay same'' الفنان الأمريكي إلى تأليف وتلحين أغنيته الجديدة التي عنونها ب ''ثورة التحرير'' أو ''Tahrir Revolution'' لتصبح الثورة المصرية أغنية تتردد في كل بقاع العالم· مكتبة الإسكندرية تقيم نصبا تذكاريا لشهداء ثورة 25 يناير أعلنت مكتبة الإسكندرية أنها خصصت مكانا في (ساحة الحضارات)، أمام كبرى قاعاتها لإقامة نصب تذكاري ''لشهداء ثورة 25 يناير'' التي نجحت في الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك· وقال إسماعيل سراج الدين، مدير المكتبة، إن فريقا من الباحثين يعكف على اختيار تصميم للنصب وحصر ''أسماء الشهداء'' والتوثيق ''للثورة من خلال الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو والبيانات والمنشورات''· وأضاف في مؤتمر ''الشباب·· ثورة التغيير'' الذي افتتح يوم السبت بحضور 600 شاب مصري وعربي، إن الشباب ''أبطال ثورة 25 يناير فجروا أعلى القيم السامية من خلال الثورة التي ضربت مثلا للعالم أجمع، حيث تلاحم فيها الشعب بمختلف توجهاته الدينية والسياسية والفكرية''·