بعد طول ترقب وانتظار، تمّ الإفراج على أمير الراي الشاب مامي الذي لم يتوان بمجرد استعادته طعم الحرية، عن مفاتحتنا بحديث حميم، كاشفا أولى انطباعاته ومجمل تطلعاته خلال الأيام القادمة. يرى بعض المحلّلين السياسيين أن الربيع سيكون أطول مواسم سنة .2011 فلهيب الثورة العربية يمتد شرقا وغربا ويتجاوز حدود الديكتاتوريات المتّحدة. والشاب مامي يعيش، منذ أيام سجن مولان، في تواصل وتفاعل مستمرين مع تحوّلات الشارع ويقول: ''أتابع ما يحدث من تطوّرات ميدانية. أبارك الثّورات العربية. أعتقد أننا نشهد اليوم ميلاد جيل جديد من الشباب، قادر على فرض منطقه وإسماع صوته''. ويبتسم صاحب ''بلادي'' معقبا: ''من الصّدف أن خروجي من السّجن تزامن مع بداية الرّبيع واتساع مدّ الثورات العربية. توقيت أراه جد مناسب ويحمل معنى وقيمة رمزية''. قرّر بعض المغنين المعروفين، أمثال محمد منير، شيرين عبد الوهاب وحسين الجسمي، ضمّ صوتهم إلى صوت الشباب المرابط في الشوارع والساحات العمومية، المطالب برفع سقف الحريات الفردية، من خلال إطلاق أغانٍ وكليبات تضامنية. وهو مسعى يفكر فيه أيضا مامي (أو محمد خليفاتي) الذي يصرّح: ''سأحاول الغوص قليلا في تداعيات و تقلبات الوضع والتفكير في أغنية تليق بحجم وقيمة الثورات العربية''. أحمد وهبي الذي لم أر! المعروف أن الشاب مامي شرع في شقّ طريق النجومية بداية من سنة 1982 بعدما حاز المرتبة الثانية في الحصة التلفزيونية ''ألحان وشباب''، المرتبة الأولى آنذاك كانت من نصيب المغني محمد لعراف، ولاقى الإعجاب بأداء أغنية ''المرسم'' وفق ألحان الشيخ بلاوي هواري. أغنية اعتقدنا أنها تمثل المعلم الأهم في تجربة المعني. لكنه يحيلنا إلى ''العراب'' الذي استلهم منه الجزء الأهم من شغفه الموسيقي قائلا: ''إنه أحمد وهبي، بلا منازع. تمنيت الغناء معه قبل أن يفارق الحياة الدّنيا''. علاقة مامي بالراحل أحمد وهبي تبقى جد روحانية. فلم وقعت عيناه على كتاب ''أعراس النار... قصة الراي'' قلب الصفحات بحثا عن الفصل المخصص لوهبي وعقب: ''الراحل احمد وحده يستحق كتابا كاملا!''. لم تغيّر السنة والنصف التي قضاها صاحب ''علاش!علاش!'' خلف القضبان، من سجن ''لاسونتيه'' إلى سجن ا''مولان''، من طباعه. فاللهجة الجزائرية بقيت نفسها وحرارة الحديث والتفاعل مع الآخرين ذاتها. النبرة الوهرانية: ''واه!...صاحبي!...وغادي!'' تحمل حنينا للوطن على لسان ابن سعيدة الذي يشير: ''من المفترض أن أعود إلى الجزائر خلال الشهر المقبل. والله غير توحشت بزاف لبلاد؛. وأوضح لنا المحامي خالد لزبر، المكلف، من الآن فصاعدا، بأعمال الفنان، أن ''مامي يمتلك حق السّفر والخروج من فرنسا. ولكنه يبقى تحت مراقبة قضائية تفرض عليه سلوكا حسنا'' وهو شرط ممكن بحكم أن مامي يتمتع باستقلالية واستقرار مهني وشخصي في فرنسا. ''مقدرة'' لكنني سأنساها! بمجرد الإعلان عن إطلاق سراح أمير الراي عبّر لنا بعض أبناء الجالية الجزائرية، بحي برباس، بباريس عن عميق سعادتهم بالنبأ وعن شغفهم برؤية المغني يعتلي مجددا الخشبة، ويردّ مامي: ''حفلي الأول سيكون في الجزائر العاصمة. أريده رسالة عرفان وشكر للجزائر و كل الجزائريين الذين ساندوني في محنتي''. هذه المحنة التي يريد تجاوزها من خلال الانطلاق، خلال الأسابيع القادمة، في تسجيل البوم جديد، بأستديو خاص بوهران، سيحمل مبدئيا عنوان ''مقدرة'' يفصّل بعض مضمونه: ''سيتضمن أغاني لا علاقة لها بالفترة السوداء التي عرفتها. أريد طيّ الصفحة كلية. سأؤدي أغان تتحدث عن المواضيع الراهنة التي تعودت عليها''. المتحدث نفسه يعتقد أنه ما يزال يتمتع بالقدرة الصوتية نفسها وقادر على إعادة الانطلاق مجددا، ''بل بأكثر قوة'' يعقب. كما ينوي العودة إلى ألبومه الأخير ''ليالي''(2006) الذي لم يلق الترويج الذي يستحقه بالنظر إلى أن صدوره تزامن مع بداية المتابعات القضائية. ألبوم حمل صبغة مشرقية وتضمن ثنائيات مع كاظم الساهر (اجلس في المقهى) وإليسا (حليلي). Le grand retour de la Génération Raï تميّزت نهاية الأسبوع الماضي بتنشيط الشاب خالد حفلا جماهيريا بقاعة ''جون فيلار''، بضاحية ''ارجونتاي'' الباريسية، ذات الغالبية المغاربية. حفل استقطب الآلاف من عشاق الكينغ الذي غنوا معه، طيلة أكثر من الساعتين، أشهر أغانيه وهتفوا طويلا بمغرب متحد، حاملين أعلام الجزائر، تونس والمغرب. واستغل الشاب خالد الفرصة بغية الإعلان عن العودة بالجديد قبل نهاية السّنة الجارية. عودة ينتظر منها أن تعيدنا إلى أجواء زمن الراي الجميل. شغف سنوات الثمانينيات. فالشاب خالد سيجد أمامه، مستقبلا، ''الغريم'' الذي يعد بعودة من ''الباب الواسع''. مما يبشر بنهاية سنة جد مميزة مع عودة ''الهرمين'' المنتظر منهما المساهمة في ترتيب بيت الراي الذي يتوجّب - حسب مامي -إعادة النظر فيه''.